في اليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف الثامن من مارس، تتعالى أصوات النساء في العالم، لا سيما في المنطقة العربية، للمطالبة بالمزيد من الحقوق الاجتماعية والسياسية، خاصة في ظل مجتمعات مازالت تضع العقبات أمام عملها، وأخرى تسلبها حقوقها الاجتماعية، وثالثة تمنحها نافذة يزاحمها عليها الرجال. وتعد الباكستانية زاهدة كاظمي، التي تعمل سائقة أجرة في العاصمة كابول، واحدة من نساء العالم ممن يعانين متاعب الحياة داخل مجتمع يشكل نموذجا في فرض القيود على عمل المرأة. وتواجه زاهدة، التي تعمل وحيدة في هذه المهنة بين أقرانها، يوميا مضايقات عدة، لا سيما من الذكور الذين لا يفضلون الركوب معها.
وتقول زاهدة: "اضطررت لتغيير لون سيارتي كي أتفادى مضايقات بعض المارة في الشارع". وتضيف: ""تعرضت مرارا للتحرش، وواجهت تلك المشاكل لوحدي. أنا لا أملك مورد رزق آخر، ولازلت أتابع عملي رغم كل شيء". ولا تكسب هذه السائقة شهريا سوى مائة دولار أميركي.
وتتذكر زاهدة صور الماضي عندما كان البيت مليئا بصخب الأبناء، ليتغير كل شيء بعد وفاة زوجها قبل 20 عاما، حين اضطرت للعمل سائقة سيارة أجرة لتعيل أطفالها الستة بعيدا عن التسول في الشارع، وبعد أن كبر الأبناء، تخلى الجميع عنها.
وتقول: "ترملت في سن مبكرة، وقررت أن أكسب عيشي بنفسي، ورغم أن المجتمع الباكستاني محافظ، فقد تحديت الأعراف واخترت قيادة سيارة الأجرة لكي أكون أيضا نموذجا لغيري من النساء".
الزواج وقوانين الجنسية
وفي لبنان مازالت المرأة المتزوجة من أجنبي تعاني من عقبات منح الجنسية لأطفالها، خاصة أن اللجنة الوزارية المكلفة درس موضوع تعديل قانون الجنسية في البلاد، مازالت تسوق أسبابا يراها البعض "غير منطقية" تعيق منح الجنسية من بينها التخوف من الخلل الديمغرافي وقضية توطين الفلسطينيين.
فقد حرم قانون الجنسية اللبناني، أطفال لارا نقولا، المتزوجة من فرنسي، من الحصول على الجنسية، لأن هذا القانون الصادر في عهد الانتداب الفرنسي للبنان، لا يمنح المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي حق منح الجنسية لأطفالها.
وتقول لارا: "إن الجنسية حق أطالب به لأطفالي، وليس شيئا إضافيا. ومن حق أي امرأة عندما تتزوج من أجنبي أن تحصل على الجنسية. وإذا صار عمر أولادي فوق 18 عاما، ولا يملكون جنسية فعليهم مغادرة البلد".
وتعتبر لارا واحدة من بين 76 ألف لبنانية متزوجات من أجانب، بحسب أحدث الإحصاءات الحكومية في هذا الشأن، وخمسة آلاف منهن متزوجات من فلسطينيين. وتنتاب الحكومة مخاوف بشأن حدوث خلل ديمغرافي في البلاد، فضلا عن مخاوف من السعي إلى توطين الفلسطينيين، كلما طرح قانون الجنسية على طاولة البحث.
وتقل لاما نجا، المسؤولة عن "حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي"، في لبنان: "دائما نسمع عن هذا التخوف من توطين الفلسطينيين. لماذا عندما نتحدث عن حقوق المرأة، نتحدث عن توطين الفلسطينيين؟ الرجل اللبناني عندما يتزوج فلسطينية يعطيها الجنسية. ولماذا عند الحديث عن المرأة اللبنانية تأتي مسألة التوطين؟".
ويسجل سنويا أكثر من 600 زواج بين لبنانية وفلسطيني، إلا أن أولادهم يعانون لاحقا صعوبات عدة عند التعليم والتداوي والعمل.
نافذة أمل
أما في الأراضي الفلسطينية، وبعيدا عن الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية التي توصف على الدوام بأنها "مناضلة ومكافحة"، تبرز أدوار إبداعية لنساء فلسطينيات في مجال أعمالهن.
وتعد المهندسة فداء توما، مديرة مركز رواق لترميم المباني والأحياء القديمة، واحدة من تلك النماذج التي تشارك في ترسيخ الهوية الفلسطينية العربية بطريقة إبداعية خاصة.
فبين خرائط الأبنية القديمة تبدأ توما -وهي أم لطفلتين- يومها بالانهماك في العمل داخل مركزها، لكن ذلك لا يمنعها من القيام بعمل ترى فيه مهمة وطنية جنبا إلى جنب مع زملاءها من الرجال.
وتعيد توما في ما يشبه "العملية الجراحية التجميلية" نبض الحياة لبلدات فلسطينية قديمة، وإن لزم الأمر أحيانا تدخلا مباشرا منها.