قري مركز «طما» بمحافظة سوهاج، باعتراف تقرير التنمية البشرية الصادر عن وزارة التخطيط، هي الأفقر علي مستوي الجمهورية، وتؤكد أحدث الإحصاءات الصادرة عن جهات حكومية، أن سوهاج بها«243» قرية من القري الأشد فقراً، ويزيد عدد سكانها علي الأربعة ملايين مواطن، من بينهم مليون مواطن تحت خط الفقر، أي أن الفرد يعيش بأقل من خمسة جنيهات في اليوم الواحد. أما قري مركز «طما» البالغ عددها «36» قرية، فهي نموذج لسوء توزيع الخدمات والمرافق، أما فرص العمل، فهي منعدمة، لأن الملكيات الزراعية الصغيرة ومتناهية الصغر، أجبرت «الأهالي» علي الهجرة الدائمة إلي القاهرة والإسكندرية والاستقرار في المناطق العشوائية، أي أن «السوهاجية» يشكلون ركناً أساسياً من أركان العشوائيات المحيطة بالقاهرة والإسكندرية، بسبب الفقر وسوء التوزيع، وهذا يشكل عبئاً علي المدينتين الكبيرتين، وسبب ذلك هو الزيادة السكانية التي تعاني منها سوهاج ولم تجد خطة قومية لاستيعابها. رغم أن الحكومة روّجت كثيراً عبر أجهزتها الإعلامية لحيً «الكوثر» التابع للمحافظة، فهو حيّ يملكه عدد قليل من رجال الأعمال، ولا توجد فيه المصانع التي تستطيع امتصاص طاقة ملايين العاطلين من أبناء المحافظة! لهذا لم يكن غريبا أن تظهر جرائم الثأر في سوهاج في الفترة الأخيرة، فهي واحدة من محافظات «السلاح» في الصعيد إلي جانب محافظتي أسيوط وقنا، وتحتل قري مركز «طما» المراكز المتقدمة فيما يخص ارتفاع جرائم الثأر، ولكن أهالي طما لديهم معاناة أخري تتمثل في أن قيادات الحزب الوطني، لعبت بالخدمات المخصصة لها، فتم توزيعها حسب الكتل «التصويتية»، فنجد قرية مثل «مشطا» وهي قرية الدكتور أحمد عبد العال الدردير بلد الأمين السابق للحزب الوطني بالمحافظة تستحوذ علي أكثر من 70% من الخدمات التي كانت في الأصل موجهة إلي قري الهيشة و«كوم العرب» و«الشيخ عمار» و«قاوغرب» و«القُطنة» و«الحسنة»، لأن تعداد سكان قرية «مشطا» كبير مقارنة ببقية القري المذكورة، وهذا يجعل مرشح «الوطني» في أي انتخابات يقف ويعلن للأهالي أن هذه الخدمات جاء بها «الوطني» مما يجعلهم يمنحونه أصواتهم. الأزمة الأخري في قري مركز «طما» هي أزمة «الفتنة الطائفية»، فوجود كتلة قبطية ضخمة في قري هذا المركز جعلته واحداً من المراكز التي تعاني حالة احتقان طائفي، ظهر ذلك في مواجهات بين المسلمين والأقباط وقعت في الثمانينيات والتسعينيات والسنوات القليلة الماضية، وهذا المركز خرج منه آلاف الشبان الجامعيين الذين انخرطوا في الجماعات الإسلامية وهناك المئات منهم مازالوا رهن الاعتقال. إن قري مركز «طما» قنابل تنفجر في أوقات الأزمات لن تجد من يردع أهل هذه القرية و«طما» تحتاج نظرة تنموية تمنحها الحياة.