«مصر لن تستردّ عافيتها إلا بعودته كرئيس شرعى.. ونهاية ما يدعيه من انقلاب على الشرعية». هكذا يزعم مرسى، وهكذا يعيش مرسى فى خياله وأوهامه.. وأوهام جماعته. لقد حكم الرجل مصر لمدة عام.. فأعدمها العافية. ويأتى اليوم ليتحدث عن عافية مصر التى أهدرها مع جماعته. إنه وهم.. ولعلى أذكّره وجماعته بما كتبته هنا يوم محاكمته: كان من الممكن أن يتجنب محمد مرسى مصيره الذى أوصله من قصر الرئاسة إلى القفص. كان من الممكن أن يجنّب مرسى البلاد ما وصلت إليه الآن من انفلات وإرهاب على يد جماعته. كان من الممكن أن يجنب محمد مرسى تعطيل البلاد. كان من الممكن أن يجنب مرسى محاولات التدخلات الأجنبية فى الشأن الداخلى. لكنه أبى وتكبّر وصار وراء جماعته التى طمعت فى عرش مصر. وحاول مرسى وجماعته تقزيم مصر. حاولوا أن يجعلوها عزبة خاصة. حاولوا أن يجعلوها تابعة لتنظيمهم الدولى الخاص. حاولوا هدم مؤسسات البلد. وعاند مرسى الشعب فى الإصرار على اتباع جماعته فى تغيير المجتمع لصالح الأهل والعشيرة.. والجماعة فى التمكين والسيطرة على حساب الشعب الذى استطاع أن يزيح حاكمًا مستبدًّا ظالمًا مثل مبارك.. فإذا به يجد حاكمًا مستبدًّا آخر هو محمد مرسى. وسطا محمد مرسى وجماعته على الثورة.. واعتبروها ثورتهم ليرثوا بها الحكم، وهم الذين لم يكن أبدا فيهم ثورى، بمن فيهم محمد مرسى، ولكن فجأة عندما استطاعوا الوصول إلى السلطة بالكذب والتضليل تحولوا إلى «ثوار» بالكذب أيضا. ولم يستمع مرسى إلى الشعب فى تحقيق مطالبه. واعتبر أن وصوله إلى رأس السلطة كمندوب لجماعة الإخوان يكفى! وحوّل مصر إلى حكم استبدادى جديد. كأنه لم تقم ثورة ضد الاستبداد والفساد. وجعل كل مؤسسات البلد أعداء له ولجماعته. فعمل على هدمها وتفكيكها لتبنيها الجماعة على طريقتها.. فكانت تدخلات الشاطر وأعضاء مكتب الإرشاد فى شأن تلك المؤسسات والتخلص مما وجدوه مخالفا لهم، وأتوا بالأتباع وأهل الثقة والأهل والعشيرة. كما استعانوا بالإرهابيين القدامى الذين أثبتوا أنهم خرجوا من عباءتهم، ليستعيدوهم مرة ثانية إلى الجماعة لاستخدامهم فى إرهاب المواطنين. وعطّل مرسى الانتقال الديمقراطى.. واعتدى على القضاء.. وحصّن قراراته من نقضها أمام القضاء.. واستعدى الإعلام.. وتوعده. ولم يتراجع عن مواقفه واستبداده. ولم يستمع إلى القوى الحيوية فى المجتمع التى دعته إلى الإصلاح، ولم يستجب وأصر على المضى فى طريقه الاستبدادى. وأصر على إصدار دستور طائفى.. دستور أصدرته لجنة الغريانى الباطلة. وأصر على وجود مجلس الشورى الباطل الذى اعتبره برلمان الإخوان! وزاد على ذلك أنه حصنهما بإعلان دستورى مستبد. وخرجت المظاهرات ضده تطالبه بالعدول عن مواقفه وقراراته الاستبدادية.. إلا أنه أصر واعتبر جماعته تحميه، وإرهابييهم يكفونه الدفاع عنه. ولم يستمع إلى نداء العقل من الشعب بالعودة إلى مطالب الثورة من الحرية والكرامة والعدالة. واستمر فى طغيانه. ولم يعد يرى أو يسمع إلا أهله وعشيرته وقياداته فى مكتب إرشاد الجماعة. ولم يدرك المظاهرات التى تخرج كل جمعة تطالبه بتحقيق أهداف الثورة. ولم يهتم بجمع الشعب توقيعات واستمارات تطالبه بالاستفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة. عاند كل تلك المطالب متخيلًا أن جماعة تحميه وإرهابيين سيدافعون عنه. لم يهتم بالملايين التى خرجت فى 30 يونيو. لم يهتم قبل ذلك بالإنذارات التى وجهها الشعب إليه وأنه لم يعد يصبر على أفعاله وهدم البلاد لصالح جماعته. فقد احتقر مرسى الشعب. فكان قرار الشعب بعزله.. ومحاكمته على جرائمه فى حق الوطن والناس. ولعل الآخرين يتعظون.