أنا بنت في سن المراهقة مشكلاتي أعتقد أنها بسيطة ولها حلول بس أنا مش عارفاها يا ريت ألاقي الحلول عندكم. أول حاجة أنا بحس نفسي غريبة أوي هتقولوا لي إزاي؟ يعني لما حد يتكلم معايا في موضوع أنا ما باعرفش أرد على كلامه إلا في مكالمة بعدها، بعد ما أكون فكرت كتير أوي، وسألت أختي وخدت رأيها في الموضوع وجمعت الكلام اللي هاقوله؛ مع العلم إني ما كنتش كده من فترة؛ بس ما عرفتش إيه اللي خلاني بقيت كده؟ وتاني حاجة إن أنا غالبا لما حد يكلمني في موضوع جد وما يكونش مثلا عاجبني، أو إني حاطة في بالي إنه تافه بعد كده أضحك ضحك كتير لا إراديا لحد ما بيزعلوا مني وبعد كده برضه أقعد أفكر لوحدي، وأعرف إني غلطت وأروح أعتذر لهم على ضحكي. ونفسي أبطّل ده. وساعات لما أفكر وأقول إني عايزة أبطل المعاصي اللي باعملها وآخد قرارات بكده وأنفذها بس بعدها بلاقي نفسي بتضعف، وبارجع لما كنت عليه من المعاصي، وده مضايقني جداا. وما أبديش اهتمام أو حب لحد حتى اللي بحبه إلا لما يطلب وحتى لما أبديه باكون مش مرتاحة وأكنه غصب عني لازم هو اللي يديني كل الاهتمام والحب، وأنا ما أديش حاجة خالص مش عارفة ليه كده؟؟؟ وأنا للأسف على طول باظن ظن سيئ في أقرب حد ليّ وبافتكره عمل حاجة مش عملها، وأقول عمل كده علشان مش بيحبني وأزعل منه وبعد كده لما أسأله ألاقي إني غلطانة وإنه مش صح اللي أنا افتكرته وعلى طول كده. وبافضل أشك، وده مخليني مش مرتاحة وما بحبش أقابل الناس ولا بحب أجتمع بيهم ودايما بافضّل إني أقعد لوحدي وأفكر وما بحبش أتكلم غير بسيط، ولا أفتح مواضيع ولا أعبر عن اللي جوايا. معلش طوّلت عليكم... أتمنى إنكم تردوا عليّ بسرعة وشكرا. f. الصديقة العزيزة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أولاً شكراً لك أنك ذكرت بداية أنك في مرحلة المراهقة؛ لأن هذا سيوفر علينا الكثير، ولأن هذا يشير إلى أنك إلى حد ما مدركة حقيقة ما أنت عليه، والأسباب الكامنة من ورائه. يا عزيزتي إن مرحلة المراهقة مرحلة انتقالية بين الطفولة والنضج يحدث بها العديد من التغيرات الفسيولوجية نتيجة للهرمونات التي تفرز في هذه المرحلة، وهي تؤثر في الحالة النفسية والمشاعر، كما أن هذه المرحلة لها خصائصها النفسية التي يدركها المراهق، ويدرك أنه يتغير، وأنه لم يعد كسابق عهده في الطفولة. ويظل الصراع في هذه المرحلة بين رغبة المراهق في الوصول إلى النضج، ورغبته في العودة للطفولة حيث عالم الاعتماد على الآخرين واللعب والعبث واللامسئولية، ومع الوقت ومع العقل الواعي مثل عقلك الذي يفكر ويبحث عن الأسباب ويدرك أن شيئاً ما يحدث؛ ستتهاوى هذه المشاعر ونصل إلى نضج المشاعر، وتتضاءل كل هذه الأفكار والسلوكيات السلبية... لكن الآن كيف نفكر؟ وماذا نفعل؟ تعالي معي واحدة واحدة: 1-التفكير قبل الرد على أي موضوع: لا شك أن هذا أمر جيد؛ فنحن نعيب على البعض في اندفاعهم في الرد؛ فالتفكير قبل الكلام أمر لابد منه؛ لكن المشكلة أن يزيد الأمر عن الحد الطبيعي؛ بحيث يكون معوقاً مثل ما ذكرت؛ فهو هنا يشير إلى التردد وعدم الثقة بالنفس أو الخوف من النقد؛ فربما عانيت من كثرة الانتقاد مثلاً من الأهل، وتأصل الأمر في عقلك حتى أنك اعتقدت أنك لا تستطيعين أن تتكلمي بشكل يعجب الآخرين؛ أي أنه نوع من البرمجة التي يقوم بها الأهل في التربية، وإذا كان الأمر يحدث في الطفولة وتتحدثين ولا يعجبك رد فعل الآخرين تجاه كلامك؛ فإن الأمر الآن قد تغير في مرحلة المراهقة؛ فأنت الآن ترغبين في الحفاظ على شعور الآخرين، وهذه بداية النضج في العلاقة بالآخر. 2- حينما يتحدث معك أحد في موضوع لا يعجبك تضحكين لا إرادياً؛ هذا الأمر ربما كان يحدث أيضاً في السابق لكن الآن أنت ترغبين في الاهتمام بالآخر، وكيف ننصت له حتى لو لم يكن الأمر يهمنا، وهذه أيضاً من علامات نضج العلاقة بالآخر. 3- الشك في الآخرين والرجوع عن ذلك حينما تتحدثين إليهم في الأمر: الشك في الآخرين قد ينتج أحياناً عن تأثير التنشئة الاجتماعية؛ فالأسرة أحياناً تربي الأبناء على ذلك بكثرة التحذير من الآخرين أو سوء تأويل تصرفات الآخرين أمام الأطفال، أو تنتج عدم الثقة في الآخر نتيجة لاضطراب العلاقة بأحد الوالدين لكونه محبطاً، وليست لديه القدرة على إشباع الطفل عاطفياً؛ فالحرمان العاطفي في الأسرة ينتج نوعاً من عدم الثقة في الآخرين؛ وكأن الإنسان يهيئ نفسه دائماً لما سيجده من الآخرين من الألم والأذى في النفس والمشاعر (يعنى لم تتعودي على افتراض حسن النية؛ بل على العكس تقدمين سوء النية لأن خبراتك السابقة تقول: الآخر في الغالب هيكون وحش). 4- والآن ليس غريباً أن نتيجة النقاط السابقة أنك لا تحبين الجلوس مع الآخرين ولا الكلام مع أحد ولا تتكلمين إلا قليلاً؛ لأنك تحتاجين إلى تعلم بعض المهارات للتواصل مع الآخر وسأوافيك ببعض منها: لكي نستطيع أن نتكلم ونرد في أي موضوع دون تردد نحتاج للثقة بالنفس، ونحتاج للخبرة، وكيف نحصل على الخبرة؟ نحصل عليها من خلال العلاقة بالآخرين؛ فإذا قررت الانزواء وتجنب العلاقات الاجتماعية؛ فأنت بذلك ستحرمين نفسك من الخبرة التي ستساعدك على تطوير ذاتك بل عليك قبول بعض النقد أحياناً؛ فهذا أمر طبيعي حتى نرى أخطاءنا؛ طالما أن من ينتقدنا لا يهدف للإساءة إلينا. وفي علاقاتك بالآخرين ضعي هدفاً لك؛ ألا وهو كيف تجعلين شخصيتك جذابة للآخرين؟ وأول عنصر لجذب الآخر هو الإنصات والاهتمام بحوار الآخر؛ مهما كان؛ أي: حتى ولو كنت تشعرين بتفاهة الموضوع فالآخر لا يراه تافهاً. فكيف تفعلين هذا؟ عوّدي نفسك على التواصل البصري مع الآخرين أثناء الحوار حتى يظهر اهتمامك بالموضوع؛ إن بعض الإيماءات أثناء الحوار التي تشير إلى أنك مصغية للحوار تجعل الآخر يواصل حديثه معك حتى ولو لم تردّي إلا بكلمات قليلة... عوّدي نفسك على مراجعة المناقشات مع نفسك عند عودتك للمنزل، وعليك بتدوين ما حدث على الورق، وما فعلت، وكيف كانت ردودك، وكيف أصغيت، وأنك استطعت أن تعرفي بالتفصيل ماذا يريد من يتحدث إليك؟ وممَّ يشكو؟ مثلاً أو ما هي اهتماماته، وأنك استطعت منع نفسك من الضحك مهما كانت تفاهة الحديث... ولا تجعلي من هذا التدوين أداة لجلد نفسك؛ بل أداة للتطوير؛ بحيث تتجنبين في المرة القادمة ما يضايق الآخرين وتحرصين على قول ما يسعدهم ويشجعهم أكثر على التواصل معك. عزيزتي الإنصات والإصغاء في العلاقة بالآخرين لابد أن تسبق الكلام، ومع الوقت ستعرفين ماذا يريد الآخرون فلا تجدين صعوبة في الرد... لكن من المهم أيضاً أن تتخلصي من الخبرات السلبية السابقة التي تجعل الشك في الآخر يعوق مواصلتك للحوار معه. لابد أن تتريثي قبل المبادرة إلى الشك، وعليك أيضاً بتدوين الأمر إذا حدث؛ فمثلاً فلان فعل كذا.... (أنا زعلت لأن اللي عمله معناه...؛ بس احتمال يكون قصده حاجة تانية، والاحتمالات التانية هي 1- 2- 3- إلى 10) بمعنى إنك تتخلي عن التفكير المطلق إن فلان عمل كذا يبقى قصده كذا... هذا التفكير سلبي وهو أحد أسباب العزلة الاجتماعية والاكتئاب. أما ما ذكرته عن الجانب الديني وهو عدم قدرتك على ترك المعاصي... فهذا الأمر يحدث بشكل طبيعي في المراهقة؛ ألا وهو القلق والتذبذب الديني؛ فالمراهق يعاني من الصراع بين المبالغة في المثالية وبين الواقع؛ فهو مازال يرى العالم برؤيته الطفولية، وكما علمه أبواه، وكما سمع في دروس الدين؛ لكن يرى في الواقع ما يناقض ذلك فيرتبك... والصراع بين الغريزة الجنسية والضمير؛ فمجرد وجود الرغبة يزعج المراهق أحياناً ويشعره بالذنب والصراع بين المفاهيم الدينية وطقوس العبادة التي علمها له والداه، وبين رغبته في التمرد على كل ما تعلمه في السابق. ولاشك أن كل هذه الأمور يعززها النمو الجسدي الذي يسبق نمو العقل والعاطفة والحل لهذه الصراعات هو تطور العقل والعاطفة؛ بحيث نرى الواقع فنتكيف معه ونرضى بأن هناك ما لا يتناسب مع مبادئنا ومع ما تعلمنا فلا نفعله؛ لكن لا يعني هذا أن ننزوي وننطوي على أنفسنا؛ لأن العالم مختلف عما تعلمنا. والحل أيضاً في أن نتصالح مع الرغبة والغريزة؛ فلا ننكر وجودها لكن نتعلم أن إشباعها مؤجل، ولابد أن تستثمر هذه الطاقة الغريزية فيما يشغلنا عنها من هوايات جميلة ورياضة ممتعة، وأن نتجنب كل ما يشعلها من صور أو أفلام أو مواقع إباحية أو الحديث عنها مع الأصدقاء؛ إما عن الرغبة في التمرد على كل ما تعلمناه من الوالدين بما في ذلك الدين نعالجه بكثرة القراءة في الدين؛ بحيث نبدأ نحن في تكوين شخصيتنا وهويتنا الدينية. فلا يعد الأمر مرتبطاً بالسلطة الوالدية. عزيزتي.. فقط أطمئنك أن كل هذه الأمور تحتاج لبعض الوقت وتمر بسلام بإذن الله طالما أننا نفكر ونسعى لتغيير وتطوير أنفسنا.. وفقك الله،،،،