في ذكري الزيارة الفكاهية التي قام بها الشيخ أوباما لهذه البلاد، لا أجد ما أقوله سوي أن هناك جماعات إنسانية أدمنت ابتلاع الطعم، يكفي أن يردد القادم في الرايحة والجاية عبارة: السلام عليكم، أو ما يعادلها من الكلمات ذات التأثير السحري في أجهزتنا العصبية، حتي نتطوح أمامه - كالمجاذيب في حلقات الذكر - بينما نحن نهلل: كراماتك يا مولانا! أوباما - كما تصورت أنا منذ البداية - ما هو إلا نوع من النيولوك الذي تقرر أن تجربه الولاياتالمتحدة، خطبة جامعة القاهرة التي أعدها جيش من مستشاري البيت الأبيض، جاءت كشكمجية ملأي بالحلي الكثيرة الزخارف التي تخطف أبصار البدائيين. البعض استقبلوا الزيارة بفرحة الصعلوك حين يتعطف عليه السلطان بنظرة خاطفة من طرف العين، الذين كانوا يتحينون الفرصة ليجاهروا بانبهارهم أمام كل ما هو أمريكي، علي الرغم من مواقف الولاياتالمتحدة المعادية لحركات التحرر في العالم، اصطفوا في مظاهرة يباركها الأمن المركزي، ليتسابق أفرادها في التغني بجاذبية الطبعة الأمريكية من بابا نويل. ولم تكن المرة الأولي التي نلدغ فيها من الجحر نفسه، حدث هذا في الواقع مراراً من قبل، نابليون بونابرت شخصيا، أقسم - ضمن المنشور الذي أصدره فور الاستيلاء علي القلعة - أنه مسلم وموحد بالله، وأنه ما جاء إلا ليحررنا. الأطرف أنه كان حريصا - خلال أحاديثه المطولة مع مشايخ الأزهر - علي الاستشهاد دائما بآيات من القرآن الكريم، الإسكندر الأكبر بجلالة قدره، صرح - ما إنوطأت قدماه أرض المحروسة - بأن رع هو إلهه المفضل، وأنه بيموت في حاجة اسمها آمون. كيف توقع البعض أن يكون عادلاً بخصوص القضية الفلسطينية، من لم يحرص أبدا علي انتشال السود بالولاياتالمتحدة من الأوضاع البالغة القسوة التي يعيشونها؟ إنه يتحدث باعتباره رجلا أثبت علي المستوي الفردي أحقيته بالقفز خارج أكواخ الزنوج البائسة، ليطفو هناك علي السطح مع الذين يتحكمون في مصير العالم، لا نية حتي لديه في أن يتقدم - بوصفه أول رجل أسود يتربع علي عرش البيت الأبيض - باعتذار تاريخي إلي ملايين الأفارقة الذين اقتيدوا مكبلين بالسلاسل - كالحيوانات - من مراعي كينيا أو السنغال، ليعملوا عبيداً في مزارع القطن. معلش! خيرها في غيرها! المرة القادمة، سنبتلع الطعم بكفاءة أعلي.