ذهبت يوم الثلاثاء لزيارة أحمد عبد الرحمن المحبوس إحتياطيا بسجن مزرعة طرة منذ 26 نوفمبر الماضي في أحداث مظاهرة مجلس الشوري التي دعت لها حركة لا لمحاكمة المدنيين عسكريا ضد إقرار نص المحاكمات العسكرية للمدنيين بمشروع الدستور ، أحمد لم يكن من ضمن المشاركين في المظاهرة من قريب أو بعيد بل تصادف مروره أثناء فض المظاهرة بالقوة من قبل قوات الأمن كان ذاهبا لموقف عبد المنعم رياض ليركب مواصلاته لمدينة 6 أكتوبر لاستلام عمله الجديد كفرد أمن ، أحمد قادم من أسوان لكي يشق مستقبله في القاهرة رغم انه يدرس بالصف الأول ثانوي زخرفي "منازل " وامتحاناته اخر هذا الشهر .
ولم يكن يتوقع أن تكون بداية شق مستقبله بالقاهرة من سجن مزرعة طرة والسبب هو كأي شاب مصري شاهد فتيات ناشطات ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين وهن "نازلي حسين ومي سعد " يتم التنكيل بهن بالضرب والتحرش والقبض من قبل أفراد يرتدون الزي المدني أمام مجلس الشورى فتدخل لمنع إستمرار الإعتداء عليهم فكان مصيره القبض عليه والحبس الإحتياطي بل والإحالة لمحكمة الجنايات بخمس إتهامات مع 24 متهم آخرين ، كان من المفترض ضمي معه واخرين الي قائمة المتهمين بسبب القبض علي أيضاً .
لكن بسبب ضغوط من أعضاء لجنة الخمسين وقتها وكذلك خوفا وتحاشيا من تصعيد إحتجاجات من نقابتي المحامين والصحفيين وقت القبض تم إخلاء سبيل جميع المحامين ومنهم زميلي الأستاذ أحمد الدمشيتي والذى تصادف أيضا أول يوم تطوع له للعمل بمركز الحقانية وكان اجمالي عدد المحامين 4 بالاضافة للصحفيين وكذلك جميع الفتيات الذين تم القبض عليهم في الأحداث ، وبالفعل خرجنا قبل العرض علي النيابة الأمر الذي جعل مهمة النضال في الإفراج متضاعفة ليس فقط في تلفيق اتهامات الأمن لهم ولكن الأخطر هو التمييز الفج من قبل الأمن في التلفيق وحالة تأنيب الضمير التي أصابت المستبعدين من الإتهام ودفع ضريبة التلفيق للمتهمين المحبوسين ، حاولنا بقدر الإمكان مساعدة الضحايا المحبوسين سواء بتقديم البلاغات التي تثبت التلفيق واعتداءات الأمن علي المتظاهرين.
وكذلك حضور جميع التحقيقات معهم بالنيابة حتي انتزاع مع الزميلات والزملاء المحامين قرار من محكمة جنح مستأنف قصر النيل إخلاء سبيل المحبوسين وقتها 23 بكفالة خمسة الاف جنية عدا أحمد والتى أستأنفت النيابة عليه بمحكمة الجنايات وتم رفضه ، خبرة العمل في النيابات علي مدار سنوات بطبيعة الأمور جعلتنا لا ننتظر عدالة حقيقية بل إفلات من العقاب من الجلادين وضلاط الشرطة فى جرائم إستعماتل القسوة والتعذيب بل تسخير عملها في أحيان لصالح الجناة فى إحالة الضحايا إلى متهمين وكل ذلك بفجاجة ورغم وجود أعضاء نيابة شرفاء لكنها تظل إستثناءات في منظومة محكومة بقوانين تسمح بافلات أفراد السلطة من العقاب وتسييس الإجراءات القانونية في سياق سياسي مستمر ودائرة إجرام عنف الإخوان وكذلك عنف الداخلية المقابل بدون توقف والذى يجعل مهمة أصوات الحقوق والحريات والقبول المجتمعي لها في غاية الصعوبة ويجعل الخوف المسيطر هو إمتداد ذلك للقضاء كسلطة تحكم ليس فقط من خلال نصوص قانونية في قانون العقوبات بل تقديرها لتصديق أدلة إدانة الجناة أكثر من أدلة البراءة للضحايا الملفق ضدهم الإتهامات والذي يطلق عليه "السلطة التقديرية للقاضي الجنائي " لكن علي أي الأحوال يظل الأمل هو سلاحنا في الوقوف أمام قاض عادل في وضع منظومة العدالة والتي نناضل في أن تكون عادلة إسم ومعني .
أعود إلي أحمد عبد الرحمن فأثناء القبض عليه تم تحريز شنطته التي كان متوجها بها لعمله وبها حاجته الخاصة مثل (ملابسه والشبشب وماكينات الحلاقة أغراضه الخاصه وكذلك قصافة ملحق بها سكين ) والأخيرة إعتبرتهاالمباحث حيازة "سلاح أبيض " وبمنطق التلفيق الفج أتي أحمد عبد الرحمن من أسوان خصيصا بشنطة ملابسه الكبيرة للاعتداء علي ضباط الشرطة !
علي أي الأحوال مازالت تحقيقات النيابة في وقائع الاعتداء علي المتظاهرين مستمرة رغم استباق الحقيقة بإحالة الضحايا "المتهمين " لمحكمة الجنايات، أي محام يقرأ تلك السطور يلتمس البراءة من وقائع وإجراءات جنائية باطلة ومهترأة لكن ليست فقط القضية في التماس البراءة من المحكمة بل القضية الأكبر هي منظومة الظلم والحبس الإحتياطي بدون مبرر بل وإنعدام التعويض المادي والأدبي ، كانت مشاعر أحمد أثناء الزيارة أنه غير نادم وأنه ممتن لكل مشاعر التضامن والتعاطف سواء من كانوا معه محبوسين والذى إمتد التعاطف إلى ضباط السجن نفسه وقالوا له أن مصيره البراءة نتيجة تلفيق زملائه , و ظلت معظم أسئلة أحمد لي في الزيارة بدون إجابات قانونية منطقية مثل ليه أنا اتقبض عليه ؟ وليه انا محبوس ؟ كانت إجابتي له أظنها كانت منطقية مع سياق التلفيق "عشان إنت جدع ". أحمد عبد الرحمن
محمد عبد العزيز *المحامى ومدير مركز الحقانية للمحاماة والقانون