المصريون أنهوا الإخوان للأبد.. والدليل رفع صور عبد الناصر فى ثورة 30 يونيو
عودة الإخوان إلى الشارع مستحيلة.. وانتشارهم وتأثيرهم فى بعض المصريين سببه الخلل الذى أحدثه انفتاح السبعينيات
معركة الدستور هى الأهم خلال المرحلة.. ويجب أن يمنع الدستور تأسيس أى حزب على أساس دينى
أختلف مع بشار الأسد ولا أدعم حزب البعث.. ولكن سقوط الجيش السورى يعنى سقوط سوريا
كانت ملامح والده ونبرات صوته التى يعرف المصريون تفاصيلها واضحة، خلال حديثه عن جماعة الإخوان التى باعت الوطن من أجل مصالحها الخاصة، وكلامه عن الشعب المصرى الذى سيتخطى الصعاب التى يمر بها، كان ينظر إلى صور والده المعلقة فى كل مكان بشقته، كل جملة يقولها يتذكر فيها جمال عبد الناصر، ولما لا وهو ابن الزعيم الذى لم ولن ينساه المصريون أبدا.
«الدستور الأصلي» أجرت حوارا مع المهندس عبد الحكيم نجل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى رفع المصريون صورته على أعناقهم فى ثورة 30 يونيو، تناول خلاله مستجدات المشهد المصرى منذ 30 يونيو ومشكلات الوضع الإقليمى، خصوصا سوريا، فإلى الحوار.
■ هل ترى أن الأوضاع المتوترة التى تشهدها مصر حاليا سوف تستمر فترة أطول؟ - الوطن يمر حاليا بمرحلة صعبة جدا، لكن المصريين يستطيعون تخطى هذه المرحلة، والجيش بإذن الله سوف ينتصر على الإرهاب، الحرية لها ثمن مكلف هذا أمر طبيعى ومتوقع، لكن الثمن كان سيصبح أكبر بكثير لو كان الشعب استسلم لمرسى وجماعته، فمصر التى عاشت لآلاف السنين كانت ستنتهى على يد جماعة الإخوان المسلمين للأبد، الأزمة تكمن فى أن الجيش فى الحرب العادية يتعامل مع عدو واضح وصريح، لكنه فى الحرب الحالية يتعامل مع عدو خسيس لا يوجد لديه فى الخلاف لا شرف ولا كرامة، يستخدم أسلوب حرب العصابات والتفجيرات والعمليات الخسيسة والوجوه الملثمة، ولا يعرف أسلوب المواجهة، وهذا هو المتوقع من تلك الجماعة وأذنابها، ما الذى ننتظره من جماعة قامت منذ نشأتها وعلى مدار تاريخها بمؤامرات ضد الوطن، هذه هى طريقتهم الخسيسة على مدار تاريخهم الملىء بالقتل والإرهاب، قتلوا أحمد ماهر والنقراشى والخازندار قبل ثورة 1952، وحاولوا اغتيال جمال عبد الناصر فى المنشية عام 1954، وحاولوا تفجير القناطر الخيرية لإغراق الدلتا وحاولوا تفجير مفاعل أنشاص النووى لإحداث كارثة مثل كارثة مفاعل تشرنوبل، إضافة إلى ما مارسوه من إرهاب فى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، لكن أنا على يقين أن هذه المرحلة سوف تنتهى، وستقضى مصر على الإرهاب والإرهابيين وستعود ثانية بلد الأمن والأمان كما كانت، وعلى الدولة المصرية أن تقطع كل يد خارجية تعبث بأمن هذا البلد لصالح تلك الجماعة الخائنة وأخص بالذكر جماعة «حماس» ذراع الإخوان فى فلسطين، ويجب الفصل بين حماس والمقاومة الفلسطينية، وبين أنصار حماس والشعب الفلسطينى، وعلى المصريين أن يعوا أن القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر هى قضية أمن قومى، والخلط فى هذا الأمر خطأ فادح بحق القضية.
■ هل ترى أن هناك إمكانية لعودة الإخوان فى الشارع مرة أخرى.. بمعنى آخر هل من الممكن أن يترشح الإخوان فى أى انتخابات قادمة تحت أى شعار ويفوزون فى تلك الانتخابات؟
- عودة الإخوان إلى الشارع مرة أخرى مستحيلة، هم خسروا الشارع المصرى للأبد، الجماعة انتهت من مصر وما يفعلونه من مظاهرات متوترة وعمليات انتقامية من الشعب دليل على أن إحساسهم بالانتهاء وصل إليهم، ومستحيل أن تعود الجماعة لتفوز فى انتخابات أو ما شابه حال فكروا فى ذلك، لأن الظرف التاريخى نفسه تغير، الجماعة طوال 40 سنة تظهر فى وسائل الإعلام بصورة المظلوم، تشيع أن التهم تلفق إلى أعضائها، وظهور تيار الإخوان المسلمين وتأثيره فى قواعد كثيرة فى الشعب خصوصا الفقيرة والمهمشة، سببه الخلل الذى حصل فى مصر بعد الانفتاح الاقتصادى فى السبعينيات، فقبل هذا الانفتاح كانت مصر بها أكبر طبقة متوسطة، كان هناك فقراء لكن تعبير «تحت خط الفقر» لم نكن نعرفه، بعد الانفتاح وصلنا إلى دولة بها 40% من المواطنين تحت خط الفقر، ظهر الاقتصاد الطفيلى الذى نتج عنه تفشى ظاهرة البطالة، الأغنياء ازدادوا غنى والفقراء ازدادوا فقرا، هذا ما استغلته جماعة الإخوان صاحبة مصادر التمويل المشبوهة، واستغلوا خلال تلك الفترة عوَز الناس وحاجتهم، مما أدى إلى انتشار قواعد لهم فى كل مصر، وعقب الثورة وسقوط نظام مبارك استطاع الإخوان خلال الفترة الماضية أن يخدعوا الناس باسم الدين ويستغلوا حاجة الناس ويشتروا أصواتهم مقابل المال أو السلع التموينية التى لا تظهر إلا وقت الانتخابات، وعقب وصول الإخوان إلى الحكم لم يقدموا إصلاحات أو أى حلول للمصريين وثبت فشل الإخوان فى إدارة الدولة، لأنهم لم يفرقوا بين إدارة الدولة وإدارة الجماعة، تلك التجربة المريرة التى عانى منها المصريون على مدار عام انتهت بأكبر ثورة شعبية فى تاريخ البشرية، لذلك فإنه من الصعب عودتهم مرة أخرى على الأقل فى هذا الجيل، والشعب المصرى لا ينسى، كما يروج البعض، الشعب المصرى مسامح لكنه لا ينسى الإساءة، والدليل أن المصريين رفعوا صور جمال عبد الناصر فى مظاهرات 30 يونيو بعد 43 عاما من وفاته، وسيتذكر المصريون جيدا أن الإخوان كانوا هم سبب الاحتقان فى الشارع المصرى وأنهم فرقوا حتى بين أبناء العائلة الواحدة.
■ وكيف تقيم أداء الحكومة الانتقالية حتى الآن؟
- مبدئيا لا أحد يمتلك عصا موسى، لن تستطيع الحكومة الحالية أن تحل المشكلات الموجودة والمتراكمة فى خمس دقائق، هذه المشكلات المتراكمة على مدار سنوات طويلة لن تحل فى يوم وليلة، أرى أن الحكومة الحالية لديها النية لحل المشكلات والنهوض بالبلد خلال تلك الفترة، لكن إلى الآن لم يصل ذلك إلى الإرادة، الإرادة هى أن تنفذ إرادة الغالبية العظمى للشعب المصرى، وأرى أن الحكومة يجب أن تسارع فى اتخاذ قرارات تمس المواطن، قرارات يشعر بها المواطن أن هذه الحكومة تنحاز إليه وإلى مطالبه.
■ لكن كيف تستطيع حكومة انتقالية عمرها الافتراضى تسعة أشهر أن تحسن من الأوضاع فى البلد، خصوصا فى ما يخص العدالة الاجتماعية؟
- كما قلت مسبقا لا أحد يمتلك عصا موسى، لكن الحكومة تستطيع اتخاذ قرارات تحتاج إلى إرادة سياسية، يجب أن يشعر المواطن بوجود إصلاحات حقيقية، بأن الحكومة الحالية تسعى من أجل تحسين أوضاعه المعيشية، والشعب خرج يوم 30 يونيو، لأن أهداف ثورة 25 يناير لم تتحقق، نفس المطالب خرج بها يوم 30 يونيو لكنه أضاف عليها هدفا آخر وهو تأكيد مبدأ الاستقلال الوطنى، المهم أن تأخذ الحكومة الحالية قرارات تعبر عن مصالح الغالبية العظمى من الفقراء والمشكلات الجوهرية التى تؤرق جنبات كل أسرة مصرية، يجب أن يشعر المواطن أن البوصلة ذاتها تغيرت، لا بد أن تأخذ الحكومة قرارات سريعة مثل تطبيق الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، والذى لم يحدد بعد، يجب أن تقوم الدولة بإعادة تشغيل المصانع المتوقفة والمنشآت المغلقة من خلال توجيه دعم مالى لتلك المنشآت، واتخاذ قرارات لصالح الفلاحين، على سبيل المثال الحكومة تستطيع تشجيع الفلاحين من خلال شراء محاصيلهم بسعر أعلى من السعر العالمى، هذا سوف يشجعهم على زراعة أراضيهم أفضل من إهمالها، بالإضافة إلى إلغاء ديون الفلاحين، وإعادة أراضى الإصلاح الزراعى إليهم، كما أن الدولة تستطيع حل مشكلات الشباب، على سبيل المثال عليها أن تقوم بتوزيع الأراضى على الشباب، واستعادة الأراضى التى وزعت على المستثمرين فى فترة رأسمالية المحاسيب فى عهد مبارك، التى لم تستغل فى أغراض الزراعة لكنها استغلت لأغراض أخرى ويتم إعادة توزيعها على الفلاحين والشباب مرة أخرى.
■ كثيرون يتحدث عن ترشيح الفريق عبد الفتاح السيسى لنفسه فى انتخابات الرئاسة رغم أنه لم يصرح بذلك.. فى حال ترشحه هل توافق على هذه الخطوة أم لا؟
- رغم أن الحديث عن الانتخابات الرئاسية سابق لأوانه لكن الفريق السيسى لو تقدم لهذه الخطوة بالتأكيد فسوف أحسم مسألة لمن سيكون صوتى، لأنه أثبت انحيازه للشعب، أنا أريد رئيسا ينحاز إلى شعبه ولا يضع حسابات سوى للشعب، الفريق السيسى لو لم يأخذ خطوة الانحياز لإرادة المصريين عقب ثورة 30 يونيو لكانت عاشت مصر فى حمامات الدماء حتى الآن، ولكانت الإخوان علقت المشانق فى ميدان التحرير للثوار، ومن حق الفريق السيسى أن يترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية كمرشح مدنى، والتجربة أثبتت أنه منحاز لغالبية الشعب المصرى، وأنه معتز بكرامة وعزة هذا الشعب، ولم يقبل أى ضغوط من الداخل أو الخارج لتجعله يقبل بشىء خارج إرادة المصريين، وبخصوص ما يثيره البعض حاليا من كلام سخيف حول عسكرة الدولة ورفع شعار «يسقط حكم العسكر»، فهذا ادعاء كاذب غير موجود، الحكم العسكرى هو أن تتولى المؤسسة العسكرية شؤون الحكم، مثلما فعل المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، أما ثورة 30 يونيو فالمؤسسة العسكرية لم تتول شؤون الحكم، هناك حكومة مدنية، وتم تعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد بصلاحيات شرفية، مثلما كانت تطالب «تمرد» فى استمارة سحب الثقة وهو ما وقع عليه الشعب، وأتعجب ممن يقولون 60 سنة عسكر، الرئيس جمال عبد الناصر فى عام 1956 قدم نفسه كمرشح مدنى للرئاسة وخلع بدلته العسكرية، وانحاز للشعب وقام بعمل إنجازات اقتصادية وعلمية واجتماعية عظيمة وكانت الجنازة المهيبة لعبد الناصر عندما خرج الملايين فى وداعه كانت أكبر تقدير له وأكبر دليل على حب الشعب لعبد الناصر، هذا الحب والتقدير اكتسبه عبد الناصر لأنه انحاز للشعب، المصريون فى النهاية يريدون زعيما يلتفون حوله، يريدون الالتفاف حول من ينحاز لهم ولإرادتهم.
■ وما رأيك فى تشبيه الفريق السيسى بالزعيم جمال عبد الناصر؟
- موقف الفريق عبد الفتاح السيسى البطولى يوم 3 يوليو يعيد إلى أذهان المصريين أيام العزة والكرامة التى كانت السمة فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، لأول مرة نخرج من العباءة الأمريكية التى كنا لها تابعين أكثر من أربعين عاما، قرارنا أصبح يخرج من قلب القاهرة، وليس البيت الأبيض الأمريكى، أصبح قرارنا مصريا خالصا نابعا من الإرادة المصرية يعبر عن عزة وكرامة الشعب المصرى، الفريق عبد الفتاح السيسى انحاز للشعب أمام الإدارة الأمريكية التى لم يعبأ بها وبما تريد، لم يهتم بما سيقوله أو يتخذه الأمريكان من مواقف، لم يهتم بمواقف دول عظمى وتابعيها من دويلات غير عظمى، الرجل كان صخرة أمام كل هذه التحديات، كل هذا عاد بالمصريين إلى أيام جمال عبد الناصر.
■ وفى حال عدم ترشيح الفريق السيسى لنفسه فى الانتخابات لمن سيكون صوتك؟
- قلت مسبقا إن الحديث عن الانتخابات الرئاسية سابق لأوانه، وأرى أن المعركة الحقيقية هى الدستور، كتابة دستور جديد يضمن كل الحقوق للمصريين هو الذى سيرسم شكل الدولة المصرية، ويجب أن يراعى الدستور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يجب أن يكون الدستور حاسما فى مسألة عدم تأسيس أحزاب سياسية على أساس دينى، ويجب أن يكون حاسما أيضا فى شكل نظام الحكم، كما أننى أرى أنه من الأفضل أن تبقى نسبة الخمسين بالمئة «عمال وفلاحين» باقية فى الدستور، أرى أن تظل هذه النسبة موجودة، لأنه لا يعقل أن يتم حذف تلك المادة والشعب نصفه من العمال والفلاحين.
■ كيف تقيم الموقف الغربى من الأحداث فى مصر؟
- لا أعرف لمَ نشغل بالنا بالغرب، هل هو راض عنا أم غير راض، فى الوقت الذى حاصر الغرب مصر 18 عاما قام المصريون بتأميم قناة السويس وبناء السد العالى وبناء ألف مصنع وتأسيس قطاع عام قوى وتأسيس مصانع للإنتاج الحربى، تم العمل بمجانية التعليم فخرج من عباءة التعليم المجانى علماء مصريون أجلاء، العالم المصرى أحمد زويل خريج مدرسة حكومية وغيره كثير، كانت الجامعات المصرية من أفضل الجامعات فى العالم، الأوضاع الاجتماعية والمشاريع القومية التى تبنتها السلطة الحاكمة والتف حولها الشعب أثرت فى كل مناحى الحياة، كانت لدينا سينما عظيمة ومسرح عظيم وأدباء عظام، لذلك فإن مصر فى حاجة إلى مشروع قومى يلتف حوله المصريون، مشروع تنموى حقيقى فى الصحة وفى التعليم وبقية المجالات، مثلما كان فى عهد عبد الناصر، ويجب أيضا تكون الإرادة المصرية خالصة، ونريد أن نعيد علاقاتنا بإفريقيا وبالهند وروسيا صاحبة الموقف المشرف من ثورة 30 يونيو، نبحث عن الشركاء الحقيقيين ونوطد علاقتنا بهم، كالشراكة المصرية السوفيتية، التى لم تكن متدخلة فى الشأن المصرى مثل الإدارة الأمريكية، والدليل على ذلك عندما جاء السادات لينهى تلك الشراكة وقام بترحيل الخبراء الروس الذين تركوا البلد خلال 48 ساعة، ولم يحدثوا أى خلل بعد ذلك، على عكس التبعية للولايات المتحدة التى أدت إلى تدهور الأوضاع فى مصر خلال أربعين عاما بسبب المعونة المشؤومة، وهى التى كانت تؤثر على صنع القرار المصرى وأحدثت الخلل فى كل قطاعات الدولة، ولو قام كل مواطن مصرى بالاستغناء عن كارت شحن ثمنه 10 جنيهات فى الشهر فسنقوم بتوفير مبالغ أكبر من المعونة أضعافا مضاعفة.
■ هل ترى بالفعل أن مصر تخوض معركة استقلال وطنى؟
- بالطبع مصر تخوض أكبر معركة استقلال وطنى منذ أيام عبد الناصر، استقلال عن التبعية الأمريكية مثلما قلت سابقا التى كانت مصر تابعة فى ظلها أكثر من أربعين عاما، مبدئيا الإخوان وصلوا إلى حكم مصر بناء على اتفاق مع الأمريكان لتنفيذ المخطط الشيطانى مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى تخطط له الإدارة الأمريكية منذ أيام كونداليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، هذا المخطط حطمه الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو، وتحول الفريق عبد الفتاح السيسى والجيش المصرى العظيم لإرادة شعبية تستجيب لمطالب الشعب، استجابت القوات المسلحة كعادتها لإرادة الملايين من الشعب المصرى، وتم تحطيم هذا المخطط على يد الشعب والجيش، 30 يونيو حطمت حلم الإخوان من التمكين من مصر، مصر أكبر من الإخوان والشعب المصرى عصى على التطويع، خطوة الفريق السيسى كانت الأهم بعد محاولات الإخوان من التمكين من الدولة، وفرطوا فى حق المصريين، حتى فى حدود الوطن استجابة للمخطط الأمريكى.
■ هل ترى أن أمريكا سوف تنفذ تهديدها بتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا؟
- التهديد الأمريكى بضرب سوريا من ضمن أسبابه أن أوباما والإدارة الأمريكية يثأرون لفشلهم فى مصر، لكن هناك حسابات الإدارة الأمريكية تضعها فى الحسبان، لأن المجتمع الأمريكى نفسه يرفض أن يخوض الجيش حربا جديدة ويرفض التضحية بمواطنين أمريكان فى حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وفى ما يخص الشأن السورى أنظر له من زاويتين، الزاوية الأولى أنظر على سوريا الدولة لا سوريا النظام من خلال حزب البعث الحاكم، أنا أدعم الجيش السورى الذى هو مكون رئيسى فى الدولة السورية، لأن سقوط الجيش السورى يعنى سقوط الدولة السورية، وهذا معناه أن حدود إسرائيل أصبحت مع تركيا، وبالتأكيد أعارض تلك الجماعات المرتزقة الممولة والمسماة بالجيش السورى الحر، لأن هذه الميليشيات مكونة من مجموعات من تنظيم القاعدة ومرتزقة من كل حدب وصوب من سوريا وأفغانستان والشيشان ودول عربية، ما علاقة هؤلاء بإصلاح النظام السياسى فى سوريا مثلا؟ هى حرب مدارة ضد سوريا وإسقاط الدولة السورية، وأول ما فعله هؤلاء أنهم أعادوا رفع علم الانتداب الفرنسى فى سوريا، وأصبح هو الرمز بالنسبة لهم، وإذا كان الخلل الذى حدث فى سوريا خللا فى النظام الداخلى وأنا لا أنكر استبداده لكنها أمور داخلية ليس من حق أى طرف خارجى أن يتدخل فيها، والقاعدة التاريخية معروفة أن البادئ بسوريا يُثنّى بمصر، يعنى لو سقطت سوريا أو تعرضت لضربة عسكرية فالدور القادم بالتأكيد سيكون على مصر، وأعتقد أنه يجب على الشعب المصرى أن يقف ضد أى تهديد للتدخل الأمريكى فى الشأن السورى، عن نفسى لم ألتق الرئيس بشار الأسد سوى مرة واحدة فقط فى عزاء والده الرئيس حافظ الأسد رحمه الله، كانت هذه هى المرة الأولى والأخيرة ولم ألتقيه بعدها أبدا، وأنا لا أدافع عنه لكنى أدافع عن الدولة السورية وبقائها، والجميع تعاطف مع الانتفاضة السورية فى بدايتها، مثلما تعاطفنا فى البدء مع الانتفاضة فى ليبيا، كان هناك استبداد فى ليبيا لا نستطيع أن ننكره، لكن عندما ننظر إلى النتيجة اليوم وما آل إليه الوضع فى النهاية نجد أن نظام القذافى سقط وسقطت معه الدولة الليبية لعقود طويلة قادمة، لننظر من يدير الدولة الليبية حاليا أناس من القاعدة وإرهابيى بن لادن، وهؤلاء هم من فتحوا مخازن السلاح الليبى ليدخل مصر، هذه الأسلحة وصلت إلى يد الجماعات الإرهابية فى سيناء لقتل أبناءنا من الجيش، وعادت ليبيا مرة أخرى لتهدد الأمن القومى المصرى بعد أن كانت تحمى حدود مصر الغربية، ليبيا من وقت ثورة الفاتح سبتمبر 1969 وحتى سقوط نظام القذافى 2011 كانت عمقا استراتيجيا لمصر، وخلال فترة غارات العمق فى حرب الاستنزاف كان طلبة الكلية الجوية يتم تدريبهم فى القواعد الجوية الليبية فى طبرق وسوسة لتكون بعيدة عن مرمى الطيران الإسرائيلى، وفى عام 1973 كانت هناك طائرات ليبية تشارك الطيران المصرى فى حرب أكتوبر المجيدة، أما الآن فقد عادت ليبيا لتكون قاعدة ضد مصر وهى نفس النوعية التى جاءت لضرب سوريا.