توقّع كاتب إسرائيلي بأن يحدث صراع عسكري قريب في الشرق الأوسط بين إثيوبيا ومصر، رغم محاولات حل نزاع أزمة بناء إثيوبيا ل"سد النهضة" دبلوماسيا في كل وقت، إلا أن غيوم الحرب تتلبد في السماء. وقال زلمان شوفيل -الكاتب بجريدة "إسرائيل اليوم" العبرية- إن الأزمة بين البلدين تتلخص في "الماء"، فنهر النيل هو شريان الحياة في مصر، وهو مهدد بمنع إثيوبيا من إعطاء حصصه من المياه باعتبارها أحد دول منابع النيل في شرق أفريقيا، كما أن النهر النيل العظيم يتعرض للانحسار في بلد تلو الأخرى من بلاد حوض النيل، بما فيها ذلك إثيوبيا، فضلاً عن أن أثيوبيا بها مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي تحتاج إلى الري، وأنها -كما هو الحال في مصر- يبلغ عدد سكانها حوالي 90 مليون نسمة، ويعتمدون على الطاقة الأجنبية، ويمكنها أن تكون قوة اقتصادية وسياسية كبيرة في المنطقة بمشاريع تنموية على حوض النيل. وأضاف شوفيل أن بناء أثيوبيا لسد على مجرى النيل الأزرق بتكلفة ضخمة تبلغ ما يقرب من 5 مليارات دولار لتخزين كميات أكثر من المياه، يمكن أن تفرض في وقت قصير مجاعة في مصر لم يسبق لها مثيل، فضلاً عن جلب مشاكل الأخرى، مثل انقطاع التيار الكهربائي المتكرر وأكثر من ذلك، وكل ذلك على الرغم من أن إثيوبيا وعدت بضمان تلبية احتياجات مصر من المياه، مما قد يخلق وضعا مستحيلا في القاهرة لتلبية احتياجات 90 مليون من سكان مصر. وقال شوفيل إن الحقوق المتشابكة والمتضاربة للدول التي تقع على نهر واحد يعبر أراضيها، هي قضية رئيسية في القانون الدولي، وقد وجهت إسرائيل ذلك في الماضي عندما استولت على مرتفعات الجولان، وواجهت المحاولات السورية لتحويل مياه نهر الأردن، حتى لا يصل إلى إسرائيل. وأشار شوفيل إلى أن الخلافات بين دول النيل ليست جديدة، ففي عام 1929 تم التوقيع على اتفاق بناء على مبادرة من البريطانيين، الذين حكموا معظم هذه المناطق، وبسبب المصالح الخاصة في بريطانيا في مصر، خصصت نحو 60% من حصص النهر لمصر، وقد قررت دول حوض النيل تغيير هذه الاتفاقية، ووقعت بعض هذه الدول اتفاقية جديدة في مدينة عنتيبي الأوغندية، والتي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض ملحوظ في كمية من الماء لمصر. لقد تم التوقيع على الاتفاق –يتابع شوفيل- لكنه تأجل التصديق عليه، على ما يبدو لمتابعة التطورات السياسية في مصر، وقررت بعض الدول عدم الانتظار أكثر من ذلك، حيث صدق البرلمان الإثيوبي على الاتفاقية وأصبحت جزءا من قانون الدولة، وجاء رد الفعل المصري -كما هو متوقع- غاضبا؛ حيث صرح الرئيس مرسي أنه على الرغم من أنه لا يريد الحرب، إلا أن "جميع الخيارات مفتوحة"، وأشار جنرال متقاعد بالقوات المسلحة المصرية ويدعى طلعت مُسلّم أنه "أن الحل العسكري ليس أمراً مستبعدا في ظل هذه الظروف بعد تهديد مصر من حرمانها في الحصول على حصتها من مياه النيل ، مضيفاً، إنه إذا لم يتم التوصل لحل دبلوماسي، فإننا نموت في الحرب ولا نموت من العطش". وجدير بالذكر –يقول الكاتب- أن أوبرا "عايدة" التي كتبها –فيردي- أشارت إلى اندلاع حرب بين مصر وإثيوبيا، وان مصر ستخرج منها منتصرة، لكن على أرض الواقع، فإن قوة مصر العسكرية أكثر وضوحا، ولكن الإثيوبيين معروفون بأنهم محاربون يتسمون بالحزم والشجاعة، والجدير بالذكر أيضًا أنهم خاضوا حربين ضد إيطاليا، فازوا بالأولى، وواجهوا صعوبة كبيرة في الثانية بعد استخدام الإيطاليين الغاز السام، ومع ذلك، فإن إثيوبيا ليست حريصة للذهاب إلى الحرب، ولكن هناك من يرى أن مصر ستقبل بخيار إعادة توزيع مياه النيل، لكن ذلك يمكن أن يحدث ويمكن لا. ويضيف شوفيل أن هناك حقيقة أخرى، وهي إذا كان المشروع الإثيوبية سيتعين النظر إليه في إطار التفاعلات الدولية فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية، لا تريد المزيد من المشاكل في الشرق الأوسط، ومصر (شكليا) وإثيوبيا (في الواقع) هي حلفائها، من ثم ستبذل أمريكا قصارى جهدها لإقناع جميع الأطراف للتوصل إلى اتفاق سلمي، لكن جدير بالذكر أن الوزن السياسي لواشنطن ضعف منذ قيام الثورة في مصر و "الربيع العربي" لذلك ليس هناك تأكيد ما إذا كانت الجهود الأمريكية ستحقق النجاح، من عدمه. واختتم شوفيل مقاله بالقول إن إسرائيل أيضا لها دور في هذه المعضلة، فاتفاقات وعلاقات إسرائيل مع مصر هي حجر زاوية للعلاقات الخارجية الإسرائيلية وأمنها، ولكن أيضا إسرائيل تعزز علاقاتها بشكل متزايد مع إثيوبيا، وهي عامل هام في اعتباراتها الخارجية، لكن حتى الآن، امتنعت إسرائيل من التورط بأي شكل من الأشكال في عاصفة المشاكل المتداولة مع جيرانها، ومن المؤمل أن تستمر إسرائيل في عدم تورطها في تلك المشاكل. *** ترجم المقال بتصرف عن جريدة إسرائيل اليوم لمقال حمل عنوان "مصر وإثيوبيا على شفا صراع" نشر بتاريخ 23/ 6/ 2013.