الإجابة لا تحتاج إلي خبير نفسي أو محلل كروي أو باحث اجتماعي، فجمهور الكرة في مصر كان يشجع إنجلترا من كل قلبه ويتمني هزيمة منتخب الجزائر بين لحظة وأخري ويبتهل إلي الله أن يوفق الأخ «روني» ورفاقه في إحزار دستة أهداف في مرمي بديل «شاوشي» لكن القدر لم يمنح المصريين ما أرادوا مثلما لم يمنحهم تذكرة التأهل للمونديال وقدمت الجزائر عرضا قويا أمام جبابرة إنجلترا الذين لم يفعلوا شيئا طوال التسعين دقيقة بل إنني شعرت بأن هذه المباراة لو استمرت لمدة ثلاثة أيام لن يأتي فيها أي هدف خاصة أن الجزائر لم تكن تحلم بأكثر من التعادل المشرف (جدااااااااا) أمام إنجلترا بكامل نجومها. لذلك كان بديهياً أن يصاب أغلب الجمهور المصري بالاكتئاب وهو يشاهد مباراة الجزائروإنجلترا في كأس العالم لأنهم شعروا بأن الجزائر أثبتت وجودها وأكدت أحقيتها في الوصول للمونديال وردت علي كل ما أثير حولها في الملعب وأمام العالم وليس أمام وسائل الإعلام، لتؤكد أن وصولها لم يكن مجرد صدفة عابرة بل كان بجهد حقيقي مهما حاولنا إنكاره. كنت الشخص الوحيد الذي يجلس علي المقهي ويشجع الجزائر وفي كل فرصة ( أو حتي فاول) للمنتخب الجزائري ينظر إليّ كل من يجلس بجواري شذراً حتي لا أنفعل أو تبدو علي وجهي ملامح الفرحة، لكنني في الحقيقة كنت وقتها أتذكر ما قاله عمنا صلاح جاهين «أنا قلت مش ممكن بلادي تنقسم .. أرض الجزائر جزء من أرض القنال» رحم الله جاهين لو كان يعيش بيننا الآن لمات بالحسرة وهو يشاهد الجمهور المصري يفرح في هزيمة الجزائر ويحزن لعرضها الرائع والراقي أمام منتخب إنجلترا، لأنه لم يتخيل أن البلد الذي تغني باسمه ونحن نقف معه - ويقف معنا - في الحروب يأتي اليوم الذي نقف ضده فيه بسبب حروب كرة القدم. كمشجع كرة مصري كنت أتمني أن نكون نحن هناك في جنوب أفريقيا كممثلين للعرب بدلا من الجزائر وكنت «هموت» وأنا أتذكر أننا بسذاجتنا فرطنا في حلم المونديال رغم امتلاكنا أفضل جيل في تاريخ مصر من اللاعبين الموهوبين، بل لا أبالغ إن قلت إنه أفضل جيل في تاريخ أفريقيا لتحقيقه ثلاث بطولات متتالية بعد الفوز علي كل المنتخبات التي ذهبت لكأس العالم وتحطيم كل الأرقام بمدرب وطني وعظيم اسمه حسن شحاتة لكنه مازال يعيش علي ذكري أن الجزائر سرقتنا وذهبت بدلا منا «بالحظ» رغم أن هذا الحظ هو نفسه الذي ساندنا في كل البطولات التي حصلنا عليها «بعرق» لاعبين. يا جماهير مصر آن الأوان أن نعترف بأن منتخب الجزائر الذي لا نحبه كان الأحق بتذكرة الوصول لجنوب أفريقيا، ويجب علينا ألا نظل نعاند ونكابر ويتملكنا الغرور الذي يعمي عن الحقيقة التي ظهرت أمس الأول وأدعوكم أن تقفوا مع الجزائر ضد أمريكا في المباراة القادمة ولا تجعلوا كرة القدم تذيب الفوارق بين الشقيق وبين من يجب «شقه نصفين» وغزة محاصرة!