الدفاع الروسي يدمر مسيرة أوكرانية حاولت استهداف موسكو    رسالة من متظاهرين إسرائيليين ل المبعوث الأمريكي الخاص: "دعك من نتنياهو"    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    أخبار مصر: الأرصاد تحذر من الرمال والأتربة، ممدوح عباس يعلن تنحيه عن دعم الزمالك، احتجاجات لوس أنجلوس تجتاح أمريكا    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات كوفيد-19 بسبب متحور جديد    بالأسماء| مصرع وإصابة 10 أشخاص في انهيار سقف مخزن جلود بالبحيرة    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأحد 8 يونيو 2025    الفول البلدي ب 40 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الأحد 8 يونيو 2025    استشهاد 5 مدنيين بينهم طفلتان في قصف على خيام النازحين غرب خان يونس    إصابة المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي بطلق ناري في العاصمة بوجوتا    مواجهات بين الشرطة ومعارضين للمداهمات ضد المهاجرين في لوس أنجلوس    استمرار خروج مصر من القائمة السوداء يعكس التزامًا دوليًا بالإصلاحات    الشناوي: مباراة باتشوكا إعداد مثالي لمواجهة إنتر ميامي ووجود صورنا مع ميسي فخر لكل الأهلاوية    أسعار الذهب في بداية ثالث أيام عيد الأضحى المبارك    مسؤولون أمريكيون: الرد الروسي على هجوم المسيرات الأوكرانية لم ينته بعد    انتشال جثمان غريق من ترعة الإبراهيمية بالمنيا    هشام عباس يتألق بأغانيه في حفله بعيد الأضحى على مسرح البالون (صور)    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    موعد مباراة البرتغال ضد إسبانيا والقنوات الناقلة في نهائي دوري الأمم الأوروبية    مقتل شاب على يد آخرين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    الدولار ب49.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 8-6-2025    مقتل امرأة برصاص الشرطة بعد طعنها شخصين في ميونخ    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    تريزيجيه يعلق على انضمام زيزو ل الأهلي    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    مصرع طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة ربع نقل في قنا    إصابة أسرة كاملة في تصادم سيارة بموتوسيكل أعلى دائري الهرم    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    عرض مسلسل فهد البطل على قناة MBC1    نسرين طافش جريئة وميرنا نور الدين أنيقة..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    تريزيجيه: هددت طرابزون بعدم اللعب مجددا حال عدم الانتقال للأهلى    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بعد تناول لحمة عيد الأضحى.. 5 أعشاب لتنظيف وتطهير القولون والتخلص من السموم    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    كل عام ومصر بخير    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف دعم أوباما الإخوان بمليار ونصف المليار دولار لتجميل صورة الجماعة؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 24 - 08 - 2013

لم يلتفت أوباما إلى كل الجرائم التى يرتكبها الإرهابيون فى حق مدنيين بالقتل والخطف

منذ أكثر من عقد من الزمن، كان الرأى العام الأمركى ملتهبا تجاه الإرهاب، بعد حادثة 11 سبتمبر، حين قام تنظيم القاعدة بالهجوم على برجى التجارة فى مانهاتن بنيويورك، وكان رد الفعل العالمى -التلقائى والإنسانى- فى كل مكان، إدانة هذا العدوان الغادر البشع على مدنيين مسالمين، دون أن يقيس الناس ذلك بعلاقة بلادهم أو حكوماتهم بالإدارة الأمريكية.

ومن فوق موجة الحزن والغضب أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستشن حربا على الإرهاب فى كل مكان فى العالم، ولاقى ذلك استحسانا لدينا كمصريين وعرب، فطالما عانينا منه، وسقط الكثير من مواطنينا ضحايا لهذا الإرهاب، وطالما ناشدنا الغرب، خصوصا الولايات المتحدة، بعدم احتضان الإرهابيين، هؤلاء الذين كنت أراهم فى نيويورك يرفلون فى قوافل أو فرادى، ويمارسون أنشطتهم دون أن يعترضهم أحد، بينما أنا المواطنة المصرية العادية التى أدين الإرهاب، يسألنى أحدهم عن جنسيتى، فأجيب: مصرية. يعنى مسلمة!

وكأن لسان حاله يقول: يا إرهابية.

هذا المواطن الأمريكى واحد من الذين خضعوا لتأثير الميديا التى ربطت بين الإسلام والإرهاب، فقد قررت الإدارة الأمريكية وقتها توظيف حادثة 11سبتمبر فى اتجاه آخر، وكانت إدارة الرئيس بوش الابن تدفع بالأحداث فى اتجاه شن حرب على العراق واحتلالها، كخطوة فى تنفيذ مخططها لبلادنا العربية، والمسمى بالشرق الأوسط الكبير (لا أحب تسمية الشرق الأوسط التى قفزت بعد 67، بدلا من العالم العربى)، وتم الربط بين الإسلام والإرهاب.

ذكر لى الباحث والمفكر الأمريكى تيموتثى ميتشل، رئيس مركز الدراسات الشرقية بجامعة نيويورك وقتها، عن استطلاع للرأى جرى فى ولاية ماسوشيستس وجه فيه سؤالا عن عدد العراقيين الذين شاركوا فى الهجوم على برجى التجارة فى 11 سبتمبر من بين 22 إرهابيا شاركوا بالهجوم.

هذا مع العلم أن عدد المهاجمين كان 19، ولم يكن بينهم أى عراقى. ولكن لكى ترسخ فى الأذهان أن العراقيين هم الإرهابيون التى ينبغى القضاء عليهم، تمهيدا لشن الحرب على العراق.

ما بين ما حدث فى 11سبتمبر 2001، وما يحدث الآن على أرضنا فى مصر تغير المشهد الأمريكى كلية، وها هو الرئيس الأمريكى أوباما يحتضن الإرهاب بكل وجوهه بما فيها تنظيم القاعدة، ويصعر وجهه عن كل أشكال الجرائم البشعة التى يرتكبها هؤلاء الإرهابيون فى حق مدنيين عزل أو متظاهرين سلميين، وملاحقة الثوار بالقتل والخطف والتعذيب حتى الموت، والإجهاز على القيادات الشبابية الذين أفرزهم ميدان التحرير وميادين الثورة حتى ينفردوا بالحكم، فقد أعلنوا فى بداية الثورة أنهم لن يشاركوا فيها، وعندما بدأت تتقدم نزلوا إلى ميدان التحرير

وبدأت الإدارة الأمريكية بدعمهم للوصول إلى الحكم، وممارسة ضغوط على المجلس العسكرى، ومن خلال تصريحات مستفزة تتجاوز حدود الدبلوماسية، حتى بالمظهر المهذب، وعندما انحصرت المرحلة الثانية من الانتخابات بين محمد مرسى، وأحد رجال مبارك، وهو أحمد شفيق، حار الناس، فانتخب البعض شفيق تخوفا من حكم الإخوان، وانتخب الآخرون مرسى حتى لا يعود رجال مبارك وسياسته.

محمد الجندى، أحد القيادات الشبابية، تم القبض عليه وتعذيبه من قبل الإخوان حتى الموت فى أحد المستشفيات الحكومية، ظهرت والدته فى أحد البرامج التليفزيونية وهى تبكى، وتبدى ندما شديدا أنها انتخبت مرسى.

تناسى أوباما ضحايا 11 سبتمبر من المدنيين الأبرياء، وتاجر بدمائهم وأرواحهم وجراح ذويهم، من أجل مصالحه الشخصية، ومصالح الإدارة الأمريكية. وهنا لا يختلف أوباما الديمقراطى عن بوش الجمهورى. بوش احتضن تنظيم القاعدة المطعم بالإخوان، وأوباما احتضن الإخوان المطعم بالقاعدة، وثبت من المواجهات أنهم جميعا وجوه لشىء واحد، الإرهاب باسم الدين، فقد كانت أعلام القاعدة ترفع فى تظاهرات الإخوان.

فى إحدى المواجهات فى الأسكندرية، رأيناهم يلقون بشباب صغار من على أسطح البنايات، وكان أحدهم حريصا على أن يحمل علم القاعدة.

مثلما سعى بوش لتدمير العراق بتلك التمثيلية الركيكة «محاربة الإرهاب»، يسعى أوباما لتدمير مصر بنفس السيناريو الركيك.

تنظيم القاعدة لم يكن له وجود فى العراق قبل الحرب، والإدارة الأمريكية هى التى أدخلته فى أثناء الحرب.

فى أثناء متابعتى للأحداث فى حرب العراق، كنت ألاحظ أنه كلما وقعت الإدارة الأمريكية من صقور الحرب، تحت ضغط الرأى العام الأمريكى والعالمى، كان أسامة بن لادن يظهر على شاشات التليفزيون، يتوعد ويهدد، ليعطى بوش المبرر لزعمه بمحاربة الإرهاب.

كشف المخرج الأمريكى الكبير مايكل مور الذى يرأس جماعة السينما المستقلة، عن أبعاد العلاقة بين بوش وإدارته فى فيلمه الوثائقى الطويل «11سبتمبر»، كشف عن العلاقة التى ربطت أسرة بوش بأسامة بن لادن، وشراكته فى مشروعات بترولية، (بعد انتهاء الحرب مع الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان تكون تنظيم القاعدة ممن تبقى ممن يسمون المجاهدين تحت إشراف الCIA).

يكشف فيلم مايكل مور أن أعضاء حكومة بوش من صقور الحرب على العراق أصحاب شركات بترول أو مساهمون فيها، وقاموا بتمثيلية الإرهاب ليستولوا على بترول العراق.

فى لقطة من الفيلم، يظهر بوش فى أثناء زيارته لإحدى المدارس، وتركز الكاميرا على وجهه عندما يقترب شخص من طاقمه ليهمس فى أذنه بخبر سقوط برجى التجارة كما يوضح الفيلم، تتسرب إلى ملامح بوش ظلال ابتسامة وهو جالس مكانه لفترة قبل أن ينصرف.

رد فعل غريب عن حادثة بهذا الحجم المروع، وهى المرة الأولى التى يشهد فيها المواطن الأمريكى هجوما عليه وعلى أرضه.

تبنت جماعة السينما المستقلة حملة ضد الحرب على العراق، ونظمت أنشطة ضد الحرب ومساندة شعب العراق، وكانت تعرض ذلك من خلال قناتها التليفزيونية «IFC Independent Film Channel».

عقب أحداث 11 سبتمبر قال الفيلسوف الفرنسى جاك دريدا فى حوار معه: الولايات المتحدة أصبحت ملاذا وموقعا لإعداد جميع إرهابيى العالم ومدهم بالمعلومات فى أوروبا، لندن وبرلين، فمنذ زمن بعيد لم يعد بإمكان أحد تحديد جغرافى، أو تحديد مكان خاص بالأرض يحصر أماكن التكنولوجيا الحديثة، سواء للاتصال أو العدوان، هذا التهديد المطلق مجهول الأرض وغير دولانى.

ولعل هذا هو المشهد الذى واجهه المصريون وشاهده العالم بعد فض اعتصام الإخوان، إرهابيون من جميع أنحاء العالم، ومن جنسيات مختلفة. محاولة احتلال واحد من أكبر الميادين بوسط القاهرة وبه محطة السكك الحديدية الرئيسية، واحتلال الميدان، لقطع شرايين المواصلات داخل القاهرة وبينها وبين محافظات أخرى. احتلال أحد المساجد الكبرى، وإطلاق النيران منه على المواطنين وعلى رجال الشرطة والجيش وحرق الكنائس والأبنية الحكومية، واعتلاء الكبارى، وإطلاق النار على المواطنين.. وكم من الأسلحة المستخدمة فى الحروب، وجثامين لشهداء ماتوا من التعذيب فى أثناء اعتصام رابعة.

هذا ما يريده أوباما لشعب مصر.. فهو لا يريد أن يخسر الرهان على الإخوان الذين كانوا يدعمونهم لحكم مصر منذ أواخر أيام مبارك، بالتدخل السافر بعد الثورة التى أطاحت بمبارك، وأنفق عليهم أوباما من أموال دافعى الضرائب من المواطنين الأمريكيين، منها أكثر من مليار ونصف المليار لتجميل صورتهم فى العالم فى الإعلام بالاستعانة ببيوت خبرة، فضلا عن المبالغ التى صرفت فى أثناء الحملة الانتخابية، وبعدها، يحمل الشعب الأمريكى رهانه الخاسر ضد إرادة الشعب المصرى، وتطلعاته ونزواته ومحاولات تلاعبه بمصائر الشعوب، وكل هذا بدعوى دعم الشرعية.. أى شرعية لرئيس يقصى شعبا بأكمله، من أجل جماعة غير رسمية ينتمى إليها، فبعد الضغوط الأمريكية وحيرة الناخبين بينه وبين أحمد شفيق لاختيار أيهما أقل مرارة، وبعد وقائع تزوير وخروق صارخة للقواعد الانتخابية، حصل مرسى على نحو 5 ملايين صوت، بينما الذين نزلوا لعزله كانوا أكثر من 35 مليونا، حتى إن الناس كانوا يتندرون أن مرسى وحد الشعب المصرى.

تخيلوا أن يقوم بالثورة أنبل ما فينا، لتفرض علينا القيادة الأمريكية أسوأ ما فينا من الإرهابيين الذين استهدفوكم، كما حاولوا مرارا تدمير حياتنا وبلدنا.

الخطاب المتخبط للإدارة الأمريكية يتكشف للمواطن العادى، تدعى أنها تدافع عن المسلمين فى أفغانستان، وتنشئ هناك تنظيم القاعدة الإرهابى، تتوعد القاعدة بعد حادثة سبتمبر، ثُم تشن حربا ضارية على العراق بزعم محاربة الإرهاب، ثم تساند الإرهاب متمثلا فى الإخوان والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية التى كشفت الأحداث أنها وجوه لشىء واحد.

نفس الشىء فعلته مع المسيحيين، بتبنى ما يسمى بملف الأقباط والأقليات فى مصر، محاولة زرع الفتنة الطائفية، ثم وقفت صامتة أمام المعتدين الحقيقيين على الأقباط، وحرق الكنائس، وبعضها كنائس أثرية، وتساند من يحرقونها.

لقد خدع أوباما شعبنا مثلما خدع شعبه، توسمنا فيه رئيسا شابا يعبر عن طموحات الأجيال الجديدة نحو مستقبل أفضل، واستهل رئاسته بزيارة إلى مصر، وحرص على أن يلقى خطابا من جامعة القاهرة، أول جامعة فى إفريقيا والعالم العربى، لإضفاء طابع شعبى وثقافى على زيارته، كأستاذ سابق فى أكبر الجامعات الأمريكية (هارفارد)، وأيضا لتحسين صورة الرئيس الأمريكى أمام المصريين والرأى العام فى المنطقة بعد أن وصلت إلى الحضيض أيام بوش الابن، وفى الأيام الأولى من الثورة قيل إنه يتمنى أن يتعلم الشباب الأمريكى من الشباب المصرى، وها هو الشباب الأمريكى يدعو إلى جمع توقيعات لانتخابات مبكرة للإطاحة به.

سقط القناع عن وجه أوباما ليسفر عن وجه عجوز طاعن، وغارق فى السياسة الاستعمارية البالية، ومساند للإرهاب، هو مجرد ألعوبة تحركها القوى الاستعمارية فى الولايات المتحدة.

منذ منتصف الأربعينيات، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية نشطت حركات التحرر الوطنى لدول العالم الثالث ضد الاستعمار الأوروبى، وبرز دور الولايات المتحدة كمساند لهذا النضال وتبين مع الوقت أنها كانت تريد أن تحل محل الاستعمار الأوروبى. فى تلك الفترة منذ نحو 65 عاما بعث واحد من أبرز الكتاب فى مصر وهو عبد الرحمن الشرقاوى، وهو شاعر ومسرحى وروائى، وجه رسالة إلى الرئيس الأمريكى هارى ترومان، عبارة عن قصيدة طويلة بعنوان «من أب مصرى إلى ترومان» كان يكشف له ما نواجهه من قمع الاحتلال ونضالنا من أجل الاستقلال.

كثيرون الآن وبعد سنوات طويلة من انكشاف دور الإدارة الأمريكية، ما زالوا يلجؤون إلى الإدارة الأمريكية، طلبا للحلول والدعم.. ضد من؟!

أعلم أن الشعوب يمكن أن تتفاهم مع بعضها البعض بسهولة، رغم اختلاف اللغات واختلاف الثقافات، أكثر مما يمكن أن تتفاهم به مع رؤسائها وحكوماتها.

ولدى يقين أن الشعوب دائما أكبر من رؤسائها، وحكوماتها وقادتها، إلا من لحظات نادرة من التاريخ، يتوحد فيها القائد بشعبه، ويتوحد الشعب فيه.

من خلال ترددى على الولايات المتحدة قبل وفى أثناء حرب العراق، ورغم الحملة الإعلامية الشرسة، وما تردد فيها من أكاذيب، فقد وقف الشعب الأمريكى ضد الحرب، ووقف فنانون وكتاب ومثقفون ضد الحرب بشكل أعاد إلى ذاكرتى مناهضة حرب فيتنام وأنا تلميذة بالمدرسة.

لقد شاركت فى أثناء وجودى فى مانهاتن تلك المظاهرة الضخمة التى بدأت من أمام مبنى الأمم المتحدة (هناك فى شارع 47 بين فيرست وسكند أفنبو، وهو المكان إلى تقام فيه المظاهرات، ويسمى ركن داج همرشولد) واجتاحت المظاهرة شوارع مانهاتن منذ الصباح الباكر، وسرعان ما كانت الشوارع تمتلئ بالمتظاهرين الوافدين، لا أنسى عندما خرجت مبكرا أن أجد أطفالا صغارا بصحبة الآباء والأمهات، وقد رفعوا لافتات صغيرة رسموها بأنفسهم بمساعدة الآباء تندد بالحرب، وترفضها. لافتات بكل اللغات ضد الحرب، ومنشورات تفنن الشباب بأشكال كثيرة من التعبير من خلال رسومات، ونعش تحمله مجموعة من الفتيات، كتب عليه: الديمقراطية. وهتافات تهز شوارع مانهاتن.

ظل الناس فى الشوارع حتى المساء، رغم البرودة الشديدة فى ذلك اليوم، أسر كاملة، بعضهم افترشوا الأرض ليتناولوا طعامهم، بعد أن امتلأت المقاهى والكافيتريات: البعض أحضر أوانى ضخمة، تحتها موقد لتوزع على الناس حساء ساخنا،
هذه الظاهرة شاركت عدة منظمات فى تنظيمها وعلى رأسها منظمة للأمام «GO AHEAD».

هذه المنظمة استطاعت قبلها بليلة أن تجمع 10 آلاف دولار عن طريق الإنترنت كى تنشر إعلانا على صفحة كاملة فى العدد الأسبوعى لجريدة «النيويورك تايمز» تدعو فيه للمشاركة فى التظاهر. ولم تلجأ إلى أى جهة لتمولها، مثلما تفعل بعض ما يسمى بمنظمات المجتمع المدنى.

عبرتم خلال هذه المظاهرة، عن الوجه النبيل للشعب الأمريكى، كما عبرتم عما كل ما يمكن أن نقوله، فقد كانت أجهزة الرئيس المخلوع مبارك وقتها تفض المظاهرات بالقوة، وتقبض على المتظاهرين.

منظمة «للإمام» شاركت أيضا فى الحملة الانتخابية للرئيس أوباما، وجمعت تبرعات لحملته الانتخابية، كى تحرر قراره من نفوذ الاحتكارات الكبرى، وعدم الخضوع لسيطرتهم من خلال تمويل حملته، فخذلهم كما خذلنا وتخلى عنهم، وطالب بزيادة الضرائب ليغطى نفقاته على الإرهاب.

لقد توحد الشعب المصرى بكل تياراته وديناته ضد محمد مرسى، نحن نعيش تلك اللحظة النادرة فى التاريخ، التى نتوحد فيها جميعا باختلاف تياراتنا وآرائنا، حكومة وشعبا، مع جيشنا وشرطتنا الذين يبذلون أرواحهم لحمياتنا من الإرهاب الدولى بكل أشكاله التى توافدت علينا فى أثناء حكم الإخوان

أما أوباما فسيوحد الدول العربية.. «من سيوحد العالم!» ربما صحوة جديدة لحركات التحرر من التبعية والهيمنة الاستعماري فى العالم.

مصر كتبت نهاية الاستعمار الأوروبى فى 56، وربما تكتب الآن نهاية الوجه الاستعمارى لأمريكا، ليعيش شعبها وشعوبنا فى سلام ورخاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.