يا جماعة أنا عندي مشكلة مبوّظة حياتي مع أصحابي، وفي نفس الوقت مش عارف هي عيب ولا ميزة.. المشكلة إن أي موضوع وأي حاجة تتقال لي باحكي لأصحابي، وأي حد يقول لي الموضوع ده سر باحكي لأصحابي، ومابقدرش أمنع نفسي من كده، لدرجة إن فيه ناس كتيرة بقت تخاف تقول لي حاجة، وبرضه بعض الناس بيقولوا لي دي صراحة وميزه مع صحابك. حتى لما آجي أفكّر في أي حاجة باحكيها لأصحابي، فمش عارف أعمل إيه، وإزاي أمنع نفسي من كده؟ ودي ميزة ولا عيب؟ أرجو الرد.
tito
عدم القدرة على كتمان السر والرغبة في نقل الأخبار عن الأشخاص والمواقف الخاصة بهم تعني أنه ليس لدينا أفكار أخرى أو أشياء موضوعية يمكن أن نتحدث فيها مع الغير، ولما كان المرء يحب أن ينجذب الناس إليه ويشعر باهتمامهم به بأي وسيلة فاخترت أنت تلك الطريقة لتحقيق ذلك الهدف، فتكون مركز اهتمام من حولك لأن الناس يهتمون بالأخبار وما يدور بين الناس، ولذلك انتشرت مجلات النميمة والأخبار الخاصة بالمشاهير. وهذه بالطبع ليست ميزة بل عيب وذنب سوف تحاسب عليه يوم القيامة، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث، إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، وإذا ائتُمن خان"، ومن يودع عندك سره فقد ائتمنك عليه، وبإفشاء هذا السر تعد خائنا للأمانة, وكذلك أوصانا صلى الله عليه وسلم بعدم إفشاء حتى أسرارنا، فقال صلى الله عليه وسلم: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان"، وكذلك أوصانا بستر بعضنا لبعض: "من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة". أي أن علينا بصفة عامة ألا نفشي أسرارنا أو أسرار الناس أو ننقل أخبارهم بيننا، لأن هذا قد يؤدي إلى الوقيعة بينهم، وقد أوصانا الرسول الكريم بكف لساننا عن الناس، لأن هذا اللسان هو الذي يكب الناس على وجوههم في النار يوم القيامة، أعاذك الله منها. ولكي تتخلص من تلك العادة الكريهة عليك أن تستغفر الله كثيرا، وتبحث عن هواية مفيدة تمارسها وتتعلم قواعدها وتقرأ عنها وتنشغل بها وتندمج فيها، أو تنشغل بالقراءة والاطّلاع في موضوعات مفيدة تثرى أفكارك وتنمّي معلوماتك ومعارفك وتزوّد مهاراتك التي تستطيع بها أن تثبت وجودك بين الناس بشكل إيجابي، وبناء هذا من جهة.. ومن جهة أخرى تجد شيئا موضوعيا ومفيدا تتحدث فيه مع الناس فينجذبون ويستمعون إليك لأنهم في هذه الحالة سيستفيدون من خبراتك ومعارفك، وليس استجابة لنداء الشيطان في الغيبة والنميمة، وهناك موضوعات دينية أو علمية أو رياضية أو نفسية أو سياسية.. إلخ. أي ابتعد عن الموضوعات الخاصة التي تخصّك أو تخص معارفك، لأن هذه المعلومات التي تحكيها عن نفسك قد تُستخدم ضدك في يوم من الأيام، أو تعرّضك للكراهية والازدراء من معارفك وأقرانك. أما عن مسألة أن الصراحة ميزة مع أصحابك، فهذا مردود عليه بأننا غير مطالبين بعمل تقارير عن حياتنا وحياة الغير الخاصة وعرضها على من لا يهمه الأمر, فالمرفوض هو الكذب ولكن المطلوب هو المداراة وكتمان السر. إلا إذا كان هناك خطر سيقع على إنسان ما فهنا يجب أن ننبهه له، وقد نضطر أن نتطرق إلى الحياة الخاصة لفرد ما لدفع الضرر عن هذا الشخص، كأن يكون هناك شخص يتعاطى المخدرات وأنت متأكد من تعاطيه ووجدت صديقا لك يتقرب منه ويصاحبه، هنا عليك أن تنبّه هذا الصديق لعدم التقرب منه أو مصاحبة هذا المدمن لأن فيه ضررا لهذا الصديق، وليس معنى هذا أيضا أن تخبر القاصي والداني أن هذا الشخص يتعاطى المخدرات، لأن هذا يعني فضحه بين الناس وغلق باب التوبة في وجهه. حاول أن تقوم بأي نشاط اجتماعي أو خدمي في البيئة المحيطة بك، وذلك من خلال الجمعيات الخيرية التي تحتاج إلى مجهود وعزيمة وطاقة الشباب أمثالك، كتوزيع الطعام والملابس على الفقراء، أو المشاركة في مشروعات تنظيف وتجميل الشارع أو المنطقة التي تسكن فيها والتخطيط لذلك.. فهذا يولّد لديك العديد من الأفكار والمعلومات المفيدة التي تشغل تفكيرك، ويمكنك أن تتحدث فيها مع كل الناس دون حرج، وقد لا تحتاج إلى التحدث أصلا لأنك أثبتّ وجودك بالعمل لا بالقول، فتفوز باحترام الناس وحبهم ومرضاة الله، فتفوز في الدنيا والآخرة.