.. أدفع نصف عمري أو ما تبقي منه وأفهم سبباً قانونياً أو دستورياً أو مشروعاً استندت جهات الأمن إليه في إلقاء القبض صباح أمس الخميس علي عضوين بحزب «الغد» بإيتاي البارود هما: المهندس ناصف ومحمد عثمان! .. المضبوطات والأحراز والمحاضر الرسمية تشير إلي صور وملصقات بادر أعضاء «الغد» بالبحيرة بطباعتها تحمل ثلاث صور لشخصي والدكتور البرادعي والزميل حمدين صباحي وأسفل هذه الصور الثلاث عبارة وحيدة هي: «ليس مهماً لون القط.. المهم هو اصطياد الفئران»!! .. لا أعرف أين الجريمة؟! هل في صورتي؟ أم في صورة الدكتور البرادعي؟ أم في صورة حمدين صباحي؟ أم في اجتماع الثلاثة في مطبوع واحد؟! أم في كلمة «القط»؟ أم في معني اصطياد الفئران؟! .. الصور التي أفزعت فجأة جهات الأمن في إيتاي البارود تم توزيعها وتداولها في العديد من مراكز محافظة البحيرة التي بادرت لجنة «الغد» فيها بتنظيم هذه الحملة الموحية والذكية.. ولم يكن هناك رد فعل أمني حتي فجر أمس، حيث كان رد الفعل الأسوأ هو القبض علي الزميل منسق الحملة في إيتاي والزميل محمد عثمان!! حيث تم إطلاق سراح الأول بعد ساعات ومازال الزميل محمد عبدالعزيز عثمان رهن اعتقال غير مبرر حتي كتابة هذه السطور!! .. في تقدير الصديق والزميل أحمد ميلاد المحامي ورئيس لجنة الغد بالبحيرة أن هذا التصعيد الأمني جاء كرد فعل لحالة الارتياح والترحاب التي استقبلت بها جماهير البحيرة الرسالة التي جسدها هذا «البوستر» الموحي بأشواق مصر لتغيير هذا النظام واستعدادها للوقوف خلف كل الرموز لإنجاز هذه الخطوة.. بغض النظر عن الأسماء أو الألوان.. المهم فعلاً اصطياد الفأر. .. المادة رقم 47 من الدستور المصري تقول نصاً: «حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير»، وهذا النص الوارد في دستور 1971 الحالي، هو ذاته النص الذي تناقلته الوثائق الدستورية المصرية، حيث ورد في دستور 1923 ودستور 1930 في المادة رقم 14 منهما، كما ورد في نص المادة رقم 44 في دستور 1956، أي أننا أمام حق دستوري. ..وإذا كانت أجهزة الأمن تساندت في قرارها باعتقال الزميل محمد عثمان إلي نصوص قانونية، فهي وقعت في خطأ قانوني نبهت إليه المحكمة الدستورية العليا مراراً خاصة في حكمها الصادر في 7 مايو 1988 في القضية 44 لسنة 7 قضائية الذي قالت فيه المحكمة: «إن الدستور أطلق حق التعبير بصورة وشكل مستعصٍ علي التقييد أو التنظيم بمعرفة أي تشريع أوتي من الدستور، بوصف الحق من الحريات الأساسية التي يتعين أن تكون مكفولة لكل إنسان وعلي قدم المساواة الكاملة». .. في نفس الاتجاه أضافت المحكمة في حكم آخر في 7 فبراير 1998 في القضية 77 لسنة 17 قضائية قائلة: «إن حرية التعبير تمثل في ذاتها قيمة عليا لا تنفصل الديمقراطية عنها، إنما تؤسس الدول علي ضوئها مجتمعات، وكلما كان نبضها فاعلاً وتأثيرها عريضاً تكون متسمة بالتسامح مع خصومها برفضها كل قيد يمس مصداقيتها»!! .. واضح أن النظام الآن لم تعد لديه القدرة علي التسامح أو الفهم للمعاني العميقة لهذه النصوص الخالدة. النظام الآن لا يطبق إلا قانونه الخاص الذي لا يعرف نور أو البرادعي أو الصباحي.. فما بالكم باجتماع الثلاثة!