أ ش أ أثارت أزمة إزالة رسوم الجرافيتي من قلب القاهرة جدلا واسعا، وكشفت عن مواجهة بين ثقافتين، هما: الثقافة الجديدة وهي ثقافة الثورة والجمَال، والثقافة المضادة أو ثقافة القبح، وبالقدر ذاته فإنها تؤكد على الحاجة الملحة إلى ثقافة الثورة الأفقية، التي تكفل ترسيخ قيم ثورة 25 يناير في كل مناحي الحياة المصرية وتفاصيلها. وقد أعلن المستشار محمد فؤاد جاد الله -المستشار القانوني لرئيس الجمهورية- أن الرئيس محمد مرسي، أمر بالتحقيق في واقعة إزالة رسوم الجرافيتي بشارع محمد محمود، مضيفا أنه شعر بحزن وغضب شديدين عندما علم بالنبأ، وناشد جميع فناني الثورة العودة إلى الميدان والشوارع التي شهدت أعظم وقائع ثورة 25 يناير والفترة الانتقالية، لإعادة توثيقها بالرسوم والتصميمات على الحوائط. وقال محمد فؤاد: "إن الأمر الوحيد الأكيد في هذه الواقعة، هو أنه لم يصدر أي قرار من مسئول بإزالة هذه الرسوم، وإن الواقعة المؤسفة فردية من أحد عمال الجهات المسئولة عن تنظيف وإزالة الإشغالات في ميدان التحرير". وعلى الصعيد الرسمي جاءت كل التصريحات تؤكد أن حكومة قنديل لم تصدر أي قرار بإزالة هذه الرسوم التي توثق لثورة يناير، فيما توالت تعليقات وسائل الإعلام، مؤكدة بدورها أن الجرافيتي جزء من التاريخ البصري للثورة الجميلة. وتنطوي هذه الرسوم على أهمية كبيرة ضمن ثقافة التوثيق لثورة 25 يناير، حتى أن بعض الناشطين اعتبروا أن من أقدم على إزالتها كأنما أراد محو ذاكرة الثورة، وحذّر البعض من اغتيال ذاكرة الثورة وتهميش أحداثها الكبرى، فمن لا ذاكرة له لا مستقبل له. وقد أكد الدكتور أسامة كمال -محافظ القاهرة- أيضا أن إزالة رسوم الجرافيتي الموجودة على الأسوار والجدران جاءت على سبيل الخطأ. ودعا محافظ القاهرة شباب الثورة من الرسامين والفنانين التشكيليين إلى النزول للميدان وتحويله إلى ما يشبه المرسم الذي يُخلّد تاريخ الثورة المجيدة بصورة لائقة وحضارية، مشيرا في الوقت ذاته إلى ما وصفه ب"رسومات غير لائقة قام البعض برسمها بصورة لا تتناسب مع روح الثورة ومبادئها وقيمها". وأشار الكاتب والقاص الدكتور محمد المخزنجي إلى أن أفدح ما كشفت عنه شهور الفوضى "هو هذا الكم من المتعطلين وأشباه المتعطلين في بلادنا، كمفرخة لظاهرة البلطجة ومراهقي الشوارع"، معتبرا أن الحل يكمن في ضرورة أن تكون هناك رؤية لأولويات التنمية، وخصوصا المشاريع الكثيفة العمالة.