الأقباط وما بعد 25 يناير 2011 هو موضوع فيلم المخرج أحمد رشوان التسجيلى القادم بعنوان «جزيرة الأقباط»، بعد فيلمه الأخير «مولود فى 25 يناير» الذى حظى بتكريم من المهرجان القومى للسينما، وشارك فى منافسات جائزة المهر العربى بمهرجان دبى السينمائى الدولى مؤخرا. أكد رشوان أنه انتهى تماما من تصويره، واستضاف من خلاله عددا من الشخصيات القبطية مثل شقيقة الشهيد مينا دانيال، نظرا لأن الفيلم يتحدث عن علاقة الأقباط بالثورة والظروف السياسية، بدءا من 25 يناير، مرورا بما حدث بعدها، وحتى حرق الكنائس بعد 30 يوينو.
وأكد رشوان أن اسم الفيلم السابق كان «جزيرة النصارى» والذى اختاره وقتها لأنه مستفز، نظرا لما تحمله كلمة «نصرانى» من شعور بالاستفزاز، خصوصا أنه استوحاه من مظاهرة للإسلاميين يرددون بها شعار «يا دى الذل ويا دى العار.. النصارى بقوا ثوار»، فاقتبس الاسم وفكرة الفيلم من هذا الهتاف وهذه الواقعة.
حيث يعد الفيلم استكمالا لما توقف عنده فى فيلمه الأخير «مولود فى 25 يناير» الذى انتهى بمطالبة المصريين بالدولة المدنية فى تظاهرات 27 مايو، لذلك لجأ إلى شريحة الأقباط فى مصر لعرض فكرة شاملة عن أوضاعهم وعلاقتهم بمجرى الأحداث والتغيرات السياسية، وكذلك لأخذ فكرة شاملة عن القطاع الرافض للدولة الدينية، والإجابة عن أسئلة مثل لماذا رفض المصريون المدنيون الدولة الدينية ومرسى؟ فمن هنا تأتى الإشارة إلى الأقباط فى الفيلم الذى يتعرض أيضا إلى أحداث ماسبيرو، وغيرها من الوقائع التى كان الأقباط شريكا أو ضحايا خلالها، وكان هو معايشا لها إلى أحداث حرق الكنائس.
ويقول رشوان إنه كصانع أفلام كائن حى يتأثر ويؤثر بالبيئة المحيطة به أو اللعبة التى بداخلها، وهى لعبة «التأثير والتأثر»، وصانع الأفلام لا يقول أيضا إلا ما فى ضميره، لأنه لا يملك الحقيقة مثله مثل أى شخص فى العالم، لا يملك الحقيقة كاملة، ولكنه يحاول عرض وجهة نظره ورؤيته للأحداث بشكل تحليلى وتنويرى، وكذلك طرح أكثر من رؤية للأحداث، مما يخلق حالة من الإثراء الفكرى من تعددية الآراء والرؤى، وبعيدا عن إلقاء الأخبار فقط، لأنه لا يعمل بمجال النشرات الإخبارية، وفى النهاية قد يتفق معه فئات، وقد تعترض فئات أخرى على المنتج النهائى من رؤية المخرج.
وعن صناعة الأفلام التسجيلية فى مصر ومشكلاتها وانتعاشها مؤخرا فى الفترة الأخيرة، أكد رشوان أن هناك حدثا جذب أنظار صناع الأفلام على مستوى العالم وهى الثورة المصرية، والتى أجبرت عددا من صناع الأفلام على مستوى العالم كالنرويج وأمريكا وفرنسا على صناعة الأفلام على ذلك الحدث، ومن الناحية الأخرى هناك رغبة فى المعرفة لدى الجمهور بعد الثورة فى رؤية وفهم الأحداث، فشكل الاثنان عاملا مهما فى رواج صناعة الأفلام التسجيلية، وفى كل الحالات تعتبر هذه الأفلام توثيقا أو رؤية للفترة التى صنعت فيها، وقد تصنع أفلاما أخرى لرصد وجهة نظر أخرى غيرها بعد تقلب الأحداث أو تغيرها، لذلك فلا تعتبر هذه الأفلام تاريخا للثورة، لأنه لا يزال الوقت مبكرا على ذلك.
وكذلك اعتبر رشوان أن حال الأفلام التسجيلية فى الفترة الأخيرة أفضل كثيرا عما كانت عليه فى السابق أو منذ 10 سنوات تقريبا، لأنها استطاعت أن تجد أماكن للعرض ولاقت دعما أيضا من عدة جهات، بالإضافة إلى وجود جمهور، بالإضافة إلى وجود عناصر ووسائل عرض مختلفة، فبخلاف المهرجانات هناك قنوات فضائية و«يوتيوب»، والناس أصبحت تهتم بالأفلام التسجيلية بشكل تدريجى وتفهمت طبيعتها عن السابق، فمثلا عندما يحتاج المشاهد أن يرى فيلما عن الثورة فبدلا من متابعة فيلم روائى طويل يرى فيلما تسجيليا قصيرا أفضل له.