ولا تزال وسائل الإعلام الإسرائيلي تحاول استيعاب صدمة زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى القاهرة، كأول زيارة لرئيس إيراني لمصر منذ 34 عاما، ساد خلالها الجمود في العلاقات بين البلدين. "أقترح عليك تبنّي النموذج الإيراني وانضمام طهران لبناء ثقافة إسلامية جديدة"، تلك كانت الرسالة التي بدأ بها تسفي بارئيل -المحلل الإسرائيلي بجريدة هآرتس لشئون الشرق الأوسط- مقاله التحليلي بالجريدة، والتي قال إنها رسالة موقّعة من 17 مستشارا للمرشد الإيراني علي خامنئي إلى الرئيس المصري محمد مرسي، وتطالب الرئيس مرسي صراحة بأن يطبق في مصر النموذج الإيراني، بحسب ما نقله بارئيل. وأورد بارئيل في مقاله التحليلي ما قال إنها معلومات قد تسربت إلى صحيفة الشرق الأوسط السعودية، والتي تكشف -بحسب بارئيل- أن قيادات بالمخابرات المصرية قد حذّرت الرئيس محمد مرسي من الأضرار التي قد تلحق بمصر نتيجة تجدد الاتصالات الدبلوماسية مع إيران أكبر من المنافع، وأرسلوا إليه تقريرا مفاده أن تجدد العلاقات المصرية مع إيران قد يضر العلاقات بين مصر والولايات المتحدةالأمريكية وحلفائها العرب. وأرجع الكاتب الإسرائيلي الموقف الإيراني المرحّب بعودة العلاقات مع مصر، إلى أن إيران تريد أن تجعل مصر قاعدة جديدة لها في الشرق الأوسط، بعدما بدأت في فقدان أهم حلفائها سوريا والعراق. فالثورة في سوريا اقتربت من العصف ببشار الأسد -أكبر حليف لإيران في المنطقة- والتظاهرات في العراق زعزعت مكانة نوري المالكي -رئيس الوزراء الشيعي العراقي- حليف إيران، وبالتالي فإن إيران تسعى إلى تكوين حلفاء جدد، من خلال دعم علاقاتها مع كل من مصر واليمن. إلا أن هناك عثرات تواجه إيران في تجدد علاقاتها مع مصر، فكما وصفها بارئيل "بالصفعة" التي تلقاها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد خلال زيارته الأخيرة لمصر، وخصوصا في مباحثاته مع شيخ الأزهر، والذي طالب فيها الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر- صراحة أن تتوقف إيران عن نشر المذهب الشيعي بمصر. ورأى الكاتب الإسرائيلي أن المزاج العام في مصر أيضا يرفض تجدد العلاقات المصرية مع إيران، وربما تجلّى ذلك في الحذاء الذي ألقى به أحد المصريين على وجه نجاد خلال زيارته لأحد الأضرحة في القاهرة القديمة، اعتراضا على زيارة نجاد. ويشير بارئيل في مقاله التحليلي إلى أن الرسالة التي وصلت إلى الرئيس مرسي من إيران التي تدعوه فيها لتطبيق النموذج الإيراني في مصر، هي رسالة في نفس الوقت موجهة لدول الخليج، وكأن إيران تريد أن تلمح لدول الخليج بهذه الرسالة بأنها تبذل كل جهد ممكن للانتقاص من قوتهم وتأثيرهم على مستقبل المنطقة، وأن المحور العربي التقليدي لم يعد بمنأى عن أيدي إيران، بما فيه مصر، فضلا عن أن إيران تستعد بالفعل للعام 2014 المقرر فيه انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، حيث ستتحول تلك الدولة المنكوبة إلى نقطة صراع سياسي بين باكستان والسعودية وإيران. كما أن إيران تتحدى دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية وقطر اللتين تدعمان المعارضة السورية، ففي مواجهة ذلك تقوم إيران بمواصلة دعم الأسد ونظامه بتمويلات ضخمة، وقد وصلت بحسب بارئيل إلى فتح إيران لخط ائتمان بقيمة مليار دولار للنظام السوري. كما أن قوات من الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله يعملون في سوريا في مجالين -وفقا لبارئيل- الأول الاستشارات والتدريب، والثاني القتال ضد الميليشيات السُنيّة المتطرفة، تمكنت من السيطرة على المواقع الاستراتيجية والقواعد في سوريا، إلا أن هذه الجهود الإيرانية قد لا تجدي نفعا في حماية النظام السوري، خصوصا في ظل دعم السنة اللبنانيين للمعارضة السورية، وهو ما يضع حزب الله في مأزق بالداخل اللبناني، ربما ينعكس عليه سلبا في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما لا تريده إيران. الخلاصة، إن إيران ربما قد فقدت الأمل في حليفتها سوريا في المنطقة، ولذلك فإنها تسعى لاستغلال الربيع العربي في كسر الجمود الذي نشأ بينها وبين بعض الدول العربية، وعلى رأسها مصر، إلا أن إسرائيل ليس من مصلحتها هذا التقارب -بحسب بارئيل- فكلما زاد الضغط العربي ضد إيران، كان ذلك في مصلحة إسرائيل لاستئناف عملية السلام، ورأب الصدع في علاقاتها مع تركيا.