.. إذا جردوك من كل أسلحتك فتنبه أن السلاح الأقوي مازال تحت جلدك، وهو صبرك!! .. كلما زاد حماس الناس وتأييدهم لي تفاءل أنصاري، وزملائي، وتشاءمت «!!» .. علمنا التاريخ أنه كلما توحدت المشاعر، أو تقاربت الآراء، حول شخص يمكن طرحه كبديل لنظام مستبد، توقع فوراً تعرض هذا الشخص للاغتيال إما المادي أو المعنوي!! .. علمنا التاريخ أيضا، أن الأنظمة المستبدة الغارقة في الفساد، والفشل حتي أذنيها لا تملك تجميل وجهها القبيح، لكنها تملك أن تشوه كل الوجوه، كي تكون مثلها!! .. الأنظمة المستبدة لا تريد أقوياء، إنما تريد ضعفاء، لا تريد أصدقاء بل تريد أتباعاً، لا تريد نصحاء مخلصين، بل تريد منافقين وهاتفين ومؤيدين!! .. أي رجل طويل القامة، في طابور الأقزام هو خارج علي النظام، والقانون الذي ينظم طول العبيد، كي لا يطول أحد منهم مقاسات الأسياد، وإذا لامس أحد من العبيد الخط الأحمر لابد أن يضرب كي ينحني لتقصر قامته، أو يركع علي قدميه حتي تصل رأسه لرؤوس أقرانه الأقزام وأحذية أسياده من الحكام. .. عندما خرجت من سجني قلت بوضوح إنني لن أكون أميراً للانتقام!! توهمت أن هذا التسامح كافياً كي نعيش في سلام، ونؤدي دورنا في أمان، لكن هيهات!! .. النظام في مصر.. لا يعرف التسامح!! ولا تدخل في قاموسه كلمة التصالح!! قد يغمض عينيه ويرخي جفونه، علي معارض- ولو تطاول علي النظام- لكنه لا يقبل أن يغمض عينيه، أو يغل قبضته لحظة، عن بديل «!!» المعارضة شكل مطلوب أحياناً، لكن البدائل أمر مرفوض في كل الأحيان!! .. إذا ظهر بديل في فضاء دولة مستبدة، فهو شذوذ عن القاعدة، ينكد عليهم حياتهم، ويقلق راحتهم، ويزعج أحلامهم، ويهدد ورثتهم!! فإذا عجزوا عن أن يشتروه حاولوا أن يبعدوه وإذا عجزوا سجنوه، وإذا عجزوا عن تحقيق غايتهم من سجنه حاولوا أن يغتالوه!! وإذا كان اغتياله قد يحمل لهم متاعب أكبر قرروا أن يصفوه معنوياً!! أن يشوهوه!! أن يحاصروه بدائرة جهنمية من النميمة والشائعات، والأكاذيب والاختلاقات، في محاولة لفض الناس عنه!! .. سنوات عرفت فيها معني التصفية المعنوية.. إعلام بلدي المرئي والمسموع والمقروء، لا يذكر اسمي إلا قدحاً وذماً وتشكيكاً ونيلاً من سمعتي، وتدخلاً حتي في الخاص من حياتي. .. سنوات رفضت فيها الدولة أن تنفذ حكماً واحداً صادراً لصالحي أو لصالح حزب «الغد». .. عندما ضيقوا علي مؤتمراتي في المحافظات، عقدت بعضها في مقار نقابات المحامين، فشطبوني من النقابة!! .. وعندما قررت أن أعمل بمهنتي، ومهنة أبي، منعت من كسب قوت يومي حتي لا أنفق علي حزبي ومشروعي السياسي. .. عندما شعروا بتعاطف الناس قرروا أن يغتالوا هذا التعاطف بادعاء طلاقي لزوجتي وتحويل خلاف عائلي عادي، لطلاق سياسي وأخلاقي، لم يقع بعد!! إلا أن إعلامهم وأبواقهم مازالت مصرة علي أنه وقع!! .. ولما فترت القصة، وباتت منكورة وثبت صحة ما قلته انبرت أقلامهم وأبواقهم تنفخ فيها من زاوية أخري هي لماذا يخفي الطلاق؟! وكيف ينجح من فشل في إدارة حياته الشخصية في إدارة بلد؟! .. منعوني من بيع ممتلكاتي التي ورثتها عن أبي وأمي.. ولما لم يمنعني هذا من التجول في الشوارع وملامسة أيادي الناس والالتحام بهم دبروا حادثاً ساذجاً لإرهابي، ولما شعروا بأن السحر قد ينقلب علي الساحر قرروا تحويل الحادث من محاولة تشويه وجهي لمحاولة تشويه سمعتي!! .. بالأمس فقط وأثناء انعقاد الجمعية العمومية لحزب «الغد» عرفت تفاصيل جديدة عن مؤامرات قديمة وجديدة ومتجددة!! .. بالأمس عرفت أن الأجهزة في مصر لا تجدد خلايا عقولها.. فتفعل وتنفذ سيناريوهات قديمة دون خجل من رتابة التكرار، هذا ما حدث بالأمس في الحزب «الدستوري» وأمس الأول في «الغد» و«الوفد» و«العمل» و«الأحرار» ومعظم الأحزاب المصرية. .. في مصر جهاز كامل يعمل 24 ساعة، وينفق مبالغ ضخمة، ويستند إلي سلطات مجنونة مهمته اغتيال الأحزاب وإدخالها في دوامة رد الفعل!! .. وفي مصر أيضاً شعب طيب، لديه حاسة شم تتعرف علي الحقائق وترفض الأكاذيب!! تتعاطف مع المظلوم وتلعن «ولو سراً» الظالم وأفعاله!! .. كل يوم يمر أعرف أكثر أن الله أكبر من كيدهم.. وطغيانهم.. فليستبدوا بنا ولينتشوا بظلمنا، وتشويهنا، فالشجعان يقاتلون الظالمين بصبرهم!! وبشر الصابرين.