عندما ننتظر.. ويطول الانتظار.. ويطول.. فإننا نتململ.. نجلس قليلاً إن كنا واقفين.. أو نحرك أرجلنا قليلاً إن كنا جالسين.. ربما أطلق أحدنا سبة بذيئة أو أشعل لفافة تبغ كناية عن فقدان صبره.. فقط.. ثم نكمل الانتظار. وفي رحلة بحثنا الذاتية عن حقيقة الحياة.. نفتش.. ننقب في دواخلنا وخارجنا.. نستعمل طاقاتنا الداخلية والسطحية.. وربما استعنا بحفار بترول ليساعدنا علي عملية التنقيب عن الحقيقة.. حتي طال الوقت.. وربما نسينا ما كنا نبحث عنه أصلاً.. ولكننا مازلنا نبحث.. ربما لم يستطع أحدنا أن يتوقف للحظة عن البحث ويتساءل.. (هو إحنا بندور علي إيه بالظبط؟!!).. وإن تساءل فربما يجيبه الذي يحفر بجواره بقوله إنا نبحث عن الحقيقة أو السعادة.. أو أي شيء هلامي القوام.. فإن كان هذا الشخص يملك نظرة عامة لما يجري خارج حدوده.. لوجد أن الأرض حوله قد دمرت أو كادت من فرط عمليات التنقيب العملاقة.. وأن سطح نفسه هو قد أصبح غير مستوي من آثار الفحت والردم بداخله.. ربما افترضنا كل شيء ممكن.. ووضعنا أسس وقوانين للبحث والتجربة.. لكن.. هل في أي لحظة افترض أحدنا أن أدوات البحث التي نستعملها ليست صالحة لما نبحث عنه.. أو أن قوانيننا الذاتية ليست صحيحة؟؟.. فنحن نستخدم قواتنا ونفوسنا.. ونحلل بعقولنا.. تساؤلات لا تنتهي.. لكن أين ما نسميه حقيقة الأشياء.. وفجأة يظهر سؤال آخر.. لربما كانت الحقيقة هنا لكن هل نحن حقيقيون بدرجة كافية لكي نتمكن من رؤيتها.. وهل كانت أجهزة استشعارنا علي التردد الصحيح.. وما هو المقياس... أم أصبح لكل منا حقيقة خاصة.. فأصبح كل شخص يبحث عن شيء ما.. هو في النهاية ليس بحقيقة؟.. أما انتظارنا.. فربما كان لشيء لن يأتي أو شيء قد مر وذهب، ربما نحن ننتظر في المكان الخطأ.. بل أكثر من ذلك فربما كنا نتحرك فعلاً لكننا لا ندري.. أمام كل منا صورة ضبابية ينقصها شيء ما.. ربما الألوان.. أو تنقصها الروح.. أو الحب.. لا ندري حقاً. اعذروني علي تساؤلاتي الهلامية وسفسطتي (حلوة سفسطتي دي).. وعلي كل.. وبما أننا في مطلع عام جديد.. وبداية لعلها تكون جديدة.. وأمل جديد (أيوة فيه أمل حضرتك).. لأننا مازلنا نملك بعض الوقت لكي نكمل تساؤلاتنا التائهة ومازالت قلوبنا تنبض وعمليات التنفس تتتالي بصدورنا وإن كنا لا نشعر بذلك.. وإن كنا مازلنا نجهل ما نبحث عنه وأين يوجد.. ولا يوجد هنا من الناس أو من العلامات ما قد يرشدنا.. أو ربما كنا نحن من لا يراها.. هذا وقد سئمنا من الانتظار.. أو ما نحسبه انتظاراً.. فلنعد بالزمن للوراء.. قديماً قديماً.. إلي خلق الإنسان الأول.. وسبب مجيئنا إلي كوكب الدنيا.. وانتظارنا هنا.. فربما أدركنا أننا نبحث عن شيء ما.. ولكننا ننتظره.. في مكان خاطئ.