خيالك، يا أستاذ قارئ، هو ما أحتاج إليه الآن، ولا أخفي عليك أن القارئ الذي بلا خيال يجعل من الكتابة ممارسة عبثية، بالضبط كأن يسبح الواحد في عرقه علي السرير، ممنيًا النفس بأنه لو استمر هكذا طوال الليل بلا توقف سيكون قد تمكن في الصباح من عبور المانش. فإذا سمحت، بلاش علشان خاطري تعطل خيالك، أرجو أن تكون علي مستوي الرحلة، سوف نحاول التحليق في سماء المستقبل، وعلي الإنسان في هذه الحالة أن يتخلص من الوزن الزائد، خاصة تلك الأفكار المحنطة بين تلافيف دماغه من قرون، علي الإنسان ألا يفترض - من حيث المبدأ - أن ما سوف يراه هو بعينيه لا يمكن أن يكون صحيحًا، لمجرد أن النصوص القديمة التي طالما تعاطاها مع لبن الرضاعة تفسر الأشياء علي نحو مختلف. اتفقنا؟ فلنقلع إذن. سنتكلم أولاً عن الاغتصاب.. كل الدراسات التي أجرتها أكاديمية الشرطة أو مراكز البحوث الاجتماعية حول هذه الجريمة بالذات تثبت أن الضحية شريكة فيها بنسبة تتراوح بين 70% و90% علي أقل تقدير، وأن السبب في عزوف الضحية عن المقاومة إلي آخر المدي غالبا ما يرجع إلي الخوف مما هو أسوأ. إنها غريزة البقاء، وهو ما يتعارف عليه البعض بالتعاون السلبي من جانب المجني عليها مع مرتكب الجريمة. الحياة طبعًا تستحق أن يتشبث بها الإنسان حتي في أحلك الظروف، لكن الأمر يختلف كثيرًا عندما يتعلق باغتصاب السلطة في بلد ما، وقد بح صوتي في التأكيد علي أن العبد يوقع بالموافقة علي صك عبوديته، إذا هو آثر السلامة الرخيصة علي الحرية الباهظة الثمن، تعال إذن - يا أستاذ قارئ - نحاول استشراف المستقبل. تعال نحاول استراق النظر إلي مصر خلال 2012. كيف تراها سيادتك؟ كما هي الآن بالضبط؟ أم كما هي الآن مع بعض التعديلات الشكلية الطفيفة؟ هل ستشارك سيادتكم في محاولة التغيير؟ أم ستتهرب - كالعادة - من سداد ما يخصك من الفاتورة؟ هل ستستطيع مصر حقًا الخروج من النفق المعتم الذي تترنح داخله منذ عقود؟ النتيجة مرهونة بمدي نجاح كل منا في التخلص من تلك النظرية السائدة حاليًا علي جميع المستويات. تلك النظرية اللأخلاقية التي تقول: لابد من تحرير القدس. علي أن يستشهد ابن الجيران.