منذ بدء أعمال لجنة الخمسين والمواطن المصرى يطالع يومياً أخبار عمل اللجنة وما يثار بها من أراء ومقترحات وما تقوم به من لقاءات وندوات وجلسات اٍستماع وحوارات اٍلا أن المراقب بدقة لأعمال اللجنة يشعر بمدى الأضطراب والتردد المسيطر على اعمال اللجنة والقائمين عليها والتصريحات الصادرة من أعضائها والتى غالباً ما تفتقد اٍلى الوضوح والجزم وتميل الى العمومية والمناورة ومحاولة كسب جميع الأطراف وقد اٍزداد هذا الأنطباع وضوحاً وأصبح يصل اٍلى درجة التخبط وعدم الأتزان فى الفترة الأخيرة المعاصرة للتصويت على المسودة الأولى للدستور وحتى نقف على اسباب هذا التخبط يتعين علينا الرجوع اٍلى طريقة عمل اللجنة فى وضع النصوص الدستورية وليكن مثالنا فى هذا الصدد هى نصوص السلطة القضائية باعتبارها اٍحدى سلطات الدولة الثلاثة والركيزة التى ستقوم عليها العدالة فى الدولة بعد اٍقرار الدستور .
فبداية نجد أن نصوص السلطة القضائية قد تم وضعها بواسطة لجنة الخبراء أو لجنة العشرة وهم من خيرة رجال القانون والقضاء فى مصر ولديهم من الخبرات ما يؤهلم لوضع النصوص التى سيقوم عليها البناء القضائى فى الدستور وعندما انهت لجنة الخبراء أعمالها وتسلمت لجنة الخمسين المشروع الدستورى منها فاٍذا بلجنة نظام الحكم وهى المعنية بوضع نصوص السلطة القضائية والتى تخلو من أى خبرة قضائية أو قانونية معتبرة تتجاهل النصوص المقترحة من لجنة الخبراء وتبتدع اٍقتراحات شاذه دستورياً وليس لها ظهير دستورى فى النظم المقارنة كأقتراح اٍستحداث جهة قضائية تحت مسمى القضاء التأديبى تتكون من أعضاء هيئة النيابة الاٍدارية .
وهنا يثور التساؤل من المواطن العادى قبل رجل القانون ؟؟؟ كيف توصلت اللجنة لهذا الأقتراح ؟؟؟ وكيف تم التصويت عليه وهو بهذه الركاكة الدستورية ؟؟؟ فهل يتم التصويت على أى مقترح مهما بلغت غرابته ؟؟؟ أم يتم تقييم الأقتراح من الناحية العلمية ومدى اٍتفاقه مع النظم الدستورية المعمول بها فى دول العالم أو فى الدساتير المصرية السابقة ؟؟؟
فلو أخضعنا هذا الأقتراح للتقيم العلمى القانونى سنجد أنه لا يستقيم وفكرة القضاء الموحد أو المزدوج وهما النظامين المعمول بهما فى العالم كما أنه يتعارض ومبدأ حظر الجمع بين سلطة الأتهام أو التحقيق وسلطة الحكم ، كما أنه يمزق المنازعة الاٍدارية بين مجلس الدولة صاحب الأختصاص الاصيل بنظر المنازعات الأدارية باعتباره قاضى القانون العام والجهة الجديدة المزمع اٍنشائها فضلاً عن اٍهدار خبرات قضاة التأديب المتمرسون على اٍصدار الأحكام منذ عام 1958 واٍسناد الأمر لجهة لم يصدر اقدم أعضائها حكماً طوال حياته الوظيفية
لاٍقتصار وظيفته على اٍجراء التحقيق فقط وباستعراض هذا الكم من المثالب التى تشوب نص واحد من النصوص المقترحة بواسطة لجنة نظام الحكم اٍضافة اٍلى اٍفتقارها للخبرة القانونية كما أشرنا
فأن التساؤل يتجدد عن الأليه التى توضع بها النصوص التى من المفترض أن تكون دستورية ؟؟؟
والأجابة ومن خلال متابعة تطور الأحداث وتلاحقها أن اللجنة قد تجاهلت الأسلوب العلمى المتجرد وخضعت فى عملها حتى الأن (( للترغيب والترهيب )) من الجهات صاحبة المصلحة فى وضع نصوص بعينها مهما تعارضت هذه النصوص مع الثوابت الدستورية والمنطق السليم والصالح العام فهذه الجهات قد بدأت بالترغيب عن طريق الاٍحتفاء بأعضاء اللجنة ومجاملتهم وملازمتهم على مدار اليوم واٍقامة الندوات لهم والأشادة بهم والتقاط الصور معهم فى طرقات مجلس الشورى من أجل الحصول على مبتغاهم الشاذ تحقيقاً لأغراض شخصية بعيدة عن صالح هذا الوطن ، ولما تم توضيح الامور لبعض أعضاء لجنة الخمسين من قبل المختصين وتنبيههم اٍلى خطورة وفداحة ما ذهبوا اليه من مقترحات شاذه تطيح بفكرة العدالة كلية وعندما أبدى الكثير من أعضاء اللجنة تفهمهم للأمور على حقيقتها وليس كما تم تصويرها لهم – نظراً لعدم تخصصهم – فاٍذا بذات الجهات تلجأ لأسلوب الترهيب والمتمثل فى التهديد بالأمتناع عن الاشراف على الاستفتاء الدستورى فيما لو لم يحصلوا على ما يريدون مهما بلغت فجاجته فضلاً عن الأٍقحام غير المبرر لقضية المرأة وتوليها القضاء متناسين أن دعم دور المراة فى المجتمع – مع اٍقرارانا بأهميته – ليس مكانه فى الدستور باب السلطلة القضائية فضلاً عن اٍعتلاء المرأة منصة القضاء بالفعل ومنذ سنوات فكيف نتجادل فى قضية محسومة لا جدال فيها ومتحققة على أرض الواقع اٍلا أنه الترهيب لأعضاء اللجنة ولكل من يحاول قول كلمة حق فى نصوص دستورية ستحكم الشعب المصرى لعقود – حال وافق عليها –
وهنا نقول للجنة الخمسين الموقرة وهى بصدد التصويت على المسودة الاولى لدستور مصر 2013 أن الخائفون لا يكتبون دستوراً فانتصروا للحق والعدل ولضمائركم ووطنكم ولا تطمأنوا لترغيب ولا تخافوا ترهيب فالشعب المصرى على اعمالكم رقيب .
المستشار / محمد السمدونى القاضى بمجلس الدولة وعضو مجلس ادارة نادى قضاة مجلس الدولة بالغربية