في مجموعته القصصية الأولي التي اختار « إليعازر» عنوانا لها، يطرق حسام محمد دياب عوالم مختلفة في كل قصة بين الماضي البعيد والحاضر المتسارع، لا نكاد نلتقط أنفاسنا من تتابع أحداث قصة حتي نجد أنفسنا أمام عالم مثير آخر في القصة التالية، تختلف عوالم القصص لكنها تشترك في عنصر المفاجأة والإثارة، وسنجد الأحداث دائمة تنحو منحي مختلفا عما قد يتبادر إلي أذهاننا، ليعبر الكاتب عما يجيش في نفوس غير عادية هم أبطال قصصه الأحدي عشرة، الذين رسمهم نماذج من النادر وجودها. القصة التي حملت المجموعة عنوانها ينسجها الكاتب حول الحقيقة التي أخبرنا عنها القرآن الكريم عن قدرة المسيح علي إخراج الموتي، تدور الأحداث قريبا من أورشليم حين يموت « إليعازر» الشاب الذي آمن بالمسيح وصدّقه، وتتوسل دموع أختاه إلي المسيح ليعيده إليهما، وسط تشفي مكذبي المسيح الذين يتخذون من عجزه عن إحياء الميت ذريعة أمام الناس لإثبات صدقهم وكذبه، ويجتمع الناس لمتابعة ما سيحدث، وأخيرا ينبئهم المسيح أنه سيُخرج إليعازر لكنه لن يعود كما كان، ويتابع الكاتب من داخل الكوخ إليعازر ليصف لنا بدقة ما أحس به حين غادر القبور وعاد إلي صخب الحياة مرة أخري بعد أن ذاق هدوء القبر. في « لن نعرف أبدا» يحكي الكاتب قصة جريمة بشعة جرت أحداثها في إمارة الشارقة التي تجمع مزيجا مختلفا من البشر -من الشرق والغرب - لا تجمعه سوي الحاجة إلي جمع المال، ويصور الكاتب جوانب من الجريمة التي ارتكبها رجل هندي، ويحتفظ بحقائق أخري لن نعرفها أبدا. في « الأمير الصغير» يبني الكاتب مملكة وهمية، تحب أميرها الصغير ويحبهم هو ويختار حبيبته من بينهم لكنه يفقدها، ويحزن من أجلها ويتحول بمجرد جلوسه علي العرش إلي كابوس يرتعد من أفعاله أهل المملكة، وفي النهاية يسوقه الجنون إلي إحراق مملكته بمن فيها لتصبح أطلالا يحيطها خوف غامض. في حكاية « الولد اللي كان أقرع والبنت الأمورة» يبكينا الكاتب علي الطفل الذي يزحف الموت إليه في مستشفي السرطان، وسط اشتياقه إلي أصحابه ومدرسته، وافتقاده لشعره الذي كان طويلا يلامس كتفيه، وعدم فهمه للمرض الذي يبقيه ملازما السرير ويبعده عن بيته وجارته التي تشاركه اللعب دائما. في « أوسمة السقوط» يصارع البطل متحديا الإعاقة التي أقعدته في المستشفي أسيرا لأوامر الطبيب، مؤثرا في النهاية الألم الجسماني الذي تخلّفه محاولاته للنهوض علي الألم النفسي الذي يتسبب فيه عجزه عن الحركة وعن مجرد المحاولة فيها. في «بابا نويل» أحد أطفال الشوارع يجوب الشوارع ليلا متسولا فهو لم يجمع بعد المبلغ الذي حدده له معلمه لينال قسطه من الطعام في المقابل.. يتضور جوعا ولا يملك العودة، تتصارع الأفكار في رأسه متسائلا عن بابا نويل ذلك الرجل الطيب الذي يمنح الأطفال هدايا لماذا لا يأتي إليه، « فكر أنه لابد أن يكون بابا نويل قد نسيه كما نسيته هذه الدنيا.... هو ليس شيئا ليتذكره أحد ( بابا نويل) مشغول الآن بتوزيع هداياه علي الأطفال النظيفة التي تنام في أسرّتها الخاصة» وأمام أحد المحلات يشتهي الطفل قطعة شيكولاته فيقرر سرقتها لكن صاحب المحل ومعه شاب آخر يلاحقانه، يتعثر الطفل فيمسكان به ووسط الضربات والركلات وتساقط الدماء منه « الغريب أنه لم يصرخ قط، كانت شفتاه مطبقتين ولا يشعر بأي ألم من الركلات واللكمات التي تنهال علي جسده الصغير كان عقله يسرح متخيلا طعم الشيكولاته بينما عيناه مسمرتان عليها في الأرض». وفي «روليت» يعبث البطل بروحه مستهينا بها وموقنا بعدم جدوي العيش في هذه الحياة، يجتر شريط الذكريات وهو يجرب اللعب بمسدسه الذي وضع فيه رصاصة وحيدة، يضغط علي الزناد مرة تلو الأخري ليفاجئ نفسه بالموت حين يأتي دور الرصاصة التي وضعها. ويختتم الكاتب مجموعته ببداية روايته الجديدة بعنوان (النيكروفيللي) التي تحكي عن شاب لا يجد متعته إلا مع الجثث.