كتب: محمود المنياوي على بُعد خطوات من ميدان التحرير.. ووسط عدد من الشخصيات العامة.. وجموع من الطلاب والأساتذة والمثقّفين المصريين، تحدّث الكاتب والمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي أمس معتليا منبر قاعة إيورت التاريخية بالجامعة الأمريكية بوسط القاهرة، منتقدا عددا من السياسات الأمريكية في المنطقة. وقال الكاتب والمفكّر الأمريكي نعوم تشومسكي: "الولاياتالمتحدةالأمريكية تقتنع فقط بالديمقراطية التي تتماشى مع مصالحها، وترفض تلك التي تتعارض مع سياساتها أو تضرّ بمصالحها". وبينما امتلأت أقدم قاعات الجامعة الأمريكية، والتي كانت في السابق مقرا لجامعة القاهرة وعرفت باسم "سراي الخواجة نستور جناكليس"، أبى طلاب الجامعة وعدد من الشباب المصريين إلا أن يفترشوا حديقة الجامعة الأمريكية مستمعين إلى محاضرة تشومسكي عبر شاشة عرض كبيرة، حيث استغرق المفكّر الأمريكي الذي اشتُهر بكتاباته عن البروبوجاندا السياسية ودراساته في السيطرة على الإعلام، في سرد تاريخ الهيمنة الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وبداية الحرب العالمية الثانية، مرورا بالهيمنة النووية والتفوّق العسكري اللذين اعتبرهما تشومسكي بداية لاعتلاء الولاياتالمتحدة مركز القطبية في العالم. وتناول تشومسكي -وهو أيضا أستاذ في علم اللغويات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- مواقف الرؤساء الأمريكيين المتلاحقين من قضايا الطاقة والبحث عن مصادرها، وهو ما فتح أعين الأمريكان على مناطق الشرق الأوسط بعد أن بدأوا يفقدون نفوذهم تباعا في أجزاء أخرى، كانت تابعة بشكل شبه كامل في القرون الماضية لهم مثل الصين ودول أمريكا الجنوبية. وقد أكد الكاتب الأمريكي -الذي يبلغ من العمر 84 عاما- أن الحلم النووي الإيراني لا يعتبر تهديدا للأمن والسلام العالمي إذا ما قورن بالتهديد الذي تُمثّله أمريكا وإسرائيل وباقي الدول التي تملك بالفعل أسلحة نووية قادرة على تدمير العالم، وذكر تشومسكي أن "مصر مبارك" كانت أكبر الدول التي تضغط على إيران بسبب الملف النووي، وأشار إلى أن حل هذا الملف المعقّد يتمثّل في إيجاد عالم خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، وليس عالما يمتلك فيه القوي أسلحة التدمير النووية ويمنعها من الضعيف. وتجمّع أمام أسوار الجامعة وبشارع محمد محمود -الذي يحمل كثيرا من ذكريات الثورة المصرية وما بعدها- شباب صغير ربما لا يعلمون شيئا عن تشومسكي، إلا أنهم راحوا يخلدون أسماء وصور شهداء الثورة على الأسوار، في الوقت الذي أكد فيه تشومسكي أن الربيع العربي الذي طال عددا من دول المنطقة لم يكن بتخطيط مسبق من قوى كبرى بقدر ما بدأت مؤشراته تظهر منذ أمد بعيد، وغفلت عنها هذه الحكومات. كما تحدّث تشومسكي عن تراجع قوة الولاياتالمتحدة مؤخرا، إلا أنه أكد أنها لا تزال تسيطر على ثلاثة أرباع السوق العالمية، وتعد أكبر قوة عسكرية في العالم بلا منازع، مشيرا إلى أن أي قوى تبغي السيطرة على العالم ستضطر إلى إعطاء المزيد والمزيد من الاهتمام لمنطقة الشرق الأوسط. وأنهى تشومسكي كلمته التي حضرها الأمين العام السابق للجامعة العربية السيد عمرو موسى والكاتب المصري الكبير جلال أمين، بضرورة إعادة التفكير فيما أطلق عليهم الحكام "العامة الجهلاء"، واعتبارهم لا يستطيعون التدخل في الإدارة والسياسة، مؤكدا أن ثورات الربيع العربي أثبتت عكس ذلك.