هذا وزير لم يجد من يحاسبه فزادت تصرفاته عن حدها المعقول وخرج بها عن مقتضيات وظيفته..وإذا صحت الواقعة التي حكاها الزميل الأستاذ أسامة غيث مدير تحرير الأهرام..فنحن أمام مصيبة متعددة الأوجه..وتبدأ القصة عندما غادر الزميل غيث مكتبه بالأهرام بعد مراجعة مقاله الأسبوعي بأهرام السبت..وكان موضوعه عن قانون التأمينات الجديد..الذي سيناقشه مجلس الشعب قريباً..لكن الزميل فوجئ برفع مقاله من الصفحة وعندما استفسر من قيادات المؤسسة..فوجئ بقولهم إن نشر المقال سيثير غضب وزير المالية الدكتور بطرس غالي..ولأن للمؤسسة شيكاً خاصاً بمستحقات قدامي العاملين بالأهرام لدي وزارة المالية..فإن نشر المقال قد يؤجل استلام المؤسسة للشيك..وبعد أخذ ورد وافق غيث علي رفع المقال حتي لا يتضرر زملاؤه..مع وعد من المؤسسة بنشر المقال الأسبوع التالي..لكن عندما جاء موعد نشر المقال..فوجئ الزميل بنشر الأهرام المقال في طبعتها الأولي فقط..ثم رفعته من بقية الطبعات..وعندما استفسر غيث..قال له قادة الأهرام إن وزير المالية عرف بالمقال وهو في المطبعة.. وأجري اتصالاته وتم الاتفاق علي وقف نشر المقال..هذه هي الواقعة التي حكاها غيث لبرنامج مانشيت والتي تفتح علامات الدهشة وكثيراً من الملاحظات والأسئلة منها مثلا: 1-كيف ارتضي رئيس مجلس إدارة الأهرام الدكتور عبد المنعم سعيد المفكر الليبرالي بهذا الضغط..ولماذا لم يتصرف وفق أخلاقيات وقواعد ومكانة الأهرام المعروفة..ولا أدري هل كان للأستاذ أسامة سرايا رئيس التحرير ناقة أو جمل في هذه القضية أم أنها قد تمت بعيداً عنه. 2-القصة متداولة صحفياً منذ أيام ورغم ذلك لم نسمع صوتاً للأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين..هل لأن وزير المالية لا يزال يمارس ضغوطاً علي النقابة ومجلسها..فخشي النقيب الدخول في معركة مع الوزير يمنع بعدها (حسناته) للصحفيين. 3-كان أمام وزير المالية أكثر من طريقة لمناقشة ما كتبه الزميل غيث بأن ينشر رداً مطولاً في الأهرام أو يطلب إجراء حوار صحفي معه أو عقد ندوة..إلخ..لكنه ترك كل هذا ومارس سياسة لي الذراع والفتونة وسيف المعز وذهبه. 4-ما جري أثبت أن لوزير المالية عيناً داخل مؤسسة الأهرام..والتي نقلت له تفاصيل المقال الذي لم يكن قد تم طبعه..تلك العين التي نقلت للوزير وتجسست علي الزملاء يجب فقؤها. 5-الجماعة الصحفية مطالبة بتطهير نفسها ممن أصبحوا أعين وألسنة لرجال أعمال ووزراء ومسئولين..بعد أن حملوا لقب مستشار الوزير..فكيف ترتضي أي صحيفة بأن يكون مندوبها في الوزارة مستشاراً للوزير..ومن ثم يصبح ولاؤه لمن يدفع أكثر..وللأسف أصبح عشرات الصحفيين مستشارين للوزارات..ثم بعد ذلك نهاجم الحكومة لتعيينها الآلاف في وظيفة مستشارين. 6-هذا وزير أساء استخدام صلاحياته وسلطاته..فهل من محاسبة ولماذا يتعامل هذا الوزير بغطرسة..كأن مال الوزارة هو إرث تركته له عائلته؟. أرجو ممن يعلو وزير المالية منصباً..أن يوقفه عند حده خشية أن يحدث ما لا تحمد عقباه..لأن بعض الناس ليسوا في أدب وخلق المستشار الجليل جودت الملط!!.