عشت حياتي برمتها مفتقدة لحنان الأب الذي انصاع وراء شهواته وأنانيته المفرطة وعدم تحمله للمسئولية.. حتى تزوجت بكامل إرادتي بعد قصة حب.. وكانت النهاية هي الفشل، ولكني أقدّر لنفسي صبري ومثابرتي. والمميز في اختياري لطلاقي هو أنه نسخة مصغّرة من والدي بأنانيته ونزواته! وما أن خرجت من زيجتي الفاشلة بعد سنوات عذاب طويلة فقط لبضعة أشهر حتى فوجئت بذلك الرجل يطلب مني الزواج.. هو يكبرني بأربعة وعشرين عاما، ولكني عشقته بكل ما عرفت من أشكال وأساليب العشق، بل إني على قناعة أنني لم أحب في حياتي بأسرها مثله.. ولا أريد حتى اليوم مثلما أريده.. لقد كان لي الأب والصديق والحبيب ونبع الحنان العذب الفيّاض والعون على ضغوط الحياة.. واستمرت العلاقة فترة ليست طويلة، فقط بضعة أشهر وأثبت حسن نواياه بتقدمه لخطبتي، وكنت في أسعد لحظات عمري، شعرت حينها أنني فتاة صغيرة تعيش الحب بكل تفاصيله الدقيقة. إلى أن جاء اليوم الذي اتهمني بشيء لم أفعله تماما وبذلت قصارى جهدي لأبرئ نفسي من هذا الفعل المشين الذي لم يخطر لي ببال في أي يوم من أيام حياتي، ولكنه أبى أن يصدقني تماما، وحاولت أن أثبت له وهو يرفض السماع، كان بمثابة القاضي والجلاد يرفض السماع ويرفض الفهم.. فقط اتهامات، إلى أن جاء اليوم الذي قرر أن يكف عن الاتصال بي والتحدث إليّ والرد على مكالماتي. وكان رد فعلي وأنا مطعونة من ظلمه أنني انهلت عليه بسيل من الكلام اللاذع الذي لم أتصور يوما أن يخرج من فمي لرجل بروعته وبكل ذلك الاحترام الذي اعتدت أن أعامله به.. ودارت الأيام وأثبتت له الحياة أني بريئة من ذلك الجرم الذي نسبه إليّ، وحينها حاولت أن أراه في العمل.. ورأيت في عينيه نفس كم الحب ولكنه رسم البرود، وواجهته بأنني بريئة وأن الإثبات القوي على براءتي قد ظهر بكل وضوح، وكان رده "أتعتقدي أنني من الممكن أن أعود إليك بعد كل هذا الكم من الإهانات؟!"، مما هو جدير بالذكر أنه لم يهينني تماما ولم يحاول تماما أن يتلفظ بأي حرف جارح! والآن أنا أرسل إليه رسائل منذ بضعة شهور وهو لا يرد على أي منها، ولا يرد على اتصالاتي، وطبعا التواصل بيننا منقطع تماما، ولكني أعلم أنه يسأل عني بطرق غير واضحة، ويقرأ رسائلي جميعها وحالته النفسية تنتعش حينما أرسل إليه رسائل حالمة.. لن أمل أبدا من الاعتذار له والتودد إليه لأنه الإنسان الوحيد الذي أشعرني بآدميتي بين أبي وطليقي، ولأنه الإنسان الوحيد الذي يشعرني أنني أستحق الحياة.. أحبه وأريده ولا أعلم كيف أعيده إليّ! wesam
صديقتي العزيزة.. رأيي في مشكلتك، هي أنها أزمة لا علاج لها سوى الوقت، أولا: أنت لم تعط لنفسك أي فرصة بعد تجربة زواجك الفاشل للالتئام، ولذلك عند أول أزمة في علاقتك الجديدة انفتح جرحك وبدأت في توجيه الضربات الانتقامية للشخص الجديد، الذي قد لا يكون له أي ذنب سوى أنه قابلك في مرحلة شديدة الحساسية، وربما ودون أن تشعري تكوني في لحظة دفاعك عن نفسك قد فرّغتي فيه شحنة غضبك من علاقتك السابقة، واتهمته وأسقطتِ عليه كثيرا مما رأيته من زوجك السابق. والحمد لله الذي أظهر براءتك وأوضح موقفك من ذلك الاتهام، وهذه نقطة في صالحك، ويبدو رجوعك واعتذارك وندمك نقطة أخرى لصالحك، ولكن عدم قبوله لاعتذارك، كما أن عدم إهانته لك واحترامه لك كلها دلائل على نبله وحسن أخلاقه، واحترامه لك ولنفسك، ولعلمك هذا النوع من البشر لن يسامحك بسهولة، وهذا اختبار آخر لعلاقتك به، هل ستحتملين أن تعتذري وتندمي كثيرا حتى يسامحك هو ويغفر لك إساءاتك؟ صدقيني ليس مستحيلا ولكنه سيأخذ وقتا. الآن.. أنت في حاجة لأن تستعيدي توازنك وتبقي بعيدة في هدوء.. دون رسائل أو نقاط تماس، توقفي عن الاعتذار والرسائل والاتصال، حتى يظن هو أنه فقدك وأنك مللت الاعتذار في ظل عدم رده وغفرانه، فهو بحاجة إلى أن يشعر أيضا أنه قد يفقدك، وأنتي بحاجة إلى وقت لتلتئم جراحك وأن تكوني متوازنة تماما، وأن تحتفظي بماء وجهك وكرامتك ولا تهدريها تماما لكي يقبل اعتذارك، خذي فترة من الراحة راقبي فيها حاله وحالك، وافهمي لماذا كان الخلاف، وحللي أسبابه، ولماذا لم يقبل اعتذارك وما الذي يخشاه إن قبله؟ وإذا رأيت عند ابتعادك أنه يبحث عنك أو يحاول التقرب مرة أخرى وقتها فقط، أعطيا لنفسيكما فرصة أخيرة، ليغفر كل منكما للآخر وتبدآن من جديد.