طبعا بما إن "بص وطل" هو المكان الوحيد اللي باتكلم فيه عن اللي جوايا، فأنا جاية أقول لكم مشكلتي المُرة، وهي تتلخص في إني متسامحة بدرجة كبيرة.. بحب التسامح دايما ومش بحب أخسر حد؛ عشان كده باسامح بسهولة، طبعا مش لدرجة إني أتخلى عن كرامتي والحمد لله، لكن باسامح مع لحظة عتاب بارجع بعدها صافية قوي من جوايا ومش شايلة أي حاجة من ناحية من أخطأ في حقي.. على قد ما دي ميزة على قد ما هي بتتعبني أحيانا؛ لأنها بتخليني أحسّ إحساس مش عارفة أوصفه، لكنه إحساس بيوجعني، أنا باعمل كده مع الناس القريبة مني أوي؛ لأني مش باكون حابة إنه يحصل شرخ بيني وبينهم في علاقتنا أو إني أخسرهم في يوم من الأيام، لكني اكتشفت إني لما باسامحهم بيحسّوني ضعيفة أو مش عارفة هما بيحسبوها إزاي، لكن مثلا بالصدفة اكتشفت إن أحد أصدقائي غلط في حقّ صديق آخر، ولما الصديق ده خد موقف فضل يتحايل عليه عشان يسامحه ومش يزعل منه، على الرغم من إنه ممكن يغلط في حقي نفس الغلط ده وأنا عشان باسامحه وأتنازل وأقول مش مشكلة صاحبك على عيبه وأسكت ألاقيه بيتجاهلني وعادي ولا كأنه غلط في حقي أصلا. الموضوع ده يمكن موجود من زمان بس بالصدفة بدأت أكتشف إنه غلط مني أنا والعيب فيّ أنا مش فيهم، وبقيت باقول لنفسي ما أنا لو باخد موقف ماكانش ده حصل وكانوا عملوا لي حساب، اللي آلمني أوي إني باقدّر ومش بالاقي أي تقدير في المقابل، طب ليه هو اللي يسامح ويقدّر ويغفر ويبقى قلبه طيب في الزمان ده يكون غلطان طب العيب في مين فيا أنا عشان باسامح عشان مش بتهون عليّ العشرة عشان باقدّر، ولا فيهم هما؟ على فكرة مش معنى إني باسامح إني مثلا لا قدر الله مش ليّ شخصية، بالعكس أنا الحمد لله عندي شخصتي المستقلة بذاتها، والحمد لله أصدقائي وكل أهلي وأحبابي بيحبوا رأيي جدا ودايما يستشيروني في أمور خاصة بيهم، وعارفين إن شخصيتي قوية، لكن أنا اكتشفت إنهم كمان عارفين إن تسامحي هو نقطة ضعفي، رغم إنهم عارفين إني مش بابقى على أي حد مش يهمني ولا حتى باسامحه لو غلط في حقي؛ لأني مش باسمح لنفسي بالإهانة أبدا.. أعمل إيه أبتدي آخد موقف معاهم ولا أثبت على موقفي وأفضل زي ما أنا متسامحة متهاونة؛ لأني باقدرهم وبحبهم؟ إيه الصح وإيه الغلط؟ إيه الأسلوب اللي المفروض أتبعه معاهم؟ تعبت أوي لما اكتشفت إن عيبي هو خوفي على زعل اللي بحبهم، وتقديري ليهم.. قولوا لي الحل.. smsm التسامح هو فضيلة الأقوياء، سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- كان يتسامح على قدر قوته، ويعفو على قدر سلطته وسطوته، ورغم أنه قادر فإنه كان يعفو ويتسامح. وبالتالي لا يجب عليكِ أن تشعري أن وجود مثل هذه الفضيلة في شخصيتك إنما هو نقيصة أو عيب أو شيء يجب التخلّص منه، بل هي صفة حميدة، ولكن في حاجة إلى التنظيم. وأعني بهذه الكلمة أن هناك أوقاتا يجوز فيها التسامح، وفي أوقات أخرى لا يجوز، بعض الأخطاء يُقبل فيها التسامح وبعض الأخطاء لا يُقبل، والتسامح لا يجب أن يكون فوريا في كل وقت، ولكن في بعض الأحيان يجب أن يكون للتسامح ثمن. لكن وبما أننا لسنا في العالم المثالي الذي تمنّاه أفلاطون، ففي كثير من الأحيان بالفعل يُفهم هذا التسامح على الوجه الخاطئ، فيصبح المتسامح غلبان، وبدلا من أن نسرع في استرضائه بعد ارتكابنا خطأ في حقه، نؤخّره قدر المستطاع بحجة أنه طيب ومتسامح. بل إنه في كثير من الأحيان لا يقبل المخطئ في حقك أن يطيل في استرضائك؛ لأنه تعوّد من البداية أن رضاءك أمر سهل الحصول عليه، وبالتالي إذا رفضتِ اعتذاره لبعض الوقت لا يعيد هو الكرّة، ويتوقّف بحكم إنك مزوّداها رغم أن الخطأ ربما لا يُغتفر. وهذه العينة من الناس بالتحديد يجب عليك أن تنظمي تسامحك معهم، فلا تفتحي حنفية التسامح معهم على آخرها، بل يجب أن يعلموا أن التسامح يكون عن الخطأ غير المقصود وليس الخطأ المقصود، وأن التسامح أحياناً ما يكون له ثمن. أعدّي قائمة بأكثر الأشخاص الذين تعلمين أنهم بالفعل لا يأبهون بزعلك اعتماداً على طيب خلقك وسهولة الحصول على رضائك، ولا تتساهلي معهم إطلاقا في توزيع التسامح المجاني على الفاضية والمليانة؛ لأنهم لا يستحقون هذا الدعم الذي تضعينه على تسامحك. لكن من بين من تعرفينهم من هم أيضاً يستحقون هذا الكرم وهذا التسامح، من بين من تعرفينهم من هم يخشون بالفعل أن يثيروا غضبك، ويحسبون الحساب لزعلك، وبالتالي هؤلاء الأشخاص ما زالوا يستحقون تسامحك وكرم أخلاقك. خير الأمور الوسط، فتوسطي، لا تتخلّي طواعية عن ميزة حباكِ الله إياها، ولا تفرطي في استخدامها مع أشخاص لا يستحقونها.