لا أحد يتمناها أو ينتظرها، ولكنها صارت حقيقة وتفرد لها «ميديا» الإعلام مساحات من الاهتمام، قبل ساعات قليلة من توزيع جوائز الأوسكار فى دورته 86 يوم 2 مارس القادم، تجرى مراسم توزيع جائزة «التوتة الذهبية»، إنها الوجه الآخر للصورة، والصحيح أن نقول «التوتة المعطوبة»
كما تُطلق عليها الصحافة، فهى جائزة الأسوأ المعروفة باسم «راتسيز»، أنشئت قبل نحو 33 عاما ويشارك بالتصويت فيها أكثر من 600 صحفى وهاوى سينما داخل وخارج أمريكا. هذا العام ترددت أسماء جونى ديب وهالى بيرى ونعومى واتس، وطوال تاريخ الجائزة كثيرا ما يحصل عليها المشاهير مثل باريس هيلتون وبيرس بروسنان وكيفن كوستنر وسيلفستر ستالونى وجيم كارى ومادونا وساندرا بولوك، التى كان نصيبها فى عام 2010 جائزة التوتة عن فيلم «كل شىء عن ستيف»،
وبعدها بأربع وعشرين ساعة فقط كانت تحتضن الأوسكار عن فيلم «الجانب المظلم»، وقالت معقبة إن على الفنان أن يتقبل الحلوة والمرة، قليل من النجوم فعلها واستلم التوتة مثل بن أفليك وهالى بيرى، بينما أغلب النجوم يعتذرون عن حضور الحفل، إلا أنهم لا يتهمون القائمين عليها بالتواطؤ وتصفية الحساب أو العمل لحساب المنافسين، وشروط الحصول عليها أن يكون النجم له مشوار عريض وفى نفس الوقت يخون الجمهور الذى وثق به ويشارك ببطولة عمل فنى متواضع.
الجمهور الغربى لا ينتظر التوتة ليعبر من خلالها عن استيائه، فلقد تعود أن يقصف مباشرة الخائبين من نجومه على المسرح بالبيض والطماطم والتورتة، بالطبع جمهورنا لا يمتلك هذا الترف فهو يستخسر فيهم الآن البيض والطماطم، أما التورتة فإنه يفضل التهامها مع من يحبهم من أصدقائه. افرض مثلا.. مثلا يعنى، أننا قررنا فى مصر منح جائزة الأسوأ فما الذى سوف يحدث؟ فى مهرجان الإسكندرية السينمائى قبل عشرين عاما وباقتراح من المذيعة هالة سرحان أقيمت لأول مرة مسابقة لاختيار الأسوأ، وكانت تلك جوائز تسرق الأضواء من فاعليات المهرجان الأساسية لأنها دائما الأصدق، رغم أنها كانت تخشى الاقتراب من النجوم الكبار، وهكذا كانت تمنح لأسماء لم تصل وقتها إلى مصاف «السوبر ستار» مثل أحمد بدير وسمير غانم ودلال عبد العزيز ويونس شلبى وسعاد نصر..
ألغى مهرجان الإسكندرية تلك المسابقة قبل عشر سنوات، لأنها أثارت غضب كثيرين، وحتى يضمن حضور النجوم فإنه فتح باب التكريم على مصراعيه بإقامة حفل فى الختام توزع فيه الجوائز على أفضل الفنانين أو فى الحقيقة على كل من حضر، لم تعد مسابقة الأسوأ يقيمها أحد رغم أننا فى أشد الاحتياج إليها فى ظل مولد الجوائز التى تعلنها الجمعيات والمهرجانات الفنية، حيث نجد من لا يستحق يحتضن جائزة أو أكثر ويرفعها إلى عنان السماء قائلا «ماتبصليش بعيون رضية بص للى بين إيديه».
لماذا لا نفكر فى إقامة مسابقة أخرى موازية للأسوأ توزع التوت المعطوب على صناع أردأ الأنواع فى السينما والمسرح والغناء؟ أنا أعلم بالطبع أن المشكلة التى سوف تواجه القائمين على هذه المسابقة هى أن حبات التوت المعطوب المتوفرة فى الأسواق لا تكفى!!
هل لدينا بالفعل نجوم يعترفون بسقطاتهم الفنية؟ الحقيقة هى أننى لم أصادف فى حياتى المهنية إلا عددا محدودا جدا لديهم القدرة على الرؤية بعين محايدة، الراحل فريد شوقى كان كثيرا ما يتورط فى بطولة أفلام متواضعة يريد صناعها الصعود على أكتافه واسمه وتاريخه، ثم يعلن ندمه ويغفر له الجمهور والنقاد هذا الخطأ ثم يكررها ويتكرر أيضا السماح، فلقد كان لديه شيك على بياض من حب الناس، ورغم ذلك فإنه فى آخر استفتاء أقامه مهرجان «دبى» فى نهاية العام الماضى لأفضل 100 فيلم عربى احتل فريد شوقى المركز الأول كأفضل نجم عربى فى التاريخ.
الفنان فى مشواره يتأرجح عادة على طريقة أغنية عدوية الشهيرة «حبة فوق وحبة تحت»، مثلما حدث قبل أربع سنوات مع ساندرا بولوك وكان نصيبها الأوسكار والتوتة، هذا العام رشحت فقط للأوسكار بفيلم «جرافيتى» بينما لم يتردد اسمها فى ترشيحات «التوتة» 2014!!