.. ديسمبر.. شهر استثنائي في «روزنامة» حياتي لذلك تعودت أن أسجل فيه بعضا من أحلامي وخواطري وملاحظاتي! .. في الأسبوع الأول من ديسمبر منذ 45 عاما ولدت!! وفيه - أيضا - انتخبت (في 79 رئيسا لاتحاد الطلاب وفي 95 نائبا) وفيه عام 1984 كتبت أول مقالاتي بالوفد وفيه - أيضا - سجنت!! وفيه كتبت أول مقالاتي العام قبل الماضي بالدستور ومازلت!! وكما قلت، إنه شهر استثنائي للأحلام والآلام!! .. أحمد الله وأشكره أن معظم أحلامي قد تحققت ليس بجهدي واجتهادي، بل بفضل الله وكرمه وتوفيقه - أولا - وقبل كل شيء!! أما آلامي فهي أيضا من رحم أحلامي البسيطة التي لم تتحقق. .. فأحلامي وأنا صغير كانت كبيرة، لأني كنت أري العالم حضن أب كبير، يضمني بفرح، ويرقب ما أصبو إليه باهتمام واحترام!! كانت معاني الكلمات في ذهني مستقرة، لا تحمل غير معناها الظاهر الذي أعرفه.. فالحب يعني «الحب».. والوطن يعني «الوطن»!! والشرف هو «الشرف».. والصداقة هي الصدق في المشاعر. .. لم تكن هذه المعاني والقيم تعرضت بعد لأي خصم أو إضافة، لم أكن أتصور بعد أن شرف حب الوطن يمكن أن يتحول إلي خيانة (!!)، وأن الصداقة يمكن أن تتحول إلي نذالة!! وأن أخلص الخلصاء هو من يقاتل «معك» حتي آخر مليم في جيبك «إنت» وحتي آخر قطرة في دمك «إنت» وآخر نفس في حياتك «إنت» أما جيبه، ودمه، وحياته فهي خارج دائرة الحسابات، والتوازنات، والممكن، والمتاح (!!) .. لم أكن أري في السياسة إلا أنها شرف خدمة الوطن، ولم أر في القانون غير صورة ذلك التمثال المعصوب العينين، الذي لا «يري» ولا «يفرق» ولا يكيل إلا بمكيال واحد (!!) ولم أكن أري في القضاء والنيابة سوي حصن للمظلومين، وسيف علي رقاب الظالمين!! لم أكن أري إلا بعضا من الحقيقة!! .. ما أملك أن أبوح لكم به الآن، وبعد 45 عاما، إني أشكر الله علي كل دقيقة في عمري، أشكره علي الضحكات والأنين، علي البسمات والدموع، علي الصحة والمرض، علي النجاح والفشل، علي السعادة والشقاء. .. فلولا الاستبداد ما عرفت قيمة الحرية، ولولا الغدر ما عرفت عظمة الوفاء، ولولا الظلم ما عرفت أهمية العدل. .. أشكر الله لأني استفدت من الطعنات التي وجهت لي، أكثر مما استفدت من الأيادي التي صفقت لي فكل ضربة سددت لظهري دفعتني للأمام، وكل عثرة صادفتني أوقفتني أكثر مما أوقعتني وكل ظلم تعرضت له حفز قدرتي ورغبتي في مقاومته. .. حياتي منذ الطفولة رحلة من المعارك - الصغيرة والكبيرة - اخترت بعضها واختارت لي الحياة معظمها انتصرت في نهاية أشواط معظمها، وانهزمت في قليل منها لكنني تعلمت من كل هزيمة كيف أنتصر!! .. عندما كنت في العشرين كنت أقول يكفيني أن أعيش حتي الأربعين!! وعندما أصبحت نائبا في سن الثلاثين قررت أن أتوقف عن العمل النيابي في سن الأربعين!! وعندما ترشحت للرئاسة في سن الأربعين قررت أن أعتزل الحياة السياسية في سن الخمسين. .. وأنا أكمل في ديسمبر 2009- 45 عاما لا ألبث أن أشكر الله، فقد عشت أكثر مما كنت أتمني وأنا في العشرين!! فما أكثر الشموع التي أشعلتها، والشموع التي أطفأتها فسنوات سجني لم تكن - أصلا - في دائرة حساباتي وحلمي، والخناجر التي رشقوها في جسدي بعد ال40 عاما هي أهداف أحرزوها في شباكي في «الاستراحة» ما بين شوطي المباراة (!!). .. أحسب أن من سجنوني ظلما لو كانوا يعلمون أن سنوات السجن ليست إلا وقتا مستقطعا يضيفه الحكم العدل لمدة المباراة الأصلية.. لما فعلوا ما فعلوه!! وسنثبت لهم هذا!! شاركوني الموقع الرسمي http://aymannoor.net موقع تويتر http://twitter.com/ayman_nour المدونة الإنجليزية http://aymanoormasr.blogspot.com علي الفيس بوك http://www.facebook.com/pages/ymn-nwr/ 103831656317