في كتابها الجديد «هموم مصرية» استطاعت د.عزة عزت - أستاذة الإعلام والكاتبة السيناريست - أن تتقمص أداورًا عدة ليخرج كتابها كلوحة بانورامية تحاول تشريح بعض مما طرأ علي المجتمع المصري من تغييرات، ثم تجدها تتقمص دور المخبر السري الذي يبحث عن الأسرار خلف ما هو معلن، وتارة أخري تجدها أستاذ علم اجتماع يقف علي كل التفصيلات البسيطة. تتحدث الكاتبة عن مصر فتصفها بأنها «أغاني الفلاحين وأهازيج الأطفال وألعابنا الشعبية وهدهدة أمي لي.. شاي العصر وقهوة المغربية ولمة حول طبلية أو صينية عشا».. أو كانت هكذا حينما كانت بلدنا قبل أن تصبح «بلد من يستمتعون بخيراتها ونتلظي نحن بنارها»، وهكذا تبدأ د.عزة في رصد عدد من الهموم المصرية، وتفعل ذلك من خلال قراءتها مثلا لصفحة الحوادث تقول: «المتأمل لأنواع الجرائم في المجتمع المصري المعاصر، سيدهشه أو سيصدمه تنوعها واختلاف أساليبها المبتكرة، والمختلفة من حيث الكم والكيف، عما كان قبل عقود تقل عن أصابع اليد الواحدة» والسبب كما تقول: «المصري كان يتسم بالودادة والطيبة والرومانسية» تحول إلي عصبية واستفزاز دائم وشجار وعنف كما أن الذكاء وما يتصل به من فهلوة قد زاد وفاض، ووصل إلي درجة النصب والاحتيال والتفنن فيهما». ثم تحمل التليفزيون والسياسة معا مسئولي لغة الحوار بين المصريين، وتحولها من مرحلة «بكل ممنوية» - كما كان يقول عبدالوهاب في أفلام الأبيض والأسود - إلي «شت» و«ماشي»، معتبرة أن «السياسة لها يد طولي علي حياتنا وصلت حتي النخاع ووطفحت حتي علي مفراجتنا في الحياة اليومية علي اختلاف طبقاتنا»، قبل أن تذهب لتفسر سر اهتمام المصريين المتزايد بالفضائح وخاصة المرتبطة بكبار رجال السياسية ومشاهير الفن تقول في ذلك: «عرف عن الشعب المصري طوال تاريخه شغفه بالحكايات والروايات الطريفة التي تتفق ومزاجه الحريف.. لكنه الآن يبدو أكثر شغفا بها، ربما كوسيلة للتنفيس عن مكنون نفسه الرافض للكثير من الأوضاع السياسية والاقتصادية التي لا يملك شجاعة التعبير عنها حتي لا يناله أذي لذلك نجده يقتات بالفضائح كتعريض بأصحابها وتعويض حرمانه من التعبير الشجاع الرافض لكثير من الأمور المحيطة به».