لماذا اختفت السينما العربية في «كان» هذا العام؟! هذا السؤال كان هو محور أكثر من لقاء شاركت فيه قبل بداية المهرجان وأثنائه ثم، والمهرجان يلملم أوراقه نكرر أيضاً السؤال وإجابتي هل كانت السينما العربية لها حضورها الدائم في «كان»، أم أن الأمر خضع فقط لمحاولات فردية وفي العادة إنتاج سينمائي مشترك هو الذي فتح لنا الباب.. قبل نحو 7 سنوات حدث اختفاء مماثل لنا كعرب وعندما سألوا المدير السابق «جيل جاكوب» الذي صار الآن رئيساً للمهرجان عن سر اختفاء الأفلام العربية، أجابهم كيف تقولون ذلك ألم تلاحظوا أن إيران لها في هذه الدورة أربعة أفلام! وهكذا اعتقد «جاكوب» أن إيران دولة عربية. لم نستطع أن نحقق كعرب ما وصلت إليه السينما الإيرانية، لا أتحدث فقط عن «كان»، ولكن لو ألقينا نظرة علي المهرجانات الكبري الأخري مثل «برلين» و«فينيسيا» سنكتشف أن إيران لها حضورها الدائم وكثيراً ما انتزعت الجوائز.. أما نحن كعرب فإن أفضل المشاركات في السنوات الأخيرة صارت رهينة بالفلسطينيين الذين يقدمون أفلاماً تقبل علي عرضها المهرجانات العالمية وتحديداً للمخرج «إيليا سليمان» الحاصل عام 2001 علي جائزة لجنة التحكيم عن فيلمه «يد إلهية» ثم اشترك في العام الماضي داخل المسابقة الرسمية بفيلم «الزمن المتبقي».. «إيليا» نجح في فك شفرة الإنتاج المشترك، ولهذا فإن أفلامه تساهم في إنتاجها شركات إنتاج فرنسية وأيضاً التليفزيون الفرنسي ولقد حاولت إسرائيل أن تنسب أفلامه إليها، لكن المخرج الفلسطيني رفض تماماً.. حجة إسرائيل أن «إيليا» يحمل جواز سفر إسرائيلياً والرجل بالطبع مجبر علي ذلك، فهو من مواليد ما بعد النكبة وولد داخل ما اصطلح علي تسميته الخط الأخضر وهي تلك الأراضي التي أقيمت عليها دولة إسرائيل، لكنه عربي الدماء والانتماء. وفي أفلامه الأخيرة كان مدركاً أنه لن يقدم إنتاجاً مع إسرائيل.. وباستثناء السينما الفلسطينية نلاحظ الغياب حتي عن دول المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب صار وجودها محدوداً.. مما يؤكد أن المأزق واحد والأزمة تزداد في عالمنا العربي عاماً بعد عام، لو قلنا الإمكانيات سنجد أن تشاد بإمكانيات محدودة جداً، قدمت داخل هذه الدورة من المهرجان فيلم «صرخة رجل» لمحمد صالح هارون، لم تتجاوز ميزانية الفيلم المليون دولار، وقبل عامين فقط حصد جائزة السعفة الذهبية فيلم روماني بعنوان «أربعة شهور وثلاثة أسابيع». العالم العربي يعاني من قيود في الحريات، لكن من قال: إن الإبداع مقصور فقط علي الدول التي تعيش الحرية وتتنفسها كالهواء.. في السنوات الأخيرة تستطيع أن تقرأ علي الخريطة السينمائية العربية ميلاد عدد ضخم من المهرجانات إلا أنك أيضاً تري خفوتاً في الإنتاج السينمائي علي المستويين العددي والإبداعي، والدول عندما تدخلت لتوجيه المسار الصحيح للإنتاج السينمائي ومن بينها مصر.. ازداد الأمر سوءاً، ولهذا غبنا عن «كان» ومعرضون للغياب في الأعوام المقبلة أكثر وأكثر!