من المتوقع أن تشهد الشوارع المجاورة لمقر الأممالمتحدة تظاهرات مؤيدة لثورة 30 يونيو وأخرى «إخوانية» رافضة لها يلقى نبيل فهمى وزير الخارجية اليوم «السبت» كلمة مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن المنتظر أن تشمل كلمة مصر تأكيدا والتزاما بأن مصر فى هذه المرحلة الحرجة والحاسمة من تاريخها تسير على درب خارطة الطريق، التى اتفق عليها كل القوى السياسية المصرية نحو إرساء الدولة المدنية الديمقراطية. وأيضا تشديدا على خطورة أعمال العنف والإرهاب التى شهدتها البلاد فى الفترة الأخيرة وقيام الحكومة بمواجهتها بكل حسم فى إطار القانون. وبالطبع ستلفت كلمة مصر إلى مدى الاهتمام البالغ لدول العالم وشعوبها للوقوف مع مصر ضد تحدياتها العديدة.
وتأتى كلمة مصر مع دعوات «إخوانية» توجه للاعتراض والتظاهر ضد «كلمة الوفد الانقلابى» و«منع وزير خارجية الانقلاب من التحدث باسم مصر» و«ضد العسكر» و«مع الشرعية». ودعوات أخرى «ومنها قبطية» للوقوف مع السيسى وزير الدفاع والحكم الانتقالى و«خارطة الطريق» و«محاربة الإرهاب». وبالتالى من المتوقع أن تشهد الشوارع المجاورة للمقر الرئيسى للأمم المتحدة تظاهرات ولافتات ضد الحكم الحالى وأيضا مع الحكم الحالى أيضا. البعض يقول «سيشارك المئات» والبعض الآخر «يتوقع العشرات». ولا شك أن مشهد العام الماضى مع حضور الرئيس السابق مرسى لنيويورك يتكرر من جديد بعد أن تبدلت الأدوار والمواقف.
يوم أول من أمس الخميس واصل وزير الخارجية نبيل فهمى لقاءاته العديدة فى نيويورك. ومنها لقاؤه مع تدروس جبريسوس وزير خارجية إثيوبيا. وقد أكد فهمى خلال اللقاء حرص مصر على علاقاتها بإثيوبيا والعمل على تطويرها فى مختلف المجالات بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين على أساس مبدأ تحقيق المكاسب للطرفين دون الإضرار بمصالح أى طرف. وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن الوزير فهمى أكد أيضا خلال اللقاء الأهمية البالغة التى توليها مصر لقضية الأمن المائى فى ظل اعتمادها الكامل على مياه نهر النيل، مشيرا إلى حق إثيوبيا فى الاستفادة من مواردها الطبيعية فى تحقيق التنمية دون الإضرار بمصالح وحقوق مصر المائية. وحسب ما ذكره المتحدث فإن الوزير الإثيوبى أكد حرص بلاده تجاوز الشكوك التى سادت العلاقات بين البلدين فى الماضى والنظر إلى المستقبل بثقة، مشيرا إلى حرص بلاده على عدم الإضرار بمصالح مصر وحقوقها المائية.. مجددا التأكيد على ما سبق أن ذكره من أن مصير البلدين مرتبط قائلا: «إما أن يسبحا معا وإما أن يغرقا معا»، ومؤكدا أن الاستثمارات المصرية فى إثيوبيا شهدت زيادة ملحوظة مؤخرا بشكل يصب فى اتجاه تعميق المصالح المشتركة وتحقيق المكاسب للطرفين. كما تناول الوزيران المصرى والإثيوبى قرار مجلس السلم والأمن الإفريقى بشأن مصر، حيث أعرب فهمى عن استياء مصر من هذا القرار المتسرع ورفضها الكامل له.. ومن جانبه أكد وزير خارجية إثيوبيا رغبة بلاده الصادقة فى تجاوز آثار هذا القرار إيمانا بدور مصر المحورى فى القارة الإفريقية.
يوم الخميس أيضا شهد «تجاوزا تونسيا» فجاء الرد المصرى على ما قاله الرئيس التونسى فى كلمته. إذ مع كلمات الدول ورؤسائها حدث مع كلمة تونس ما لم يحدث من قبل مع كلمة تركيا أو قطر، كما كان يتوقع البعض. فمحمد المنصف المرزوقى رئيس تونس بعد أن قال: «.. ولا يزال أمام تأسيس الديمقراطية وبناء دول مدنية فى المجتمعات العربية مستقبل واعد، رغم ما تشهده ليبيا واليمن ومصر من صعوبات لا مناص منها، نعتقد أنه سيقع تجاوزها مهما تطلبت من وقت»، أضاف: «من هذا المنبر الموقر أهيب بالسلطات القائمة فى مصر أن تطلق سراح الرئيس محمد مرسى وكل المساجين السياسيين، فمثل هذه المبادرة الجريئة قادرة وحدها على خفض الاحتقان السياسى ووقف مسلسل العنف وعودة كل الأطراف إلى الحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل المشكلات الصعبة التى تفرضها المراحل الانتقالية». كما قال أيضا: «أطالب بفك الحصار عن قطاع غزة ووقف الاستيطان الإسرائيلى».
فجاء رد فعل الخارجية المصرية سريعا وجاء كالتالى: «أعربت وزارة الخارجية عن رفضها واستيائها مما ورد فى كلمة الرئيس التونسى أمام أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم 26 سبتمبر حول مصر بالمطالبة بإطلاق سراح ما سماه بالمساجين السياسيين.
وتؤكد وزارة الخارجية أن ما ورد فى تلك الكلمة بشأن مصر يجافى الحقيقة، فضلا عما يمثله ذلك من تحدٍّ لإرادة الشعب المصرى الذى خرج بالملايين فى 30 يونيو مطالبا بإقامة ديمقراطية حقيقية تؤسس لدولة عصرية جامعة، لا تقصى أيا من أبنائها، وهو ما نرجوه للأشقاء فى تونس، الذين لا يزال البعض هناك يحاول أن يفرض عليهم نموذجا بعينه لا يعبر عن واقع وطبيعة المجتمع التونسى السمحة».
من ضمن لقاءات فهمى الخميس أيضا كان لقاؤه مع نافى بيلاى المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وعقب اللقاء ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن فهمى عرض خلال اللقاء بناء على طلب المسؤولة الأممية بشكل مفصل للتطورات السياسية فى مصر بعد ثورة 30 يونيو، والعملية الجارية لتنفيذ خريطة الطريق وفق توقيتاتها الزمنية المعلنة، وما تم إنجازه بالفعل حتى الآن فى ما يتعلق بتعديل الدستور تمهيدا لإجراء لانتخابات برلمانية ورئاسية. كما شدد فهمى على خطورة أعمال العنف والإرهاب التى شهدتها البلاد فى الفترة الأخيرة وقيام الحكومة بمواجهتها بكل حسم فى إطار القانون، مؤكدا أهمية إدانتها بكل قوة من جانب المجتمع الدولى.
كما ألقى وزير الخارجية نبيل فهمى الخميس كلمة مصر أمام اجتماع مجموعة ال«77» بمقر الأممالمتحدةبنيويورك. وقد تناول فهمى فى كلمته عن المرحلة الحاسمة فى التاريخ المصرى الحديث وثورة الشعب المصرى الذى خرج فى يناير 2011 على نظام فاسد ويعلن مطالبه الواضحة التى حددها فى شعار «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» ثم عاد فى الثلاثين من يونيو الماضى ليثور مجددا على نظام أظهر فشلا فى تحقيق أى من هذه الأهداف، بل وسعى للاستئثار بالسلطة لمصلحة فريقه وجر البلاد إلى طريق لا تحمد عقباه. الحديث عن مصر التى ستكون ومصر التى يجب أن تكون سياسيا واقتصاديا وإقليميا هو حديث العالم هذه الأيام. مصر.. مكانها ومكانتها فى ذاكرة من يتعامل مع شأنها وأحيانا يتصادم بشأنها حول التفاصيل والتوجهات. لم يعد هناك من يبكى على مرسى أو فلنقل حكم الإخوان؟ ولكم من الصعب أو المستحيل أيضا أن تجد من يهلل بقدوم الحكم العسكرى والسيسى؟ وبالطبع هناك من يتخوف ويقلق من استمرار الإجراءات الاستثنائية لأمد طويل وربما إلى ما لا نهاية. ومن يتوجس من استمرار قمع الحريات وإسكات المعارضة والإعلام؟ وبالطبع الكل يشدد على أن الشعب المصرى فى بداية الأمر وأيضا فى نهاية المطاف هو صاحب القرار والاختيار.. والكل ينتظر كلمة مصر وقرارها وأفعالها فى مواجهة تحدياتها.