شباب يكفرون بالعمل السياسي ويعتزلونه مبكرا يأسا من التغيير واخرين يغامرون بحياتهم في الهجرة غير الشرعية طمعا في الحصول علي فرصة اخري في حياة كريمة. محمود خضر تنقل بين التيارات اليمينيه ويمين الوسط واليسار واعتزل العمل السياسي يئسا من التغيير واتجه للتغيير من خلال مشروع ثقافي. صلاح غامر بحياته في هجرة غير شرعية املا في تغيير واقعه من خلال مشروع صغير ليفجأ بالروتين يسحق احلامه عند عودته. تعاني فئات وطوائف كثيرة من الشعب المصري من التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي طوال العقود الماضية وخاصة الثلاثة عقود الاخيرة وعلي رأس هذه الفئات المهمشة الشباب.
فعلي الرغم من نضال الشباب المصري من اجل الحصول علي فرص حقيقية للحياة الكريمة والحرية بكافة اشكالها وبخاصة الحرية السياسية والتمكين الاقتصادي وهو النضال الذي تصاعد خلال العشرة سنوات الاخيرة وصولا الي ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو والتي تصاعدت خلالها احلام الشباب بالحصول علي فرص اكبر في بناء مصر الا انه ومع مرور الايام تبخرت هذه الاحلام ليفاجأ الشباب المشاركين في صنع التغيير بان الواقع لم يتغير كثيرا وان الحكومات المتعاقبة والقيادات الحزبية ليس لديها رغبة حقيقية في التغيير ليصلوا في النهاية الي قناعة حقيقيه بان ثورة لم تقم وان تغييرا لم يتم وان قيادات الدولة المصرية ومسئولي الاحزاب يتاجرون بقضاياهم دون تنفيذ واقعي للشعارات التي يرفعوها عن تمكين الشباب واتاحة الفرص لهم.
حلم التغيير والاصطدام بصلابة الواقع السياسي والثقافي . محمود خضر ابن التاسعة والعشرين احد الشباب الذين شاركوا في صنع التغيير في مصر خلال الثماني سنوات الأخيرة منذ تشكيل الجمعية الوطنية للتغير في عصر حسني مبارك والتي كان عضوا بها وحتي حركة كفاية وصولا الي ثورة الخامس والعشرين من يناير وما تأسس بعدها من ائتلافات لشباب الثورة ومقاومة الحكم العسكري في فترته الاولي واللتصدي للديكتاتورية الإخوانية في فترة حكم الرئيس المعزول «محمد مرسي» وصولا الي اعتزال العمل السياسي بعد يأسه من احداث تغيير حقيقي في فترة الحكم الانتقالية للرئيس «عدلي منصور» واتجاهه للعمل الثقافي طمعا في احداث تغيير في البنية الثقافية للمجتمع من خلال مشروع ثقافي شبابي انشأه في مدينة المنصورة.
خضر بدء حياته السياسية منذ ان كان في السابعة عشرة من عمره بانضمامه للحركة الطلابية في المعهد الفني التجاري وكان وقتها عضو عاملا بجامعه الاخوان المسلمين التي راها الاقرب الي طبيعته المتدينه لينضم للجمعية الوطنية للتغيير في عام 2005 ويكون احد الشباب القليلون الذين سمحت لهم جماعة الاخوان بالمشاركة في حركة كفاية ليتعرف خضر علي مجموعه من الشباب الطامح في التغيير من كافة الايدلوجيات من اليسار والقوي الليبرالية والذين نشطوا في المطالبة بالتغيير ورفض توريث الرئيس مبارك للحكم من خلال الوقفات الاحتجاجية وحملات طرق الابواب وصفحات الاعلام البديل.
شارك خضر مع اصدقائه من التيارات الليبرالية واليسارية في ثورة الخامس والعشرين من يناير وبعد نجاحها انضم لحزب الحرية والعدالة والذي تأسس بعد الثورة ليكون ذراعا سياسيا لجماعة الإخوان الا أن خضر اصطدم بما اسماه بصلابة قيادات الحزب والجماعة وعدم الليونه الفكرية في التعامل مع المستجدات السياسية والقوي والاحزاب الاخري المشاركة في الثورة وتغيير الجماعة لوعودها السياسية وخاصة في قضيه تقديم مرشح لرئاسة الجمهورية ليبدء خضر في حالة تصدام وخصام مع الجماعة انتهي بترك خضر للجماعة والحزب والانضمام الي تجربة جديدة في تيار يمين الوسط اعتقد انها مختلفة في نظرتها للشباب والتعامل مع القضايا الوطنيه حيث انضم خضر لحملة دعم عبدالمنعم ابوالفتوح رئيسا ثم الي حزب مصر القوية الذي يترأسه ابو الفتوح ويبدا مرحلة جديدة من الحركة في حزب اعتقد انه يعطي مساحة اكبر للشباب وتطلعاتهم الا انه فوجئ بالبيروقراطيه الموجوده في الحزب شأنه شأن باقي الاحزاب السياسية وان الاولوية في تولي المناصب له معايير اخري غير الكفأة وان الشباب دورهم محدود.
قام خضر بتجميد عضويته في حزب مصر القوية منذ ثلاثة اشهر بعد ان شعر أن افكار اليسار هي الاقرب لتحقيق العدالة الاجماعية وهي الأقرب لروح الثورية ولكنه اخذ قرار بعدم الانضمام الي اي حزب سياسي بعد ان وصل الي قناعه بان كل الاحزاب والقوي السياسية ترفع شعار تمكين الشباب والتغيير دون ان تسعي لذلك بشكل حقيقي وان الاحزاب السياسية شأنها في ذلك شأن حكومات مصر المتعاقبة ولا تختلف عنها شيئا في قضية الشباب وتمكينها واستخدام الكفاءة كمعيار لتولي المناصب الحزبية او التنفيذية والسياسية.
الاهتمام بالتغيير الثقافي للمجتمع
خضر قام بافتتاح مشروع ثقافي صغير يحتوي علي مكتبه ومسرح ..املا في إحداث تغيير ثقافي في المجتمع بعد يأسه من حصول اي تغيير سياسي ووصوله لقناعة بأن كافة القوي والاحزاب السياسية سواء تلك التي في الحكم او المعارضة ليست لديها رغبة حقيقية في التغيير وان حكومات مصر المتعاقبة من قبل ثورة يناير وبعد الثورة في عهد المجلس العسكري مرورا بحكومة الاخوان ووصولا الي الحكومة الحالية كلها لا يوجد عندها رغبة حقيقية في التغيير او تمكين الشباب حتي ان الحكومة الحالية يصل مجموع اعمار اعضائها الي حوالي 1000 عام ورئيسها يقترب من الثمانين من عمره حتي انها سميت بحكومة شباب ثورة 1919 تهكما عليها وعلي شعارتها بتمكين الشباب وانها وكافة الاحزاب تستخدم شعارات التغيير والعدالة الاجتماعية والحرية وتمكين الشباب فقط لمغازلة احلام المصريين الا انهم وبعد الوصول للسلطة يتم نسيان هذه القضايا لتتحول لمجرد شعارات جوفاء مؤكدا ان تهميش الشباب متجذر في ذهنية وعقل الشعب المصري وانه جزء من الثقافة الشعبية وانه لن يحدث تغيير حقيقي للوقع الحالي سوي بتغيير هذه الثقافة.
التضحية بالحياه في الهجرة غير الشرعية املاً في الحصول علي فرصة
اما محمد صلاح ابن الخامسة والثلاثين فله قصه اخري بعيده نسبيا عن السياسة ، فمحمد لم يشتغل ابدا بالعمل السياسي ولم يشارك في مظاهرة او اي فاعلية سياسية اخري كما انه لم يشارك في اي عملية انتخابية الا ان ابتعاده عن العمل السياسي لم يمنعه من التاثر بالحالة السياسية والاقتصادية للبلاد خلال العقدين الماضيين.
تخرج محمد من احد المدارس المتوسطة عام 1996 ليبدء صراعا كبيرا بهدف الحصول علي عمل مناسب يستطيع من خلاله تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير الاموال حتي يتزوج تقدم محمد بأكثر من طلب للحصول علي وظيفة حكومية الا انه لم يحصل علي رد لهذه الطلبات منذ عام 96 وحتي الأن.
دخل محمد سوق العمل الخاص املا في الحصول علي اجر مناسب الا انه اصطدم بالعائد المادي المتدني من عمله علي الرغم من ساعات عمله الكثيرة والتي تعدت الخمسه عشر ساعة يوميا ولا يحصل منها الا مبلغ ضئيل جدا لا يغطي نفقاته الشهرية فقرر محمد المخاطرة للحصول علي فرصة عمل جيدة يستطيع من خلالها الزواج وعمل مشروع صغير يبدء به حياه جديدة فقرر السفر الي لبنان.
ونظرا لارتفاع تكلفة الحصول علي تأشيرة دخول الي لبنان وارتفاع تكاليف الحصول علي اقامة شرعية بها قرر محمد السفر بشكل غير شرعي من خلال سماسرة يعملون بتهريب الافراد من مصر الي لبنان من خلال الحدود اللبنابنية السورية مخاطرا بحياته بهدف تحقيق حلمه في الحصول الاموال التي تكفل له حياه كريمة.
الاصطدام بالروتين يهدد الحلم الصغير استطاع محمد دخول لبنان واستقر بها اكثر من ثماني سنوات ليعود الي بلاده عام 2008 ويتزوج ويبدء في التجهيز لأحد المشاريع الصغيره والتي تجعل منه صاحب عمل وتكفل له دخل جيد فقام بأستاجار شقة وشراء مجموعه من الماكينات الخاصة بالحياكة واستعان ببعض مصممي الازياء الشرقية لتصنيع عبايات للسيدات ثم بدات رحلة الحصول علي تراخيص عمل لورشته الصغيرة.
اصطدم محمد بكم كبير من الروتين والاجراءات البيروقراطية التي عطلت اجراءات حصوله علي تراخيص تشغيل المشغل ولم يكن امامه خير اخر سوي العمل دون ستار قانوني حتي لا يخسر رأسماله الذي وضعه في تجهيز المشغل الصغير وبدء محمد العمل في مشغله وسط مخاوف يعيشها يوميا من قيام الحكومة باغلاقه ومصادره الماكينات وفرض غرامات كبيرة عليه.
اكد محمد ان اي دوله تحترم شعبها تساعد الشباب في توفير فرص عمل لهم بعد تخرجهم ليبدؤا حياتهم الجديدة الا اننا هنا في مصر فالدوله ابتعدت كثيرا عن الشباب فهي لا توفر فرص عمل لهم وان قام الشباب بالسعي لعمل مشاريع صغيرة تستوعب الكثير من الايدي العاملة وتفر لهم حياه كريمة تقوم الدولة بتعقيد الامور وتتعنت في اصدار التراخيص ثم تلاحق هؤلاء الشباب بعد ذلك .
مضيفا ان كل الدول المحترمة تساعد المشاريع الصغير بهدف تنمية الشباب وتوفر لهم الخامات وتساعدهم في التسويق امام عندنا في مصر فالامر مختلف فحكومات مصر المتعاقبة واكافة احزابها السياسية تتحدث عن الشباب وقضايهم الا ان هذه الحكومات والاحزاب لم تفعل شيئا حقيقي للشباب وهو ما يدفع الكثيرين للكفر بكافة الشعارات الوطنية والبحث عن اقرب فرصه للخروج من مصر للحصول علي فرصه افضل في اي دوله اخري حتي وان كان ثمن ذلك هو المخاطرة بالحياه .... فالحياه بلا لقمه عيش كريمة اوامل في التغيير الي الأفضل لاتستحق اي يعيشها الانسان.