المحكمة تجاهلت وقائع قتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين ونظرت فقط واقعة حيازة سلاح ناري غير مرخص أين تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة من رئيس الجمهورية وإعادة التحقيق في أحداث القتل وإصابة المتظاهرين؟
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكم الصادر أمس من محكمة جنايات شمال القاهرة بمعاقبة متهمين قبطيين اثنين بالسجن المشدد ثلاث سنوات، وذلك على خلفية الاعتداءات على المتظاهرين السلميين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون بمنطقة ماسبيرو في 9 أكتوبر 2011، والمعروفة إعلاميا بمذبحة ماسبيرو، والتي راح ضحيتها نحو 28 قتيلا بخلاف عشرات المصابين جراء دهسهم بمركبات الشرطة العسكرية وتعرضهم لطلقات نارية، إضافة لعميات ترهيب وتعقب واعتقال عشوائي للمتظاهرين.
وقال إسحق إبراهيم مسئول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية: "من المثير للدهشة أنه بعد أكثر من عام وأربعة أشهر يتم الحكم على متظاهرين بالسجن ثلاث سنوات بتهمة سرقة سلاح ناري، بينما القتلة والمحرضين على القتل مازالوا أحراراً يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، وبعضهم منح مكافأة بتوليه مناصب عليا في الدولة، وهو ما يضع علامات استفهام حول دور جهات التحقيق، في الوصول للمسئولين والقائمين بأعمال القتل والشروع في القتل وإرهاب المتظاهرين."
وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النيابة العامة بإعلان نتائج تحقيقات لجنة تقصي الحقائق المشكلة من رئيس الجمهورية محمد مرسي في أحداث قتل والشروع في قتل المتظاهرين، ومن بينها وقائع أحداث ماسبيرو، والتي تقدمت به إلى الجهات المختصة شهر يناير 2013. كما طالبت بضرورة التحقيق مع المسئولين السياسيين والأمنيين خلال الأحداث خصوصا قيادات الشرطة العسكرية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة تمهيدا لمحاكمتهم جنائيا بشأن استخدام العنف وانتهاك الحق في الحياة للمتظاهرين وتقاعسهم عن دورهم في حمايتهم. كما طالبت المبادرة المصرية النيابة العامة بتطبيق قرار الرئيس مرسي بالعفو عن المتهمين وفقا للقرار الرئاسي بالعفو عن المتهمين في الجنايات والجنح عدا القتل في أحداث مناصرة الثورة وتحقيق أهدافها.
وكان المستشار ثروت حماد، قاضي التحقيق المنتدب من وزارة العدل للتحقيق في أحداث ماسبيرو، قد أحال المتهمين مايكل عادل نجيب فرج ومايكل مسعد شاكر للمحاكمة الجنائية لاتهامهما بسرقة وحيازة سلاح ناري رشاش من القوات المسلحة.
وأضافت المبادرة المصرية أن الحكم يعد حلقة جديدة من مسلسل إدانة المتظاهرين السلميين، دون إجلاء الحقائق عن وقائع الاعتداءات على المتظاهرين، وتحديد المسئولين الحقيقيين عن قتل وإصابة المتظاهرين، وإحالتهم للمحاكمة العادلة أمام القضاء الطبيعي. وأضافت أن هيئة المحكمة أعلنت أثناء نظر الدعوى رقم 2121 لسنة 2011 بولاق أبو العلا أنها لن تنظر سوى واقعة حيازة سلاح ناري مملوك للقوات المسلحة مسروق من أعلى مدرعة فهد، وطبقا لما ورد في أمر الإحالة فقط دون النظر في ملابسات وظروف الأحداث. وتجاهلت المحكمة طلبات محاميي المتهمين بفحص الأقراص المدمجة لكاميرات اتحاد الإذاعة والتلفزيون والتي تسجل الأحداث، حيث ورد في تحريات الشرطة العسكرية بملف القضية أنها توصلت للسيارة الأجرة التي استقلها المتهم الأول من خلال كاميرات التلفزيون، وبسؤال سائق السيارة أفاد أن المتهم الأول استقل السيارة من منطقة ماسبيرو إلى الشرابية مساء يوم الأحداث.
وأشارت المبادرة المصرية إلى أن النيابة العامة لم تضم هذه الواقعة التي صدر بشأنها الحكم أعلاه إلى الأحداث التي صدر بحقها العفو الشامل وفقا لقرار رئيس الجمهورية 89 لسنة 2012 الصادر في 8 أكتوبر 2012، وقرار النيابة العامة رقم 1996 لسنة 2012 في 5 نوفمبر 2012 بشأن العفو الشامل عن بعض الجرائم المرتكبة لمناصرة ثورة 25 يناير وتحقيق أهدافها.
وكان ملف القضية قد قسم إلى جزأين: الأول لدى القضاء العسكري، وقيد برقم 5447 لسنة 2011، وقد حوكم ثلاثة جنود لأنهم "تسببوا بخطئهم في موت أربعة عشر شخصا من المتجمهرين أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم وعدم احترازهم كونهم سائقي المركبات والمدرعات التابعة للقوات المسلحة والتي قادوها بطريقة عشوائية لا تتناسب وحالة الطريق الممتلئ بالمتجمهرين مما أدى إلى اصطدامهم بالمجني عليهم"، وذلك وفقا لقرار الإحالة الصادر من النيابة العسكرية طبقا للمادة 7/278 من قانون العقوبات. وفي 11 أبريل 2012، قررت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف ومحامو أسر شهداء ماسبيرو الانسحاب من أمام المحكمة العسكرية في قضية مقتل المتظاهرين السلميين، وقالوا في بيان مشترك أن القضاء العسكري غير معني بتحقيق العدالة. وقد جاء قرار نظر القضاء العسكري للقضية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المؤرخ 27 أكتوبر 2011، والمنشور بالصفحة الرسمية للمجلس على موقع فيسبوك، بإحالة التحقيقات بشأن مذبحة ماسبيرو إلى القضاء المدني "نيابة أمن الدولة"، والتي أحالتها بدورها إلى قضاة تحقيق منتدبين من قبل وزير العدل.
وقد قضت محكمة جنح عسكرية شرق في 2 سبتمبر 2012 بالسجن لمدة عامين للجندي محمود سيد عبد الحميد سليمان، 27 عاما، من قوة ك7 شرطة عسكرية، والجندي كرم حامد محمد حامد، 27 عاما، من قوة ك7 شرطة عسكرية، والسجن لمدة ثلاث سنوات للجندي محمود جمال طه محمود، 22 عاما، من قوة س5 شرطة عسكرية، والتابعين جميعا للمنطقة المركزية العسكرية، بتهمة القتل الخطأ.
أما الجزء الثاني من التحقيقات فقد تولاه قضاة التحقيق برئاسة المستشار ثروت حماد، وقد قرر حفظ التحقيقات مع 54 شخصا من بينهم رجال دين مسيحي ومسئولين بالتلفزيون المصري في 24 أبريل 2012، وأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الدليل، وتكليف الجهات الأمنية بموالاة البحث والتحري لتقوية الدليل.
ثم أصدر رئيس الجمهورية قراره رقم 10 لسنة 2012 بتشكيل لجنة بهدف "جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق في وقائع قتل وشروع في قتل وإصابة المتظاهرين في الفترة من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2012، وذلك لاستجلاء الحقائق كاملة في شأن المتورطين سواء كانوا فاعلين أصلين أو شركاء فيها". وجاءت وقائع الاعتداءات على المتظاهرين في أحداث ماسبيرو ضمن قائمة هذه الأحداث. وتقدمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في 13 سبتمبر 2012 للجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق بنتائج تحقيقاتها والزيارات الميدانية والمقابلات التي قام بها باحثوها إضافة لصور مستندات ومقاطع فيديو للاعتداءات. وسلمت اللجنة تقريرها إلى رئيس الجمهورية والنائب العام في يناير 2013.