بعد مرور عدة أشهر على وقوع مذبحة رفح التى راح ضحيتها 16 جنديا من أبناء القوات المسلحة، لا يصح أن يبقى الشعب المصرى متروكا لشائعات وتسريبات من هنا أو هناك عن الجهة المرتكبة لتلك المذبحة التى لا يمكن بأى حال من الأحوال التهوين من شأنها، إذ تعد الخسائر التى لحقت بأفراد الجيش المصرى الأكبر منذ حرب أكتوبر 1973. غالبية الأخبار المتناثرة تدور حول مسؤولية واحدة من الفصائل أو المجموعات الفلسطينية، واستحوذت حركة حماس على النصيب الأكبر من تلك الاتهامات عن مسؤوليتها عن تلك المذبحة، إما بالاشتراك المباشر فى العملية وإما بعدم تعاونها بشكل كاف مع أجهزة الاستخبارات المصرية قبل الحادثة وبعدها فى أثناء التحقيقات. والسبب الرئيسى فى انصباب هذه الاتهامات على حماس دون الفصائل الأخرى أنها الحركة الأكبر والمسيطرة والحاكمة لقطاع غزة منذ عام 2006، وتمتلك أجهزة أمنية استبدادية قمعية على نحو جعلها متغولة فى الحياة اليومية لفلسطينيى قطاع غزة، بجانب إدارة وإشراف كوادرها على الأنفاق الممتدة بين قطاع غزة ومصر، التى أصبحت اليوم المهدد الأول للأمن القومى المصرى، فالأنفاق لم تعد متنفسا من ضغط الحصار، بل صارت من أكبر مناطق التهريب، حيث تتدفق الأسلحة الثقيلة من وإلى قطاع غزة دون رقيب وتحت مرأى ومسمع كوادر القسام، الجناح العسكرى لحركة حماس، بجانب البضائع المهربة والمسروقات والمخدرات ومجموعات الإرهابيين التى نفذت عدة عمليات سابقة فى سيناء.
الأنفاق أيضا تحولت بالنسبة إلى حركة حماس «كبزنس» يدر دخلا سنويا لقيادات الحركة قدر ب250 مليون دولار، حيث تفرض حماس ضرائب على كل ما يمر داخل الأنفاق عبر هيئة الأنفاق التى أسستها الحركة.
إذن سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وإدارة وإشراف عناصرها على الأنفاق التى تعد ممر الإرهابيين الذين ارتكبوا مجزرة رفح، كل هذه الأشياء هى من قادت الرأى العام المصرى إلى الاعتقاد بمسؤولية حماس عن المجزرة. ناهيك بأن الآثار السياسية التى ترتبت على الحادثة من إقالة الرئيس مرسى قيادات المجلس العسكرى جعلت عديدا يؤكدون صحة ما ذهبوا إليه من اتهام حماس التى تعد فرع جماعة الإخوان المسلمين فى غزة، وهو ما دفع الجيش المصرى إلى شن عمليات عسكرية فى سيناء ورفح لتعقب مجموعات من الإرهابيين، والعمل على إغلاق تلك الأنفاق.
والآن يجب على قيادات الجيش المصرى أن تخرج عن صمتها، وإجابة الرأى العام عن المتسبب فى تلك الحادثة.