أميرة هيبة عباس محمود العقاد.. هو مفكر وشاعر وناقد مصري كبير، ولد في 28 يونيو عام 1889 في محافظة أسوان بصعيد مصر، كان أبوه موظفا بسيطا يعمل في إدارة المحفوظات، وعلى الرغم من ذلك استطاع أن يدبر شئون معيشتهم، ويرجع نسبه من جهة أبيه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
تربى العقاد بين أبوين حنونين، مما جعله يُكنّ لهما أعمق الحب طوال عمره، وحينما كان طفلا كان عقله أكبر من سنه، فبادر أبوه بتعليمه مبادئ القراءة والكتابة وعلّمه أن يتصفح ما يقع تحت يديه من جرائد ومجلات ليستفيد منها، ثم ألحقه بإحدى المدارس الابتدائية وحصل على شهادتها عام 1903، وتعلم فيها اللغة العربية والحساب والطبيعة وأجاد الإملاء.
واستطاع العقاد خلال المرحلة الابتدائية أن يُلم بمبادئ اللغة الإنجليزية، وحينما أنهى هذه المرحلة بتفوق بدأ في قراءة الأدب الإنجليزي مباشرة، إلى جانب عمله في وظيفة كتابية لم يلبث أن تركها، حيث زار القاهرة وتوطدت علاقته بالأدب والفن وأصبح يراسل بعض الصحف، ولكنه بعد فترة أحس أن هذه الوظيفة الكتابية لا تتسع لطاقاته فتركها وتفرغ لعمله بالصحافة، وأقبل على تثقيف نفسه بنفسه.
لم يحظَ العقاد بحظ وافر من التعليم، حيث إنه حصل على الشهادة الابتدائية فقط، مما اضطره إلى العمل في بعض الوظائف الحكومية؛ إذ أنه اشتغل بوظائف كثيرة في المديريات ومصلحة التلغراف ومصلحة السكة الحديد وديوان الأوقاف، واستقال منها واحدة بعد واحدة.
كان العقاد ينفر من الوظائف الحكومية في عصر كان يقدسها الجميع، فقد تلقى خبر قبوله في الوظيفة الأولى التي أكرهته الظروف على طلبها كأنه يتلقى خبر الحكم بالسجن أو الأسر والعبودية، حيث إنه كان يؤمن بأن الموظفين هم عبيد القرن العشرين.
ملّ العقاد العمل الروتيني؛ فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة اطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور، وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه، وتوقفت الصحيفة بعد فترة، مما جعله يبحث عن عمل يقتات منه، فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه.
وقد أسس مدرسة الديوان بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق، واشتهر بمعاركه الفكرية مع الدكتور زكي مبارك، والأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ.
وتميز بغزارة إنتاجه الأدبي، فكان أول كتبه هو "الخلاصة اليومية" الصادر عن دار الهلال، وتتابعت أعماله، فجاء بعده "الشذور والإنسان الثاني" و"ساعات بين الكتب" وأصدر بعد ذلك أول دواوينه "يقظة الصباح" ومن بعده "وهج الظهيرة" و"أشباح الأصيل" و"أشجان الليل" و"هدية الكروان" و"عابر سبيل"، كما صدر له بعض الكتب النقدية مثل "الديوان" في النقد والأدب وغيره الكثير.
ولم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا على الرغم من الظروف القاسية التي مر بها خلال حياته، حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات.
منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب، لكنه رفض تسلمها، كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة، وتوفي العقاد في 12 مارس 1964، ولم يتزوج حتى وفاته.