بعد اعتذار "الشيحي".. عباس حلمى رئيس حزب حماة الوطن    أسعار الذهب اليوم 27سبتمبر 2025 في المنيا    محافظ الدقهلية في جولة مفاجئة بشارع الجلاء سيرا علي الاقدام للتأكد من رفع الإشغالات والنظافة العامه    بتكلفة 11 مليون جنيه.. افتتاح مجمع المواقف المطور في المنيا    انطلاق النسخة الثامنة من مؤتمر DevOpsDays Cairo 2025 بمشاركة 55 خبيرًا محليًا ودوليًا    طهران تفتح جزئيا منشآتها النووية للتفتيش وتتوعد بالرد على العقوبات الدولية    أمين عام التعاون الخليجي يبحث مع جوتيريش الأزمة في غزة والتعاون المشترك في نيويورك    حابس الشروف: السردية الفلسطينية باتت تهيمن على المشهد الدولي    يوتيوب دون تقطيع الآن.. مباراة ريال مدريد وأتلتيكو مدريد اليوم في الدوري الإسباني 2025-2026    تشكيل كهرباء الإسماعيلية الأساسي أمام المقاولون العرب    ضبط 134 عبوة فاسدة غير صالحة للاستخدام الآدمي بحملات تموينية مكبرة بوسط الإسكندرية    تأجيل محاكمة 17 متهمًا بالهيكل الإداري للإخوان    المخرج كريم الرحباني: حصلت على خامس جائزة لي في ميدفست.. ومصر وجه الخير عليّ    مهرجان دي-كاف ينظم 6 ورش فنية متنوعة ضمن فعاليات دورته ال13    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت الموافق 27-9-2025 فى سوهاج    وزير الصحة: دور هام للهيئة المصرية للشراء الموحد في تحقيق أعلى معايير الشفافية وترشيد النفقات    وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمتابعة مستجدات منظومة الرعايات والحضانات والطوارئ    صلاح وإيزاك يقودان هجوم ليفربول أمام كريستال بالاس    مصادر طبية في غزة: مقتل 51 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    مستشار الأمن القومي العراقي: تفكيك مخيم الهول يعزز الأمن والسلم الدوليين    الفلبين: ارتفاع حصيلة ضحايا العاصفة الاستوائية "بوالوي" إلى 11 قتيلا    وكيل الأزهر ورئيس الجامعة يتفقدان المحاضرات بكلية الشريعة والقانون (صور)    ارتفاع صادرات الملابس الجاهزة إلى 2.21 مليار دولار خلال 8 أشهر    محافظ أسوان يوجه مسئولي المحليات بتكثيف أعمال النظافة العامة ورفع المخلفات    حسام حسن يستقر على المحترفين في معسكر منتخب مصر    عاجل.. نجم منتخب فلسطين معروض على الزمالك (خاص)    سعر الأسمنت اليوم السبت 27 - 9-2025.. استقرار الأسعار فى الأسواق    المشاط تبحث تطورات تطبيق منظومة التصويت الإلكترونى بالانتخابات    طقس الأحد.. أجواء خريفية وشبورة واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 32 درجة    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    من شحاتين إلى تُجّار سموم.. ضبط عصابات تستغل أطفال الشوارع فى جرائمها    الرئيس: لن يتمكن أحد من إلحاق الأذى بمصر    توجيه هام من رئيس الوزراء يخص ذوي الهمم.. تفاصيل    عليك بالاستكشاف وتجنب التردد.. حظك اليوم ل برج الدلو 27 سبتمبر    رانيا يوسف : أول حب بحياتي كان في المعمورة    «القاهرة الإخبارية»: مصر تعزز قطاع السياحة بتطوير البنية التحتية والمتاحف    محافظ الأقصر يشارك سياح العالم فى احتفالية يوم السياحة بالكرنك.. فيديو    خبير: لا يجب التعويل على لقاء ترامب ونتنياهو والاعترافات بدولة فلسطينية بارقة أمل    رئيس جامعة المنوفية يجتمع بالعمداء لمتابعة انتظام الدراسة    الإفتاء: 3 أوقات لا يطلب فيهم الزوج زوجته للعلاقة الزوجية    أبوالفتوح: كلمة الرئيس السيسي رسالة لتوعية الرأي العام المصري بالحقائق للرد على المشككين    فى ذكرى اغتيال نصرالله.. عون: لا حماية إلا تحت سقف الدولة اللبنانية    محافظ الدقهلية: 8365 خدمة طبية وعلاجية مجانية من القوافل الطبية المجانية خلال سبتمبر    طرق الوقاية من مرض السكر من النوع الثانى.. 8 عادات صحية هتساعدك    فريق طبى بمستشفى بيلا فى كفر الشيخ ينقذ حياة مريض سقط من الطابق الثالث    موعد مباراة نانت وتولوز عبر القناة الناقلة    450 ألف حالة عقر سنويًا.. 20 مليون كلب ضال فى شوارع المحروسة تهدد حياة المصريين    جامعة أسيوط تدعو طلابها للانضمام إلى برنامج إعداد القادة الشباب    لينا شاماميان: مصر الحضن الأكبر للفن العربي    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 9 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 27-9-2025 في محافظة قنا    انتهاء تصوير مسلسل «قسمة العدل» تمهيدًا لعرضه قبل رمضان 2026    بتسجيل أكثر من مليون طالب.. مكتب تنسيق القبول بالجامعات ينهي أعماله بنجاح    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :هنيئا للأهل ببقطارس نجاحهم!?    موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والقناة الناقلة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الصبر والصلاة !?    حريق مصنع المحلة.. عمرو أديب: مين يتحاسب؟.. هل أرواح الناس تساوي الاستمرار في مصنع آيل للسقوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد القدوسي يكتب :مطالب طائفية
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 04 - 2010

الواقع هو محطتنا الثالثة والأخيرة في المراجعة التشريعية التي نجريها ضمن «مراجعات للبطريرك»، وعلي أرض الواقع نرصد ثلاثة أخطاء، أو أخطار، أولها طرح «مطالب الأقباط» معزولة عن «الظرف العام». وثانيها الخلط الطائفي بين الهويات الدينية والسياسية والوطنية، وبين «الدولة» و«النظام الحاكم». وأخيراً اعتبار «الأقباط» هم كل «غير المسلمين» في مصر. الخطأ الأول، أشار إليه صراحة الحكم الصادر عن مجلس الدولة (محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بتاريخ الثلاثاء 12 من ابريل 1983م، أي منذ 27 عاما، وهو الحكم الذي فتح الباب أمام عودة «الأنبا شنودة»، بأن ألغي قرار رئيس الجمهورية الصادر في 3 من سبتمبر 1981 في شقه الخاص ب«تعيين لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية»، مع تأييد صحة ما تضمنه القرار من تنحية البطريرك عن منصبه، لأنه وحسب الوارد في حيثيات الحكم وأسبابه سعي «إلي إثارة شعور الأقباط لحشدهم حوله، واستغل ذلك في الضغط علي سلطات الدولة لإجابة بعض المطالب القبطية في مسائل عامة تهم الشعب المصري كله، مثل السماح ببناء الكنائس بغير قيود، وتمثيل الأقباط في المناصب السياسية ووظائف المحافظين ورؤساء المدن، ووظائف مجالس إدارة شركات القطاع العام، وما أطلق عليه اسم عدم الاستيلاء علي الأوقاف القبطية، وعدم ترغيب المسيحيين في الإسلام، وغير ذلك من المطالب التي وردت بمذكرة المستشار القانوني للبطريركية». ووصف الحكم هذه المطالب بأنها «مطالب طائفية» وهي بالفعل كذلك، مما يعني أنها تمثل نكوصا، لا تقدما، نحو الديمقراطية المنشودة. وتقسم «الوطن» إلي «حصص» علي نحو يجعل «الطائفية» نظاما عاما، يؤدي بالضرورة إلي«الصراع». ذلك أن التمثيل بنسبة أو بحصة علي أساس ديني أو عرقي، يعني أن كل طرف سيسعي لزيادة حصته، وأن «الطائفية» ستهيمن علي الروابط والتفاعل (الجدل) بين أبناء الوطن الواحد، مثلما نري في الدول التي تأخذ بنظام «المحاصة» والتي تسعي إلي الخروج من نفقه، بينما هناك من يريد لمصر أن تدخل ظلماته!
كان البطريرك كما أشار حكم مجلس الدولة يطالب منذ ثلاثة عقود بحصة في وظائف مجالس إدارات شركات القطاع العام، مما يعني أن بيع هذه الشركات كما حدث فعلا كان سيعتبر «اضطهادا للأقباط»، ويوجب أن توضع «حصتهم» في الاعتبار مع توالي خطوات البيع، بحيث يزاد عدد المعينين منهم في الشركات الباقية، إن أدي بيع بعضها إلي «تخفيض الحصة»، أما إن أدي البيع إلي زيادة «التمثيل النسبي» للأقباط فيما تبقي من شركات، فالواجب في المقابل هو فصل عدد منهم. تعيين وفصل «علي الهوية» بغض النظر عن الكفاءة والخبرة، وعن مصلحة العمل ومصلحة الوطن، فأي عبث هذا؟ وأي مزايدة يضعنا فيها هؤلاء الذين يطالبون بإلغاء خانة الديانة في البطاقات الشخصية، بينما هم في الوقت نفسه يريدون إدراجها في عقود العمل ومناصب السياسة؟
أي مزايدة يقوم بها هؤلاء الذين يطالبون مازالوا بتشريع يتيح لهم «حق» ترميم الكنائس، برغم صدور القرار الجمهوري رقم 13 لسنة 1998، الذي نقل اختصاص ترميمها للمحافظين، ليصبح ترميم دور العبادة كلها من مساجد وكنائس خاضعا لقانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، وما يحيل بشأنه إلي قانون أعمال البناء الصادر في 1976؟
وعلي ذكر الترميم، أسأل: هل مصر الدولة هي التي تعرقل ترميم «دير السلطان» في القدس؟ أم أن عدم ترميمه مسئولية مشتركة بين الكيان الصهيوني الذي قال البعض إن «الكتلة القبطية الكبيرة في مصر هي التي تحاول منع مصر من أن تتحول إلي دولة إسلامية جهادية معادية له»، وبين كنيسة الأقباط الأرثوذكس والكنيسة الأرثوذكسية في الحبشة؟
إن مقارنة واقع هذا الدير وتاريخه، بما يقال عن الترميم ودعاوي الاضطهاد تكشف الحجم المروع للمزايدة والمغالطة والتضليل.
الواقع يقول إن وضع مبني الدير خطير للغاية، وإنه يعرض حياة الرهبان والمصلين والزوار للخطر، فالجدران متصدعة، والرطوبة تأكل أركانه، مع خلل في خطوط الكهرباء والماء.
والتاريخ يقول إن «السلطان» الذي تسمي به الدير هو «السلطان صلاح الدين الأيوبي» الذي استرد القدس من يد الصليبيين، في 2 من أكتوبر 1187م، وكان هذا الدير بين ما استعاده من ممتلكات، وقد أهداه السلطان إلي الكنيسة القبطية، ليكون مسكنا للأقباط المقيمين في القدس، وعلي هذا فالدير الموشك علي الانهيار ملك للكنيسة القبطية منذ ذلك التاريخ، واسم الدير «دير السلطان» هو أحد أقوي أسانيد الكنيسة التي تؤكد ملكيتها له. وهي ملكية تنازعها فيها الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية، التي بدأت صلتها بالدير في العام 1668م، أي بعد نحو خمسة قرون من ملكية الكنيسة القبطية المستقرة له. والقصة تقول إن «القبطية» ولأنها تعتبر «الإثيوبية» تابعة لها استضافت الرهبان الإثيوبيين، بعد أن فقدت كنيستهم ممتلكاتها في القدس، داخل وخارج كنيسة القيامة، حيث عجزت عن دفع الضرائب، وعرضت كنائس الأرمن الأرثوذكس والكاثوليك علي السلطات العثمانية أن تدفع الضرائب، وتحصل علي ممتلكات الكنيسة الإثيوبية! فوافقت السلطات، لتفقد «الإثيوبية» مقرها في كنيسة القيامة، ويحل رهبانها ضيوفا علي «دير السلطان». لكنهم وبدلا من أن يحسنوا رد الجميل، راحوا وبسرعة يحاولون فرض سطوتهم علي المكان، والاستيلاء عليه. وفي ابريل 1970، وبعد أن حكم قضاء الاحتلال الصهيوني لصالح الكنيسة الإثيوبية، في الدعوي التي رفعتها لإثبات ملكيتها المزعومة للدير، اقتحمت قوات الاحتلال الدير، حيث فتحت أبواب الكنائس والغرف عنوة، وبدلت أقفالها، ولم تسمح للكنيسة القبطية إلا بوجود واحد من رهبانها في الدير بشكل دائم. حكم استأنفته «القبطية» أمام المحكمة العليا، التي أقرت في 16 من مارس 1971 بملكية الكنيسة القبطية للدير. لكنه حكم مازال «الصهاينة» يماطلون في تنفيذه حتي اليوم (قارن هذا بالتنفيذ السريع للحكم/ المؤامرة الصادر لصالح الكنيسة الإثيوبية، ثم قارن انتهاك سلطات الاحتلال الصهيوني لحرمة دير قبطي بحديث بعض الأقباط عن المصلحة المشتركة بينهم وبين منتهكي حرماتهم)!
وملخص الوضع الآن أن الكنيسة الإثيوبية تسيطر علي مبني «دير السلطان» وتطلب ترميمه قبل أن ينهار، والكنيسة القبطية تحمل وثائق ملكيته مدعومة بحكم قضائي، وترفض أن يقوم طرف غيرها بترميمه معتبرة هذا تطفلا، وسلطات الاحتلال وبعد أن أوصلت الأمور إلي هذه النقطة تقول لمسئولي الكنيستين: اتفقوا، وسأتولي الترميم علي نفقتي!
فهل يدرك المزايدون الحقائق التي سجلها التاريخ ويفصح عنها الواقع؟ هل يدركون أن الصليبيين أعداء، احتلوا بلادنا، واستولوا علي ممتلكاتنا، التي استردها «السلطان» ليعيدها إلي أبناء الوطن مسلمين ومسيحيين؟ وهل يدركون أن الكيان الصهيوني عدو صريح، لا يمكن أن تكون هناك مصلحة مشتركة بينه وبين أي من أبناء الوطن؟ ثم هل يدركون كدرس مستفاد من رفض الكنيسة القبطية لترميم «دير السلطان» أن هناك مسافة بين التشريع والتطبيق، تتحسن الأحوال لتضيق حتي تختفي، وتسوء لتتسع حتي تصبح عبئا وخللا ينبغي إصلاحه، مع ملاحظة أن إصلاح خلل فرضته الظروف علي واقع الحال، لا يعني الخروج علي ثوابت القيم والتشريع؟ وهل يتوقف المزايدون عن ترديد ما وصفه حكم مجلس الدولة في 12 من ابريل 1983 بأنه: «مطالب طائفية، تقتضي طبيعتها دراسات وأبحاثاً واسعة وعميقة متأنية علي جميع المستويات الرسمية والشعبية، لتقدير ملاءمتها، ومعرفة آثارها وانعكاساتها علي كيان الدولة ونظام الحكم والإدارة فيها، في ضوء أحكام الدستور القائم»؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.