سؤال مهم جدا.. ما مفهوم الدولة، بالنسبة إليك؟! هل الدولة هي قيادة سياسية؟! أهي حاكم يجلس على مقعد؟! أهي حزب يحكم؟! ما هي الدولة كما تراها؟! وما هو الوطن؟! هل الوطن هو فقط الحاكم؟! أم الحزب الحاكم؟! أهو نتيجة أتى بها صندوق اقتراع؟! أم هو أسلوب حكم، يحترم القانون والدستور والشرعية؟! وأين تكمن الشرعية؟! أفي النجاح في الانتخابات؟! أم في أسلوب الحكم؟! تصوّر معي رجلا تزوّج من فتاة بكر، على سنة الله ورسوله، وفي حفل كبير، سجلته كل كاميرات العالم، وكان شهود العقد بالملايين، والعروس وافقت بكامل إرادتها، وصار العقد شرعيا مائة في المائة.. ثم عندما أغلق باب واحد، على العريس وعروسه، أراد أن يعاشرها بخلاف ما أمر به الله سبحانه وتعالى.. فهل توافقه وتستسلم له، لأنها تزوّجته بعقد شرعي؟! أم ترفض المعاشرة غير الشرعية، وتطالب بالطلاق؟! ما رأي الدين في هذا؟! وما رأي الشريعة؟! هل تعاشره بما حرّم الله عز وجل، لمجرد أن العقد كان شرعيا، أم تصرّ على الطلاق، لأنه يصر على معاشرة غير شرعية؟! أجيبوني يا من ترون أنكم وحدكم أهل الدين.. أجيبوني.. أجيبوني بما يرضي الله عزّ وجلّ؟ وبما ستحاسبون عليه يوم الدين.. يوم سنبعث جميعا من تراب.. أجيبوني.. الذين يتحدّثون عن الشرعية وحماية الشرعية.. والذين يرهبون، ويضربون، ويروّعون، ويقتلون، وليست في قلوبهم ذرة من رحمة أو شفقة، ويصرخون بأنهم يرتكبون كل هذه الجرائم، التي لم يرتكب مثلها سوى كفار قريش، عندما أغضبهم ظهور دين جديد، يصرخون بأنهم يرتكبون كل هذا من أجل الشرعية.. ترى عن أي شرعية يتحدثوّن؟! شرعية العقد والانتخاب؟! أم شرعية المعاشرة والحكم؟! وهل من الدين أن نخضع لحاكم مستبد، أو لجماعة طاغية، فقط لأنها فازت في الصندوق؟! ألا يشبه هذا إجبار عذراء على معاشرة غير شرعية، فقط لأن عقد زواجها كان شرعيا؟! لو أن هذا ما ترونه، يا من قصرتم الدين على أنفسكم، واعتبرتم أنه حكر لكم وحدكم، وأن من يصلون حولكم، ويصومون رمضان، ويتسابقون لحجز العمرة والحج إلى بيت الله الحرام كفارا، فأنتم تعانون من قصور وخلل في الرؤية، يحتاج إلى أحد أمرين.. إما أن تستعينوا بعالم جليل، من علماء الدين الأفاضل، ليشرح لكم ما اختل مفهومكم عنه، من دين الرحمة والإنسانية.. وإما تستعينون بطبيب نفساني خبير، قد يدرك كيف حوّلت أمر الخالق عزّ وجلّ، بالدعوة إلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة، إلى كراهية التدمير والتفجير والتكفير والقتل وإراقة الدماء.. إما هذا وإما ذاك.. وفي كل الأحوال، فأنتم حتما ستفشلون.. وستذهب ريحكم.. ستفشلون، لأنكم الآن في مقارنة غير متوازنة.. مقارنة بين عقول وخطب قادتكم، الذين تحوّل الدين في قلوبهم، من دين نقاء وصفاء ورحمة، إلى دين غل وكراهية وعنف وانتقام.. ودين الرحمة والإنسانية، الذي أمرنا فيه خالقي وخالقكم، وخالق الكون كله، بأن يكون السبيل الوحيد إلى الدعوة لدينه عزّ وجلّ، هو الحكمة والموعظة الحسنة.. مقارنة بين أمر من الواحد الأحد، المعز المذل، العزيز القهار.. ورؤية شيوخ غضب ونقمة وكراهية.. ويا لها من مقارنة! إن ربحتم أنتم، بعنفكم وغلكم ووحشيتكم وكراهيتكم للمجتمع كله، فسيعني هذا أن تخسر كلمات الحق الصمد والعياذ بالله.. إن ربح العنف والإرهاب، خسرت الحكمة والموعظة الحسنة.. وهذا مستحيل! وألف ألف ألف مستحيل! فأمر الله سبحانه وتعالى نافذ، وإن كره الكافرون.. وهو عزّ وجلّ لم يطلب.. لقد أمر.. "ادع" هو فعل أمر.. وأمر الخالق الواحد الأحد لا يرد.. ولا يناقش.. وأبدا لا يخالف.. ومن المستحيل أن يخسر.. وأنتم خالفتموه.. ولهذا كان حتما أن تخسروا.. ولكن كل ما سبق لن يجعلكم تتراجعون.. أو حتى تفكرون.. بل ستصبحون كالذي إذا قيل له اتق الله، أخذته العزة بالأثم.. ستعاندون.. وتكابرون.. وترفضون.. وتستمرون في العنف والوحشية والقتل والإرهاب.. وستواصلون الكذب بأن هذا باسم الدين.. وسيل البذاءات، الذي سينهال تعليقا على هذه الكلمات، سيثبت أنكم، وأنتم تقتصرون الدين والإيمان على أنفسكم، أبعد ما تكونون عن الدين وتعاليمه وسماحته.. وسيكون الدليل الأقوى، على أنكم تدركون أنني على حق.. فعندما يعجز شخص ما عن مناقشتك، أو مقارعتك الحجة بالحجة، ويأبى الاعتراف باحتمال أن تكون على حق، لا يملك سوى أن يسبك. والابتذال هنا يكون أكبر دليل ضعف لهم.. وأكبر دليل قوة لي.. والدليل الأعظم، على أنهم أجهل ما يكون عن الدين، الذي يدّعون أنهم يدافعون عنه ويناصرونه.. فالذي يناصر دينه لا يدعو لاحتلال وطنه، حتى يحكمه هو.. ومن يؤمن بدينه لا يستعدي العالم على أرض ولد وعاش ويحيا عليها، وفي ظل علمها.. والذي شرب من ماء النيل، لا يسعى لإشعال البلد، إن لم يحكمه هو.. بل هو خائن.. خائن بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ.. وسنقف جميعا في وجهه.. الجيش.. والشرطة.. والشعب.. كلنا سنقف يدا واحدة.. وسنبني مصر، التي يسعون لخرابها.. وسنحمي الوطن، الذي يجاهدون لاحتلاله.. وسنضع المستقبل، الذي يقاتلون لهدمه.. وسنبقى معا يدا واحدة إن شاء الله.. وإلى الأبد.