مرسى لم يأتِ بجديد، وإنما أراد استغلال مشكلة سد النهضة الإثيوبى، لتوجيه عدة رسائل للداخل والخارج، مفادها أنه ما زال موجودا على الساحة ويحتفظ بشعبيته بين أهله وعشيرته. هذا ما أكده عدد من السياسيين تعليقا على كلمة الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى المؤتمر الوطنى للحفاظ على حقوق مصر فى مياه النيل. الدكتور عمرو هاشم ربيع، الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال «خطاب مرسى عادى، فهو ليس إيجابيا أو سلبيا»، لافتا إلى أن موقف مصر سيئ جدا، والرئيس الإخوانى حاول، من خلال الخطاب، أن ينقذ ما يمكن إنقاذه وإصلاح ما فاته خلال المرحلة الماضية، واعتبر هاشم أن خطاب مرسى يعد قويا إلى حد ما بالنسبة إلى كلمة هشام قنديل رئيس الوزراء، فكلمة الأخير بمجلس الشورى كانت تتضمن الكثير من «الهلفطة». ربيع قال «حاول مرسى من خلال إبداء استعداده للذهاب إلى المعارضة من أجل مصلحة مصر أن يوصل رسالة وهى: والنبى ادعونى»، وأضاف «إنه غير جاد فى هذه الخطوة، لأنه يعرف جيدا أنه من الصعب أن يكون هناك حوار جدى خلال هذه المرحلة».
الباحث السياسى، الدكتور عمار على حسن، أكد أن كلمة مرسى تهدف إلى احتواء المعارضة قبل المظاهرات التى ستخرج فى 30 يونيو، مشيرا إلى أن ما قيل فى أثناء المؤتمر هو دليل على حالة الرعب والخوف والقلق التى يعانى منها النظام بسبب حملة «تمرُّد»، وأشار عمار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تستغل الأزمة الحالية بين مصر وإثيوبيا، عقب شروع الأخيرة فى استكمال بناء سد النهضة، حيث أرادت الجماعة تحقيق مكاسب سياسية وانتقلت من مرحلة توظيف الدين لخدمة أهدافها السياسية إلى مرحلة توظيف «النيل» لتحقيق أطماعها فى السلطة.
من جانبه، قال الخبير القانونى الدكتور محمد نور فرحات إن قضايا الأمن القومى لا تناقش فى مثل هذه الأجواء شديدة الاحتفالية وباستخدام الإبهار البصرى وإلقاء الأناشيد الدينية، معتبرا أن ذلك استخفاف بأمن مصر من منظمى الاحتفال، وأضاف «المشهد الذى رأيناه عبر شاشات التليفزيون، هو مشهد احتفالى شديد التكلف والاصطناع، وهو تكرار ممجوج لمشهد خطبة الاتحادية الشهيرة بين الأهل والعشيرة، ومشهد سيارة القائد المنتصر التى تجوب استاد القاهرة فى احتفالات 6 أكتوبر»، لافتا إلى أن «الشعب يريد خطة عملية للتعامل مع أزمة شريان الحياة وأمثال هذه الأزمات لن تحل بالخطب البليغة من الرئيس أو بالكلام المراوغ كما فعل رئيس الوزراء فى مجلس الشورى، وأنه من غير الملائم الانطلاق من محنة مياه النيل لتحقيق مكاسب سياسية على حساب المعارضة وتوجيه تهديدات مقنعة لإجهاض الخروج الكبير يوم 30 يونيو». «أفلح إن صدق مرة» هكذا قال القيادى بجبهة الإنقاذ، الدكتور وحيد عبد المجيد، تعليقا على كلمة مرسى خلال مشاركته بالمؤتمر الوطنى، للحفاظ على حقوق مصر فى مياه النيل بقاعة المؤتمرات، وحول دعوة مرسى إلى القوى المدنية بضرورة الالتفاف والاتفاق حول مبادئ جادة، للوصول إلى حلول لمشكلة سد النهضة الإثيوبى، أوضح القيادى بالإنقاذ أن الدعوة عبارة عن أسطوانة نسمعها كل يوم، وتحتوى على كلام ليست له علاقة بالواقع، لافتا إلى أن اجتماع مرسى مع الأحزاب الإسلامية كان إنشائيا ويشبه مؤتمرات الحزب الشيوعى السوفيتى، حينما كان يدعو حاشيته، واليوم فعلها الرئيس الإخوانى حينما جمع أهله وعشيرته ليقول كلاما ليست له علاقة بالكوارث التى تمر بها مصر يوما بعد يوم.
وأكد الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن خطاب مرسى فاشل وصادر من رئيس غير شرعى ولا يستحق الرد عليه، مشيرا إلى أنه إعادة لخطاباته السابقة التى لا نفع من ورائها، فما زالت خطاباته موجهة إلى أهله وعشيرته، ويريد أن يقول لهم «أنا آهو.. أنا موجود»، «فخطابه مماثل للخطاب الاستعطافى للرئيس السابق فى الأول من فبرابر»، مضيفا أن لغة الخطاب التى ينتهجها مرسى تكرّس للانقسام وترعاه، وبها تحفيز صريح على كراهية الآخرين، وكأنه قتل القتيل ويقول لأهله: «أنا قتلت ومعلش سامحونى». المهندس حمدى الفخرانى، عضو مجلس الشعب السابق، أوضح أنه لا بديل عن انتخابات رئاسية مبكرة ورحيل هذا الشخص فورا، وقال «كلمة مرسى هدية للإعلامى باسم يوسف»، مشيرا أن دعوة مرسى جاءت متأخرة جدا، لأنه ليس من بيده القرار، ولكن الاجتماع محاولة لإبعاد القوى السياسية عن تظاهرات يونيو.