ذهب كل منهما لينام في بيت أهله ووجدت نفسي وحيداً في الشقة التي استأجرناها بين شبرا والمسرّة، الطراز قديم والأسقف عالية والحجرات متباعدة، وصاحبة الشقة تركتها لنا بسعر بخس ندفعه لها كل ثلاثة أشهر عندما تأتينا بنفسها من محافظتها البعيدة، ضمنياً وجدنا أنفسنا لا ندخل الغرفة التي ماتت فيها أم صاحبة الشقة، مازال دولابها موجوداً ممتلئاً بملابسها البيتية بل وجدنا تحت الفراش شبشبها الجلدي الصغير، لم نسأل عن سبب عدم إخلاء الغرفة أو حتي عدم غلقها بالضبة والمفتاح، واعتاد أحد زميليّ في الشقة أن يجعل صديقاته يرتدين ملابس العجوز الميتة ثم يخبرهن بالحقيقة مستمتعاً بالصرخات الرفيعة التي استفزت الجيران، وكنا نمزح سوياً بتخيّل حياة المرأة بين الجدران العتيقة ونمثل أحياناً أننا نتحدث معها حتي انقلب المزاح تدريجياً إلي وجود ثقيل مقبض لم نعترف به، ولكن رفيقاي بدءا يتحينان الفرص للمبيت في الخارج، حتي اعتدت البقاء في البيت وحدي، ثم بدأت أغلق غرفتي عليّ عندما أنام وكثيراً ما كنت أستيقظ مفزوعاً بلا سبب كما حدث الآن بالضبط، وقبل أن أنعس من جديد تيقنت أن صوت الطرقات علي باب الغرفة حقيقي تماماً.