من جديد تمارس إدارة باراك أوباما رئيس الولاياتالمتحدة المدعمة والمساندة لجماعة الإخوان المسلمين، ضغوطها على مصر بعد قيام المصريين بعزل محمد مرسى ونظام الإخوان فى 30 يونيو الماضى باستخدام ورقة قطع المعونة الأمريكية والمساعدات العسكرية عن مصر، وفى قرار البيت الأبيض الأخير قد ناقض نفسه بالتصريح عن وقف صفقة طائرات «إف 16» و«الأباتشى»، التى أعلنت عنها عقب عزل مرسى إضافة لدبابات «إن1 إيه1» وقطع غيارها، إلا أنها أعلنت عن استمرار مساعدات الجيش لمكافحة الإرهاب فى سيناء كأنه يستخدم أدوات أخرى غير الأسلحة التى قررت وقف تصديرها لمصر. خبراء سياسيون أشاروا فى تصريحاتهم ل«التحرير»، إلى أن قرار قطع المعونة لن يؤثر على مصر هذا العام، بعدما قامت الولاياتالمتحدة بإرسال القسم الأخير من المعونة فى شهر سبتمبر الماضى، واعتبروا ذلك نوعا من الضغط على الإدارة المصرية فى الوقت الراهن لإدماج جماعة الإخوان المسلمين فى المشهد السياسى مرة أخرى. مؤكدين أن رفض المعونة معناه التحرر الوطنى والمضى فى طريق تنفيذ خارطة الطريق. المدير الأسبق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، دكتور عبد المنعم سعيد، لفت إلى أن قرار قطع المعونة جاء بعد أن دفعت الولاياتالمتحدة المعونة بالفعل لهذا العام، موضحا أن إعلان القرار بهذه الطريقة يعكس درجة من التوتر وعدم الفهم فى العلاقة القائمة بين مصر وأمريكا، لافتا إلى أن الإعلان عن قطع المعون إشارة إلى أن الولاياتالمتحدة تريد أن تتدخل بشكل سلبى، باعتبارها موظفة نفسها حارس على «تطبيق خارطة الطريق وهو نوع من الضغط». وحول اتخاذ مصر رد فعل عكسى بالتوجه نحو روسيا والصين فى التسليح، مما قد يغير موازين القوة فى المنطقة ويعيد الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا، قال إنه لن تعود حرب باردة، والاتحاد السوفييتى انتهى وكان نحو 15 دولة مجتمعة الآن صار دولة واحدة، موضحا أن روسيا ليس لها سلعة واحدة فى السوق العالمى وهى دولة من دول العالم الثالث تصدر المواد الأولية فقط، ولفت إلى أن مصر لديها بعض قطاعات التسليح الروسى، لكن الطيارات وبعض الأسلحة الثقيلة والتكنولوجية مرتبطة بالتسليح الأمريكى وتحتاج إلى قطع غيار من مصدر تصنيعها، ودول الناتو المتحالفة مع أمريكا. سعيد أكد أن الأمر يحتاج إلى معالجة سياسية ودبلوماسية، وأنه لا بد من تحرك سياسى ودبلوماسى مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يزر وزيرة خارجية مصر أمريكا، ولم تتم اتصالات جيدة مع الجانب الأمريكى، وأنه لا يجب أن تكون تحركات قائمة على «عصبية، فلدينا أزمات بالداخل». الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية دكتور أيمن سيد عبد الوهاب، قال إن قرار قطع المعونة فى إطار السياسة الأمريكية ضد مصر بمراهنتها على الإخوان ودعمهم، وهو نوع من ممارسة الضغوط لإعادة إدماج الإخوان المسلمين فى العملية السياسية. الدكتور مصطفى علوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أكد أن تداعيات القرار الذى اتخذته الإدارة الأمريكية بقطع المساعدات عن مصر ستؤثر بشكل طفيف على الاقتصاد المصرى، لأنها فى الأساس محدودة، موضحا أن المشكلة تكمن فى قطع العلاقات العسكرية، فى نحو 1.3 مليار دولار. علوى شدد على أنه لا يجب أن نترك لأمريكا الفرصة كى تتحكم فى قراراتنا وتمارس ضغوضها علينا، مؤكدا أن الجيش المصرى لم يكن يحصل على معونات عسكرية قبل عام 1980، مشيرا إلى أن هذا القرار سيؤثر سلبا على العلاقات الثنائية المصرية الأمريكية، وأن الخاسر الأكبر هم الأمريكان، لأن مصر دولة محورية فى المنطقة العربية والشرق الأوسط وموقعها الجغرافى يعطيها ثقلا دوليا. الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أكد أن قطع المعونات العسكرية عن مصر مرتبط بالأساس بالأمن المباشر لإسرائيل، وما يحدث فى سيناء، مضيفا أن هذه المعونات كانت من بين ما تم الاتفاق عليه عند إبرام اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية فى عام 1978، وهذا يناقض ما تم الاتفاق عليه. ولفت إلى أن هذا القرار ستكون له تداعيات كبيرة ستنتهى إلى تقوية الشعور الوطنى بالاعتماد على الذات والاستغناء تماما عن أى معونات من الخارج فى ما بعد.