قبل أن أكتب عن محمد منير لا بد أن أذكر عشاقه والمتيمين به ومجاذيبه، أننى من محبيه القدامى منذ أول ألبوماته «علمونى عنيكى» الذى ولدت سنة إصداره «1977».
تلك مقدمة واجبة، لا أكتبها كثيرا عندما أكتب عن أحدهم، ولكن لمحمد منير وجمهوره رصيد من الاحترام يسمح بمقدمات من هذا النوع.
ماذا لو لم يحترم النجم «المحترم» جمهوره، ليقرر بلا أى ضغوط أن يغنى فى إعلان سمج لإحدى شركات الاتصالات، كلمات من عينة «محشى وفطير»؟! وليس هذا فحسب، بل إنه يقبل وهو الفنان المستقل الهائم فى ملكوت ذاته، أن يشوه لحنا لبليغ حمدى غناه قبله وديع الصافى «على رمش عيونها»؟!
تجاوزنا مرات عن هفوات له من عينة أغنية «مش كل كل ولا أى أى» التى وضعها فى ألبوم يحتفظ به عشاقه كأيقونة له، وبرر هو الأغنية بأنها ضمن مسلسل يقدمه.. وتخطينا الموقف برحابة وسامحناه، ومررنا الأغنية المبتذلة بمنتهى الأريحية، لكن يصر «الكينج» على السقوط، قدر إصرار عشاقه على الدفاع عنه.
حضرت الشهر الماضى حلقة من حلقات «أراب آيدول» يحييها «الكينج» محمد منير، قال قبل أن يغنى إن «الليلة يا سمرا» هى أغنية صنعت للأرض العربية!
قلت لصديقتى حينها: منير يكذب.. ما كان يوما قوميا.. عربى الهوى، وما كان يغنى سوى لمصر، هو بنفسه قال ذلك فى حوار أجرته معه مجلة «المصور» عام 95: «كل أغنياتى لمصر.. هى الحبيبة فى كل ما غنيت».
لكن فى «أراب آيدول» تتحدث الدولارات، والموقف يستدعى نفاق مُلاك القناة العرب المتحكمين فى عقد احتكاره مدة عام، وقد دفعوا فيه 15 مليون جنيه، حتى إنه كذب ثانية فى نفس الحفل، وقال إنه طلب من منتجه القديم أن تغنى معه الإماراتية أحلام أغنية «نعناع الجنينة»!
«أكل العيش» لا يعيب أحدا.. وحتى لو غنى منير للمحشى والفطير فهو حر تماما، لكن فقط يجب أن يعلن هو أنه لم يعد أسطورة فنية صعبة الفهم والتحليل، وإنما أصبح مثله مثل الموجودين على الساحة.. زالت عنه هيبته ولم يعد ساحرا كما كان.
وأخيرا لا بد أن يفهم منير أن تراث الأغنيات الذى يتحدث عنه ليس ملكه وحده، فهناك شعراء وملحنون شاركوا فى صناعته، فلا يحق له، مثلا، أن يتحدث نيابة عمن شاركوا فى صنع «الليلة يا سمرا».
أيها «الكينج» العظيم.. أسطورتك الفنية عالية المقام.. لكن لا يحق لك الكذب فيها، لأن لك شركاء فى صنعها وجمهور عشقها وصدق أنك بطلها، ولست صانعها الوحيد، كما أنك تعبث الآن وتفسد الأسطورة بالمحشى والفطير.