أنا عندي 18 سنة، أنا عصبية وحساسة أوي وبازعل بسرعة جدا وبافهم حاجات غير اللي الواحد يقصدها، دايما بافهمها بقصد إنه بيكرهني وإنه بيقول لي كده عشان يجرحني فبازعل.. وابتديت أتجنب الناس وأبعد عنهم، حتى إخواتي باتجنبهم لأنهم دايما يسخروا مني ويتريقوا عليّ، ولما أزعل يزيدوا تريقة وضحك واستهزاء، وساعات باقعد أزعق معاهم وأروح معيطة بس دموعي دي بيشوفوها إنها فيلم هندي وإني مش بريئة وإني أصلا سخيفة ومابفهمش وباسأل كتير، فعشان كده هما ليهم حق يسخروا مني.. أنا ابتديت أحس إن مافيش حد بيحبني، إذا كان إخواتي مابيحبونيش ومابيتقبلونيش وبيبعدوا عني وبيحبوا قريبتنا أكتر مني، وبيقولوا لي عشان إنتِ نكدية ودايما بتزعلي من الهزار، بس أنا مابشوفهوش هزار أنا باحسه سخافة وقلة ذوق. المشكلة كمان إن أنا ابتديت أفتكر إن صحباتي كمان مابيحبونيش، مع إنهم عكس إخواتي خالص، بس اللي خلى إخواتي يبعدوا عني عشان أنا نكدية ما يمكن صحباتي كمان يبعدوا عني. أنا خايفة أبقى ماباثقش في الناس وأبعد عنهم وأجتنبهم مع العلم إن صحباتي هما من ابتدائي وكنا مع بعض لحد الجامعة، عشان أنا مابحبش أتعرّف على ناس جداد ومعظمهم باسترخمهم.. أنا تعبت؛ لو سمحتوا أنا عايزة حل، هل أنا اللي غلطانة وأستاهل السخرية وقلة القيمة ولا إيه؟
m.caty
معظم الاضطرابات والمشكلات النفسية تبدأ حينما ينغمس المرء في التفكير في نفسه والاستجابة لمتطلباتها، ولما كانت النفس أمّارة بالسوء فأول أوامرها التحكم في الغير، ومطالبتهم بالانصياع لرغباتها، فمن يطالب الناس بالحب ومن يطالبهم بالاحترام ولا يسأل نفسه ماذا قدمت أنا للناس حتى أطالبهم بهذه الأشياء. والمرء حينما لا يتحقق مراده يصاب بالإحباط والضيق والقلق، فيصعب توافقه مع الناس وتزداد حساسيته فتفقد الشخصية توازنها النفسي وتكثر اتهاماته للناس، ولا يخطر بباله أنه هو الذي جلب لنفسه المشكلات بأنانيته وعدم قدرته على العطاء والتماس العذر للناس. إن مجرد انشغالك بالعطاء سيحطم فكرة أن الناس لا يحبونك ويقتلعها من رأسك، فلو وضعت في اعتبارك أن عليك واجبا تجاه الآخرين بأن تقدمي لهم المساعدة وتدخلي عليهم البهجة ولا تنتظري المقابل وتتداركي أهمية احترامهم والتسامح معهم لوجدت الناس يحبونك ويقدرونك. إن الحب والاحترام أشياء متبادلة، بشرط أن نقدمها نحن أولا دون تعجّل للنتائج.. لا تغلقي الأبواب على نفسك، وانزعي من رأسك مسألة عدم الرغبة في التعرف على ناس جدد، لأن التعارف يمدك بمجموعة من الخبرات والعلاقات الجديدة التي تفيدك في التعامل الإيجابي مع الناس. والتعامل الإيجابي معناه أني لا أقف مكتوفة الأيدي وأنتظر الحب من الناس, بل أبادر أنا بهذا الحب والعطاء والتسامح، فكراهية الفرد للغير وعدم رغبته في التعامل معهم تنتقل منه إلى الناس فيبادلونه نفس المشاعر مما يزيد الأمور تعقيدا، انظري إلى نفسك جيدا وحددي ما يمكن أن تقدميه لأفراد أسرتك، لأصدقائك، لجيرانك، لأقاربك.. إلخ. إن مجرد ابتسامة في وجههم أو السؤال عنهم أو عن طلب يمكن أن تلبيه لهم يشعرهم بالراحة والتقبّل، فيبادلونك هذه المشاعر فتسعدين وتصبحين مصدرا للبهجة والسعادة وليس العكس كما تقولين في رسالتك. إن كل إنسان يسعد بحب الناس وعطائهم واحترامهم، والذكي هو الذي يدرك أن هذه الأشياء يجب أن تكون متبادلة بينه وبين الناس، أي يعطي ثم يأخذ مع قدر من التسامح واللين في التعامل مع من حوله. واستمرار المرء في العطاء يمنحه قوة في الشخصية وثقة في النفس تحميه؛ أقبلي على الناس وتفاعلي معهم من القلق والإحباط الذي تعانين منه الآن نتيجة الرؤية ذات الاتجاه الواحد ولا تعدي عليهم أنفاسهم ولا تحددي لهم مسبقا كيفية التعامل معك كما تحبين، فإنهم لن يدخلوا في رأسك ليعرفوا ما تريدين، وحتى إن عرفوا مرادك فيجب أن يكون هناك مقدم تدفعينه لهم من الحب والتسامح والتماس العذر.. ولذا عليك أن تطالبي نفسك بحب الناس قبل أن تطالبي الناس بحبك, أي "قبل ما تقول آخذ اسأل إدّيت إيه".