فى مخالفة صريحة لأحكام الدستور والأعراف القضائية المستقر عليها، قام مجلس الدولة برئاسة المستشار غبريال جاد عبد الملاك بإصدار «فتوى» تجيز لعدد من مستشارى المجلس الاستمرار فى عملهم كمستشارين للجهات الحكومية بالمخالفة للمادة 170 من الدستور، رغم أن الأمر معروض على المحكمة الدستورية العليا ولم تصدر قرارا بشأنه، حيث كلف المجلس الخاص بالمجلس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بإعداد فتوى فى هذا الشأن. «الدستور الصلي» علمت من مصادر قضائية رفيعة المستوى أن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع برئاسة المستشار الدكتور حمدى الوكيل النائب الأول لرئيس المجلس، أصدرت «فتوى سرية» تم توزيعها منذ عدة أيام على عدد من مستشارى مجلس الدولة المنتدبين إلى الوزارات والجهات الحكومية، تكفل لهؤلاء المستشارين الاستمرار فى الندب إلى رئاسة الجمهورية والوزارات والهيئات الحكومية إلى جانب عملهم بمجلس الدولة بالمخالفة للدستور الجديد، الذى نصت المادة 170 منه على «القضاة مستقلون، غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وينظم مساءلتهم تأديبيا، ولا يجوز ندبهم إلا ندبا كاملا، وللجهات وفى الأعمال التى يحددها القانون، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء وإنجاز أعماله».
الفتوى الصادرة لصالح عدد معين من قضاة مجلس الدولة، استندت إلى أن المادة 88 من قانون مجلس الدولة تسمح بندب قضاة مجلس الدولة «كل الوقت أو فى غير أوقات العمل الرسمية لوزارات الحكومة ومصالحها أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة للقيام بأعمال قضائية أو قانونية بها».
وذكرت الفتوى، حسب نائب رئيس مجلس الدولة الذى فضل عدم ذكر اسمه، أن مجلس الدولة غير مختص بالفصل فى مدى تعارض تلك المادة مع الدستور الجديد الذى حظر ندب المستشارين إلى الجهات الحكومية إلى جانب عملهم القضائى.
ولفتت الفتوى إلى أنه «للوقت الحالى لم يتدخل المشرع لسن قانون ينظم مسألة ندب القضاة إلى الجهات الحكومية بصفة عامة فى ضوء الدستور الجديد، وأوضح المصدر القضائى بمجلس الدولة ل«الدستور الأصلي» أن الجمعية العمومية قررت إصدار فتوى «خصوصى» حسب وصفه لمستشارى مجلس الدولة تمكنهم من الاستمرار إلى جانب حكومة الإخوان إلى ما بعد انتخابات مجلس الشعب على أن يتم سن قانون بعد ذلك يسمح باستثناء المرضى منهم من عدم الجمع بين العمل القضائى والعمل لدى الجهات الحكومية. وشدد نائب رئيس مجلس الدولة على أن تلك الفتوى تمثل مخالفة صارخة للدستور وللقيم القضائية والقانونية المستقر عليها، لافتا إلى أنه طبقا للقواعد الفقهية المستقر عليها «هناك مبدأ يسمى التدرج» وهو ما يعنى أن اللائحة لا يمكن أن تخالف القانون، والقانون لا يمكن أن يخالف الدستور، ومن ثم فالجمعية العمومية للفتوى والتشريع تعمدت مخالفة القانون والدستور من أجل المصالح الشخصية لعدد من المستشارين ذوى النفوذ فى المجلس. ولفت المصدر إلى أنه فى حال تطبيق القانون والدستور فسيتم تخيير رئيس محكمة القضاء الإدارى المستشار فريد نزيه حكيم تناغو بين الاستمرار فى عمله كرئيس لدوائر المحكمة الخمسين وما بين الاستمرار فى الجهات المنتدب إليها، وعلى رأسها هيئة المعونة الأمريكية وغيره الكثير. ولفت المصدر، الذى فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن الطريف أن عضو الجمعية التأسيسية المستشار محمد فؤاد جاد الله الذى شارك فى وضع مواد الدستور ومن بينها المادة التى تحظر ندب المستشارين إلى الجهات الحكومية إلى جانب عملهم القضائى لا يمانع فى استمراره كمستشار قانونى لرئيس الجمهورية إلى جانب عمله بمجلس الدولة كعضو بقسم التشريع الذى من المفترض أنه يراقب مشروعات القوانين المقترحة من الحكومة قبل إرسالها إلى مجلسى النواب والشورى لإقراره.