سؤال هام.. هل لديك في دينك آية واحدة تدعوك إلى العنف والشراسة مع مَن يؤمن بغير دينك؟! هل هناك عبارة واحدة صريحة تناديك أو تأمرك بأن تفعل ذلك؟! هل هناك واقعة إسلامية تاريخية واحدة حدث فيها هذا؟! هل فعلها رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم؟! هل فعلها أبو بكر رضي الله عنه؟! أو عمر رضي الله عنه؟! أو عثمان رضي الله عنه؟! أو عليّ رضي الله عنه؟! سيُدهشك أن الجواب سيأتيك عن كل الأسئلة السابقة بالنفي.. وسيدهشني أنا أن ينتفض البعض ويبدءون في إعادة تفسير كل آية، وكل حديث وكل موقف؛ فقط ليُثبِتوا العكس.. ليثبتوا أن ديننا الحنيف دين العنف.. والشراسة.. والغضب.. والانتقام.. وسيفعلون هذا دون أن يُدركوا أنهم بهذا يرتكبون خطأ رهيباً، يسيئون به إلى الدين، وهم يتصوّرون أنهم غيورون عليه.. فلو أثبتوا أنه دين العنف، فلماذا لم يتبع الرسول صلوات الله وسلامه عليه هذا المبدأ؟! ولو أنه دين الشراسة، فلماذا كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- سمحاً، ولماذا صار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أحنّ وأعدل أهل الأرض؟! ولو أنه دين الانتقام، فلماذا عفا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكفار؟! لماذا؟! ولماذا؟! ولماذا؟! لو أنهم طرحوا هذه الأسئلة على أنفسهم فسيدركون كم أخطئوا.. وستدركون أنتم كم أخطأتم.. أخطأتم عندما لم تتبعوا ما أمر به الله سبحانه وتعالى، مِن الحكمة والموعظة الحسنة، واتبعتم مَن قادهم غضب أعمى، أو غل أصم، عن طريق الهداية.. أخطأتم عندما أوقفتم عقولكم.. وعندما ألغيتم تفكيركم.. وعندما أطعتم بشراً مثلكم.. وبلا مناقشة.. أخطأتم عندما افترضتم الكمال لغير الخالق عزّ وجلّ.. عندما رأيتم أن هناك بشراً لا يُخطِئون.. ولا يتجاوزون.. ولا يتطرّفون.. أخطأتم عندما جعلتم العصمة ليست لله جلّ جلاله وحده.. وأخطأتم أيضاً، عندما تصوّرتم أنكم تستطيعون إيذاء مخلوقات الله سبحانه وتعالى؛ فقط لأنها تختلف معكم.. أو لأنها لا تؤمن بما تؤمنون.. نسيتم أن الله سبحانه وتعالى خلق الوحوش المفترسة، ويرزقها ويرعاها، على الرغم مِن خشيتكم منها.. رفضتم أن يكون قد خلقكم وخلق مَن تختلفون معه.. رفضتم الحكمة.. ونبذتم الموعظة الحسنة.. كنتم أفظاظاً غلاظ القلوب، متصوّرين أن غيرتكم على الدين تبيح لكم كل شيء، وأي شيء.. ولكن هل هذا صحيح؟! هل يكفي أن تكون لديّ نية حسنة، حتى أسير في الأرض، فأؤذي كل مَن لا يتبعني؟! لماذا لم يفعل المسلمون الأوائل هذا إذن؟! لماذا لم يقهروا أصحاب الديانات الأخرى؟! لماذا لم يُعذّبوهم؟! لماذا لم يضطهدوهم؟! لماذا لم يحظروا عليهم ممارسة شعائرهم؟! هل لأنهم كانوا أقل إيماناً منكم؟! أم إنكم أكثر إيماناً منهم؟! ألم يكونوا يفهمون حقيقة دينهم؟! أم إنكم فهمتم حقيقة دينهم؟! أم إنكم فهمتم ما لم يفهموه؟! أجيبوني لماذا؟! إنهم لم يفعلوا هذا؛ لأن إيذاء النفس البشرية هو ذنب، لو جاء دون ذنب جنته.. والإيمان بما لا تؤمن به أنت ليس ذنباً.. أنت نفسك، لو وُلدت في أسرة بوذية، لكنت الآن بوذياً مخلصاً.. ولو وُلدت في أسرة تعبد الأشجار، لكنت من أخلص عبدتها.. الفارق الوحيد أنك وُلدت مسلماً.. ولا فضل لك في مولدك.. وإيمانك بدينك -لو أنه حقيقي- يحتم عليك طاعة هذا الدين، وتنفيذ أوامره، وربك ورب الدين ورب الكون كله عزّ وجلّ أمرك بالحكمة والموعظة الحسنة.. فهل تطيع؟! أم ترفض؟! هنا يكمن إيمانك الحقيقي.. أن تجاهد نفسك.. أن تصمّ أذنيك عن كل مَن يدعوك لما يخالف أمراً مباشراً لربك عزّ وجلّ، ويدفعك إليه.. أن تفكّر.. وتقرأ.. وتكون تلك آيات لمن يتفكّرون.. ولأولي الألباب.. ولقوم يعقلون.. ثم سل نفسك: لو أن نواياك كانت تكفي لإيذاء شخص ما، فهل ستضيع أنت حق هذا الشخص في الدنيا، ويضيع خالقه جل جلاله حقه في الآخرة؟! ما الفارق إذن بينك وبين بهيمة تسير على غير هدى، وتؤذي كل ما تمر به، ومن تمر به؟! ما الفارق؟! المفترض أن الفارق بينك وبينها، هو العقل.. والتفكير.. والحكمة.. ثم إنه لا أحد سيؤمن فقط لأنك تطارده، وتقتله، وتهدده، وتمنعه من ممارسة شعائره، وإلا لآمن الناس ب"البلطجيّة، والقراصنة، والسفّاحين، والجبابرة..". لا أحد سيؤمن إلا لو رأى في دينك ما يدعوه إلى هذا.. لو رأى الحكمة.. والهدوء.. والرحمة.. والعفو.. والسماحة.. تُرى هل دفعك الحديث السابق كله للتفكير؟! لو لم يفعل بعد.. فلنا بقية،،،، واقرأ أيضاً الدين الجديد: التفكير نتيجته التكفير (1) جميعنا نخشى يوم الحساب.. كل بطريقته (2)