نشرت الصحف - أمس الأول - خبراً يفيد بأن محكمة جنح مستأنف بولاق أبوالعلا قررت «تأييد حكم أول درجة بتغريم أحمد السيد النجار الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام 20 ألف جنيه و10 آلاف جنيه علي سبيل التعويض المؤقت في الدعوي التي أقامها ضده الأستاذ إبراهيم نافع رئيس تحرير ومجلس إدارة الأهرام الأسبق يتهمه فيها بنشر مقال بإحدي الصحف المستقلة يتضمن عبارات سب وقذف في حقه». ومن حق أحمد النجار علينا أن نتضامن معه سواء معنوياً أو مادياً فيما يتعلق بتحمل مبلغ الغرامة الذي فرضته عليه المحكمة. فالمعروف أن الحكم لم يبرئ رئيس مجلس الأهرام الأسبق مما نسبه إليه النجار، حيث كان ما كتبه مدعوماً بالمستندات، ولكن الأمر كان يتعلق ببعض العبارات التي استخدمها النجار وليس بالوقائع التي تحدث عنها. كذلك استند دفاع رئيس مجلس الإدارة الأسبق إلي حفظ التحقيق معه، وهذا الحفظ كان سياسياً لأن استمراره كان سيهز نزاهة نظام الحكم في مصر. وإذا أجرينا استفتاء داخل الأهرام حول فترة تولي إبراهيم نافع لرئاسة مجلس الإدارة مقارنة بآخرين مثل الأستاذ صلاح الغمري أو الأستاذ مرسي عطاالله الذي اختلفنا معه في بعض قراراته سنجد أن الكفة ليست في صالح الأول علي الإطلاق. وكنت أتصور أن الأستاذ إبراهيم نافع لكي يبرئ ساحته من الاتهامات الموثقة التي ساقها ضده أحمد السيد النجار عضو مجلس الإدارة السابق بالانتخاب، كان عليه أن يتقدم بطلب للتحقيق في هذة الوقائع وليس رفع دعوي سب وقذف ضد من ساقها ضده، ولكنه اختار الطريق السهل، بما يشبه براءة أي متهم لخطأ في الإجراءات، وليس لأنه لم يرتكب الجريمة نفسها. ولابد من الاعتراف بأن نشر أحمد النجار لوقائع ما رآه تجاوزات مالية وإدارة منهجية في إدارة مؤسسة عامة يملكها الشعب، حقق نتائج إيجابية، ليس فقط لأنه كشف للعاملين في المؤسسة كيفية إدارتها خلال ما يزيد علي ربع قرن، لكن لأنه جعل الإدارات الجديدة تدرك أن هناك رقابة من العاملين لأدائهم، بعيدا عن المؤسسات الشكلية مثل مجلس الإدارة والجمعية العمومية، وهو الأمر الذي حد من الخلل الإداري الذي ظلت المؤسسة تعاني منه، وزاد من شفافية الإدارة في المراحل اللاحقة . والسبب الأخير بمفرده كاف لكي نتضامن مع أحمد السيد النجار، لكن هناك أسبابًا أخري، في مقدمتها أن هذه التضامن سيعني تشكيل جبهة لمواجهة الخلل في الإدارة داخل المؤسسات الصحفية وإدارتها كعزب لصالح أفراد أو عائلات أو شلل، وهو الأمر الذي لا يجب أن يتولاه الصحفيون أو العاملون في المؤسسات الصحفية فقط، وإنما يجب أن يكون عبر جهود المجتمع المدني وكل الجهات المهتمة بمواجهة الفساد في مصر. لقد نجحت الإدارات الجديدة في المؤسسات عبر آليات متعددة في التخلص من «عناصر النكد» التي كانت تقف لصالح العاملين في مواجهة الإدارة، فضلا عن أن عدم ديمقراطية تشكيل مجالس الإدارات أو الجمعيات العمومية التي يتساوي فيها عدد المعينين من الحزب الوطني مع عدد المنتخبين من العاملين تجعل إصلاح المؤسسات صعباً إن لم يكن مستحيلاً وهو ما دفع النجار نفسه إلي اتخاذ قرار بعدم خوض الانتخابات مرة أخري، يصبح الدفاع عن هذه المؤسسات القومية مهمة العاملين فيها، لأن مستقبلهم ومستقبل أبنائهم مرتبط بمستقبل هذه المؤسسات، وعمليات التجريف الجارية حاليا لبعض هذه المؤسسات ستؤدي إلي كوارث لابد من التصدي لها حتي لا تتكرر تجربة الذين جلسوا علي رأس هذه المؤسسات ربع قرن فأدوا بها إلي أن أصبحت علي حافة الإفلاس.