نشرت جريدة الأهرام في عددها الصادر الأربعاء الماضي الجريدة إعلانا على صفحتين لصالح وزارة المالية للترويج لمشروع القانون، وذلك استمرارًا لتداعيات منع نشر مقالات أسامة غيث مدير تحرير "الأهرام" التي تكشف عن مساوئ مشروع قانون التأمينات والمعاشات على صفحات الجريدة استجابة لضغوط الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية، وقد مثل ذلك "سقطة" مهنية من وجهة نظر غيث، خاصة وأن "الأهرام" نشرت الصفحتين الإعلانيتين دون أن تبرز للقارئ أنهما إعلان تسجيلي، ولم يقف الأمر عند هذا بل أنه تم وضع أسماء بعض الصحفيين على الصفحتين عليهما دون علمهم، ودون أن يشاركوا في تحرير هاتين الصفحتين الإعلانيتين. واعتبر غيث أن ما أقدمت عليه "الأهرام" يدخل في إطار "الغش والتدليس" ورأى أن ذلك يمثل "ضربة خطيرة لمصداقية أكبر وأعرق مؤسسة صحفية في المنطقة العربية والشرق الأوسط، كما أنها وضعت الصحفيين الذين وضعت أسماؤهم على الصفحتين في موقف حرج أمام نقابة الصحفيين، خاصة وأن القانون يمنع عمل الصحفيين في مجال الإعلانات". وأكد أن التصرف الأخير من إدارة "الأهرام" جاء بعد أيام من منع نشر مقالاته التي تكشف مساوئ مشروع قانون التأمينات الذي يهدد عقد الأمان الاجتماعي في مصر، وهو ما اعتبره يكشف عن خضوع المؤسسة لضغوط الوزير بطرس غالي الذي يملك قوة مسيطرة على رئيسي مجلس إدارة وتحرير "الأهرام" جعلتهما يخالفان الضمير المهني ويقعان في تلك المخالفة التي فجرت استياء وسخطًا عارمًا في مؤسسة "الأهرام". وأشار مدير تحرير "الأهرام" إلى أن هناك يفكر بجدية في التقدم بشكوى ضد الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس الإدارة، وأسامة سرايا رئيس التحرير إلى مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين من أجل الحفاظ على مصداقية "الأهرام" وسمعتها ومستقبلها. وكانت "الأهرام" أوقفت نشر سلسلة مقالات كتبها غيث، بتدخل مباشر من جانب وزير المالية، وهو ما يرجعه الكاتب إلى مضمونها الذي يكشف من خلالها عن مخاطر ومساوئ مشروع قانون التأمينات الجديد، فبعد أن تم نشر مقال واحد من إجمالي مقالات كان يعتزم نشرها كل يوم سبت في بابه "الأسبوع الاقتصادي"، أوقفت الجريدة النشر، رغم أنها وعدت قراءها بنشر سلسلة المقالات ولم تعتذر عن عدم نشرها احتراما للقارئ واحتراما لتاريخها العريق. واتهم غيث وزير المالية بشن حرب شرسة يهدف من خلالها إلى خصخصة نظام المعاشات وهدم بنية شبكة الأمان الاجتماعي في مصر وأنه يفتح أبواب جهنم أمام ثورة تهدد البلاد، خاصة وأن مشروع القانون الجديد يمس الحقوق الرئيسية للمواطن، ومنها حقه في المعاش التقاعد الذي كانت مصر من أوائل دول العالم في تطبيقه منذ القرن التاسع عشر بصور مختلفة. ولم يتوقف عند هذا الحد، بل اتهم الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة بالإذعان لضغوط الوزير وتوجيه سياسة "الأهرام" التحريرية لخدمة السياسات الاقتصادية التي يريد تطبيقها في مصر والتي يقول إن التيار الأصولي الأمريكي المتصهين كان يريد تطبيقها بالولايات المتحدة إلا أنه فشل في تمريرها داخل الكونجرس بسبب المعارضة الشديدة من الرأي العام الأمريكي. واعتبر أن هذا الموقف يتناقض كلية مع قناعات سعيد، معربًا عن دهشته من أنه في الوقت الذي يرفع فيه لواء الليبرالية التي تتيح الرأي والرأي الأخر إلا أنه في التطبيق العملي ضاق ذرعا بنشر الآراء التي تخالف وجهة نظر وزير المالية وقام بمنع مقالاته التي تكشف عوار مشروع قانون لخصخصة المعاشات الذي يهدد الأمن الاجتماعي في مصر، على حد قوله.