أسرار جديدة، وتفاصيل تنشر لأول مرة، كشف عنها اللواء محمد حمدون مساعد رئيس قطاع السجون السابق، الذى تقاعد العام الماضى وعمل بالمحاماة، عبر أربع حلقات تنشرها جريدة «الحياة» اللندنية تباعا، نشرت الحلقة الأولى منه أمس، كونه رجلا عمل مع حبيب العادلى وزير داخلية ما قبل الثورة، وكان فى منصبه بقطاع السجون فى أحد أهم مراحله وهو تساقط رجال النظام السابق الواحد تلو الآخر، ووصولهم إلى الزنازين فى سجن طرة بعدما اعتقدوا أنهم ملكوا الدنيا بما فيها. حمدون تحدث فى الحلقة الأولى، عن يوم 18 فبراير، بعد أسبوع من تنحى مبارك، عندما وصل أحمد عز، وكذلك وزيرا الإسكان والسياحة أحمد المغربى وزهير جرانة، إلى سجن «مزرعة طرة» وهم يرتدون ملابسهم المدنية المهندمة بعدما أنهت النيابة معهم فى ذلك اليوم جلسة تحقيق، ونزلوا من سيارات الترحيلات وعلامات الإرهاق بادية عليهم مع دهشة بالغة وذهول، كأنهم فى حلم، ويضيف حمدون «لم نكن نحن أيضا نصدق ما يحدث».
حمدون تابع «مشى المسؤولون الثلاثة فى علياء يشوبه قلق وترقب وصدمة، كانت خطواتهم ثقيلة، كأنهم لا يصدقون وضعهم الجديد ولا يريدون تخطى باب السجن إلى داخله»، ثم بدأ مأمور السجن آنذاك العقيد أحمد عبد الرازق، إجراءات تجهيز الزنازين الانفرادية التى لا تتعدى مساحة الواحدة منها 4 أمتار مع باب خارجى يغلق عليهم فى الخامسة مساء كل يوم، وبها سرير فردى طوله 180 سم وعرضه 120 مغطى بملاءة بيضاء وبطانية صوف أميرى، ويتابع «وبعد أن جرى إثبات حضورهم فى دفاتر الإيراد العادى، تم تسليمهم ملابس السجناء الاحتياطيين، فبدت على الثلاثة علامات الحزن والذهول واليأس، وكان عز أكثرهم غضبا ويأسا، لكنهم لم يظهروا أى مقاومة، بل كانوا فى حالة من الاستسلام التام، وأقصى أمانيهم ملابس مهندمة، بينما كان منتهى أمل أحمد عز السماح له بتحسين وضع زنزانته بأن يقوم ولو على نفقته الخاصة بإعادة تركيب سيراميك فى أرضيتها وإعادة طلاء الجدران».
حمدون أشار إلى أن قوة أمنية قامت بترحيل حبيب العادلى ومساعديه، إسماعيل الشاعر وحسن عبد الرحمن وعدلى فايد، من النيابة إلى سجن المزرعة، فتوجه قادة مصلحة السجون إلى السجن لاستقبال موكب سيارات الترحيلات، وعقب توقف السيارات أمام البوابة، نزل العادلى أولا وهو يرتدى بدلة كاملة مع رابطة عنق، وتوجه بسرعة وبشكل مباشر إلى داخل السجن من دون أن ينظر إلى المكان، مما أعطى انطباعا لقيادات طرة بأن العادلى يعرف المكان جيدا!
مساعد رئيس قطاع مصلحة السجون السابق أضاف مندهشا «اللافت أن العادلى كان مبتسم الوجه واثقا من نفسه ووضع قدما على الأخرى وأخذ يتحدث بمجرد جلوسه فى تليفونه المحمول مخاطبا محاميه بصوت حاد يلومه ظنا منه أنه أساء التصرف، وبعدها اتصل العادلى بنجله شريف مداعبا إياه بثقة واقتدار وسمعناه يقول له (بابا فى مأمورية بعيدة وربما تطول.. خليك راجل زى ما أنا عارف إنك راجل)»، مضيفا أن العادلى أظهر تماسكا وسط الضباط إلى درجة أنه أشاد بالنظام فى السجن، معتبرا أن هذا الأمر أحد إنجازاته!
لافتا إلى أن مأمور السجن نقل هشام طلعت مصطفى من الزنزانة رقم (1) وتخصيصها للعادلى نظرا لتمتعها بدورة مياه مستقلة، وهو ما سبب استياء شديدا لهشام طلعت خصوصا أن أقدميته فى السجن تعطيه الحق فى البقاء فى هذا المكان.
الطريف حسبما يقول حمدون، أنه عندما توجه العادلى إلى زنزانته، نبهه المأمور إلى عدم السماح بالهواتف المحمولة داخل السجن، فرد عليه الوزير السابق مبتسما «واحنا مع التعليمات»، وسلم الهواتف للأمانات، بينما توجه العميد باسم لطفى قائد حرس العادلى بسؤال غريب إلى حمدون، إذ قال «سيادة اللواء، هل يوجد فى السجن جاكوزى لسيادة الوزير؟» وهو ما دفع حمدون للرد عليه بقوله «سيادة العميد هذا سجن وليس ناديا»، بينما كان أول طلب للعادلى فور دخوله الزنزانة بعدما زاغت نظراته هو الحصول على مصحف، حيث تابع حمدون «استجاب المأمور ووعده بتسليمه المصحف فى غضون دقائق، وهذا ما حدث بالفعل، وقلت لنفسى وقتها (سبحان الله، لقد أصبح القرآن هو أنيسه وكلمات الله هى رفيقه)، وأغلقت عليه الزنزانة وغادرنا جميعا المكان