فى اليوم الذى يعقد فيه اتحاد الصحفيين العرب اجتماعاته بالقاهرة، ويتحدث أمامه صلاح عبد المقصود، وزير إعلام محمد مرسى، عن الحريات ويقول: «لن يبقى أى نظام يقيد رأيا أو حرية أو إعلاما.. وهذا عصر الحرية وندعو إلى إقرار الحريات طوعا لا كرها، لأن الحرية آتية لا ريب فيها». وقال أيضا: «أطمئن الجميع أن الرئيس متفق مع حرية الرأى والتفكير والتعبير».
فى نفس اليوم (أمس) تقدم محمد مرسى ببلاغ ضد الزميل جمال فهمى وكيل نقابة الصحفيين.. ويطلب من النيابة التحقيق معه.
.. وبالطبع وزير الإعلام يعرف والكل يعرف -وأرجو أن يكون أعضاء اتحاد الصحفيين العرب يعرفون- أن على رأس النيابة الآن نائبًا عامًّا خاص للرئيس محمد مرسى.. وأتى بطريقة ملتوية وبالتعدى على مجلس القضاء الأعلى.. وحتى الآن لا يستجيب لمطالب أعضاء النيابة العامة.
.. وليس بلاغ الرئاسة ضد جمال فهمى هو الأول ضد الصحفيين والإعلاميين.. فقد سبق استدعاء الكثير من الإعلاميين والصحفيين للتحقيق معهم فى تهمة إهانة محمد مرسى ونشر أخبار كاذبة.
.. وهو أمر لم يكن يحدث من الرئيس السابق المخلوع حسنى مبارك إلا قليلا.
.. فلا يزال محمد مرسى -أو قل جماعته- لم يتعلم الديمقراطية بعد..
.. ولا يشعر حتى الآن أنه رئيس دولة..
.. والرئيس المنتخب -إذا كان منتخبا بنزاهة- يتعرض للنقد الذى ربما يصل أحيانا إلى التجريح فى قراراته وسياساته..
.. وأى رئيس منتخب فى أى بلد فى العالم لم يعِ ذلك.
.. ولكن يبدو أن محمد مرسى يعى أنه ليس الرئىس وأنه مندوب جماعته ومكتب إرشادها الذى يحتقرون الإعلام الذى ينتقدهم.
.. فهل هذه الحرية التى يتحدث عنها وزير الإعلام صلاح عبد المقصود أمام الصحفيين العرب، أم أن وزير الإعلام يريد أن يذكرنا بما جرى فى اتحاد الصحفيين العرب فى عام 2004 عندما كان متحالفا مع نقيب الصحفيين الحالى ممدوح الولى مع إبراهيم نافع فى الوقوف ضد التغيير الذى كانت تطالب به مجموعة الاستقلال داخل نقابة الصحفيين وقتها ضد الفساد والإفساد، وحالة اتحاد الصحفيين العرب التى تعبر عن الحكومات المستبدة.
.. وقفوا جميعا وقتها مع إبراهيم نافع الذى يتهمونه الآن بالفساد وإهدار أموال مؤسسة «الأهرام» على رجال الدولة وشخصيات عامة بتوزيع هدايا عليها.
.. ولم يتحدث أحد منهم سواء كان صلاح عبد المقصود أو ممدوح الولى (الذى تم تكريمه وقتها من قبل إبراهيم نافع) هل حصلوا على تلك الهدايا أم لا؟!
.. بالطبع كان إبراهيم نافع فاسدا.. ويخرب فى مؤسسة «الأهرام» ويرسل الرشاوى إلى المسؤولين وإلى صحفيين بعينهم، للحفاظ على وجوده فى المؤسسة.. لكن فى الوقت نفسه كان يجد مساعدة كبيرة من أمثال ممدوح الولى الطامح فى منصب رئيس اتحاد الصحفيين العرب، الذى لم يضبط فى أى موقف، داعيا إلى الديمقراطية أو الثورة ضد النظام الفاسد المستبد.. بل كان يطلق ويسخر ممن يدعون إلى محاربة الاستبداد ويصفهم ب«الحنجوريين».
.. وسبحان الله يتحول الآن إلى ممدوح الولى الثورى على طريقة إخوانه الذين سرقوا الثورة، واعتبروا أنفسهم الثوار والثوار الأصليين فلولا فى وجهة نظرهم، ما دام يقفون ضد سياسة الإخوان.. وسعيهم إلى السيطرة الكاملة على السلطة وبناء الدولة الفاشية لا دولة القانون والمجتمع الديمقراطى التى خرج الشعب فى الميادين من أجلها.. ومن أجل الحرية والكرامة.
.. فأى حرية يدعيها الآن وزير الإعلام صلاح عبد المقصود أمام اتحاد الصحفيين العرب وهم جميعا لا يملكون من الأمر شيئا.. فالسيد الوزير لا يفعل شيئا إلا بعد أوامر مكتب الإرشاد واتحاد الصحفيين العرب لا يملكون شيئا، فما زالوا كيانات حكومية.. وليس بيدهم شيئا.. ولم يكونوا أبدا على قدر مواقف شعوبهم.. ولكن كانوا دائما على مواقف حكامهم.. وما أدراك ما حكامهم.. حتى مرسى.. فانظروا ماذا يفعل.