إنها فتاة متميزة يمكن أن تلهم جيلاً بأكمله، ذاقت طعم النجاح وهي في أوائل العشرينات؛ فهي صحفية شابة تكتب باللغة الإنجليزية، حصلت على 3 جوائز في عام واحد تقريباً؛ كان أهمها جائزة مؤسسة "أنّا ليند" للصحافة، وجائزة "السي إن إن" التي لم تمنح لأي صحفي عربي من قبل.. تعالوا نتعرف على إيثار الكتاتني وعلى سر نجاحها في السطور التالية.. كيف دخلت إيثار مجال الصحافة؟ كانت البداية في الجامعة؛ فأنا في الأصل خريجة جامعة أمريكية قسم إدارة أعمال، ولم تكن الصحافة تستهويني بشكل كبير؛ إلى أن حدث موقف جعلني ألتحق بمجال الصحافة: جاء كوفي عنان -الأمين العام للأمم المتحدة- لإلقاء محاضرة على الطلاب؛ فحضرت هذه المحاضرة، ونظرا لاحتياطات الأمن تم غلق القاعة قبل المحاضرة بأكثر من 3 ساعات؛ فلم يستطع الصحفي المكلف بتغطية الندوة من الحضور؛ فقمت بتغطية هذه الندوة لمجلة الجامعة والتي تدعى "dimention"، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعمل في هذه المجلة، إلى أن تخرجت من الجامعة ومارست في هذه المجلة كل شيء له علاقة بالصحافة من تصميم صفحات الكتابة والمقالات، ثم بعد تخرجي عملت صحفية في مجلتي "Business Today" و"Egypt Today". حصلت على جائزة "السي إن إن" بأفضل مقال صحفي، وكنت أول عربية تفوز بهذه الجائزة.. حدثينا عن هذه التجربة. شاركت في دورة تدريبية في المركز الدولي للصحفيين لمدة 3 شهور، وفزت بها بجائزة، وبناء على ذلك أخبرتني مديرة المركز بوجود مسابقة تنظمها "السي إن إن" للصحفيين الأفارقة، ونصحتني بالمشاركة بها، وبالفعل قمت بتقديم موضوعين الأول عن مرض الجذام في مصر والثاني عن مفهوم التجارة في الإسلام، وكيف أصبحت أشياء كثيرة تدخل تحت عباءة التجارة على الرغم من أنها في الأساس عمل دعوي مثل فتاوى التلفاز والتليفون، وحصلت على الجائزة عن المقال الثاني. هل كنت تتوقعين الفوز.. وما شعورك لحظه إعلان اسمك؟ إطلاقا لم أكن أتخيل أنني سأفوز؛ خاصة بعد عدم مشاهدتي لأي اسم عربي قد حصل على هذه الجائزة منذ تاريخ صدورها.. وعندما اتصلو بي ليخبروني أنني من ضمن ال25 المرشحين لخوض التصفيات قبل النهائية للمسابقة، لم أصدق في البداية، وخيّل لي أنها مزحة من أحد الأصدقاء؛ إلى أن سافرت إلى جنوب أفريقيا وشاهدت التنظيم والمشاركين الذين كانت أعمارهم تدور ما بين الثلاثينات والأربعينات، وفوجئت أني أصغر مرشحة تم اختيارها من بين 500 متقدم، ومقالي تم اختيارة من بين أكثر من 2000 مقال. كل هذا جعلني أكتفي بفكرة معجزة الترشيح وعدم تخيّل الحصول على الجائزة من الأساس؛ لذلك قمت بحجز تذكرة رجوع لي في نفس يوم تسليم الجوائز. إلا أنهم أقنعوني بالعدول عن هذه الفكرة وتأجيل السفر إلى بعد الاحتفال. وبالفعل حضرت الاحتفال، وشاهدت اسمي وصورتي يظهران على الشاشة، وبمنظم الحفل ينادي على اسمي وحصولي على جائزة الصحافة من ال "سي إن إن" للصحفيين الأفارقة لعام 2009، وفوزي بمبلغ 3500 دولار بالإضافة إلى لاب توب. شعوري كان متبايناً، خوف ورهبة شديدين، وعلى الرغم من أنني ألقيت خطبة التخرج في الجامعه الأمريكية؛ إلا أنني لم أكن أعي جيدا ما سأقوله لهذا الحشد إلا أن الله ألهمني، وقمت بتقديم الشكر لكل من ساعدوني. وماذا عن الجائزة الأخرى، والتي حصلتي عليها مؤخرا من الأمير ألبرت أمير موناكو؟ هي جائزة تابعة لمنظمة "أنّا ليند" للصحافة، تقدم للصحفيين الذين شاركوا في إعداد تقارير أو مقالات خاصة بقضايا ثقافية تهم سكان البحر المتوسط. وقمت بالمشاركة في المسابقة بمقال يشرح تجربتي كفتاة مصرية درست طوال حياتها في مدارس إنجليزية، وكيف أثّر هذا على حياتها داخل مجتمعها، وقمت بقياس هذا على الأطفال الذين يعيشون خارج بلادهم، وأيضا الأطفال الذين يولدون لأب وأم غير مصريين، وكيف يؤثر هذا على حياتهم وثقافتهم. وقدمت للمسابقة في شهر مارس 2009 واتصلوا بي في أكتوبر من نفس العام، يبلغوني أنني الفائزة في المسابقة، وأنه يجب عليّ السفر إلى موناكو لتسلم الجائزة من الأمير، وبالفعل سافرت، وفوجئت بجو أسطوري يغلف المسابقة وقوة التنظيم ولجنة التحكيم والتي كان يرأسها الكاتب اللبناني الكبير أمين معلوف، وحصلت على جائزة أنا ليند، وكانت بقيمة 5 آلاف يورو ومجسم تقديري. وهل كانت خطبتك مختلفة هذه المرة؟ هذه المرة كنت أكثر ثقة من المرة السابقة؛ فقلت إنني فخورة بكوني فتاة مصرية محجبة حصلت على هذه الجائزة، وتحدثت أيضاً عن مشاكل الهوية العربية وكيف نخاف من الاحتكاك ببعضنا كمجتمعات مختلفة؛ حتى لو تظاهرنا بغير هذا؛ فنحن بالفعل نعاني من مشكلة حقيقة في هذا المجال. ما هي أبعاد هذه المشكلة من وجهة نظرك يا إيثار؟ المشكلة التي نتعرض لها هذه الأيام تكمن في سرعة الاتصال. من موقعك في المنزل أمام الكمبيوتر الخاص بك تستطيع التحدث إلى أي شخص من قارة مختلفة؛ ولكن ليس معنى التحدث وسهولة الاتصال تقارب المفاهيم والأفكار؛ فالاحتكاك المباشر هو القادر على تقريب وجهات النظر وإذابة سوء الفهم وكل هذا لمسته بنفسي من خلال حضوري العديد من المؤتمرات كفتاة محجبة مسلمة، فوجئت بتوجيه أسئلة غريبة مثال التي وجهت لي في مؤتمر في دبي، الذي كان يقام في وقت الرسوم المسيئة للرسول، غالبية الأسئلة كانت تدور حول حجابي هل تستحمين به؟ هل زوجك مصرح له أن يرى شعرك؟ لماذا ترتدين هذا الغطاء؟ وهو من العصر الجاهلي وأنتي امرأة مثقفة؟ تساؤلات عديدة توضح حجم الهوة التي تعانيها. إيثار و جائزة أنا ليند من الذي يشجع إيثار في المضيّ في كل هذا؟ أهلي يشجعونني في المقام الأول بشدة، وإيمانهم بي يدفعني إلى المضي قدما وتحقيق كل شيء جديد ومختلف. وما هي آخر مخططاتك؟ أستعد خلال الفترة القادمة إلى إصدار كتاب بعنوان " 40days and 40 nights in Yemen " أي أربعون نهاراً وأربعون ليلة في اليمن، وهو عبارة عن مذكراتي لمدة ثلاثة أشهر أقمت فيها باليمن؛ فأنا معتادة كل عام على السفر للدراسة في بلاد مختلفة في فترة الإجازة الصيفية، واخترت اليمن العام الماضي، ومكثت في مدينة تدعى "تريم"، ودرست في جامعة تدعى "جامعة المصطفى" تابعة للداعية الإسلامي الكبير الحبيب على زين العابدين الجفري. وقمت في هذه الفترة بتلقي دروس دينية وحضور أمسيات ثقافية تراثية؛ فقررت من هنا أن أكتب يومياتي، وبالفعل قامت دار نشر إنجليزية تدعى "طه بابلش" بتقديم عرض لطباعته. ومن المقترح صدورها خلال معرض الكتاب، وأقوم حاليا بتسجيل مجموعة من الحلقات مع الداعية الإسلامي الكبير عمرو خالد في برنامجه الجديد، والذي يدعى "مجددون"، وسيعرض بإذن الله في شهر يناير. هل تحقيق كل الأحلام وأنت صغيرة قد يسبب حالة من الاكتفاء في المستقبل؟ هذه الفكرة التي طرحتها عليّ أيضا الإعلامية هالة حشيش في لندن، لديّ قناعة أن الحلم لا ينضب؛ لأننا طوال مدة حياتنا تتفتح لنا طرق وأحلام لم نكن نعي عنها أي شيء، وكل الذي حدث لي يؤكد هذا؛ فكل طريق سلكته وأوصلني لشيء لم أكن أعلم أنه موجود من الأساس؛ فأنا لدي قناعة أنه ما زال أمامي الكثير والكثير لأحققه وأن الأحلام التي تنتظر أن أفكر بها أكثر بكثير من ما مر بي. ما الخلطة التي تمارسها إيثار في حياتها، وتمكنها من الوصول إلى النجاح وترغب بتوجيهها كنصيحة للشباب؟ ليست خلطة؛ ولكنه إيمان بالنجاح وبأحقية النجاح في العمل والسعي واقتناص الفرص؛ لأنه للأسف؛ كثير من الفرص التي تأتي لنا نرفضها بدون أن نعي ما وراءها؛ لذلك أوجه نصيحة للشباب بأخذ كل ما يقدّم لك وأنت مقتنع به، ولا تنتظر تأثيره عليك في الوقت الحاضر، حتى لا تحبط وتيأس؛ فكثير من ما يأتي لنا عروض قد لا تقدم نتائج أو مكاسب فورية؛ ولكنه من واقع تجربة كل هذا يفتح آفاقاً وفرصاً لأشياء أكبر وأحلام أروع. بماذا تحلم إيثار؟ أحلم بالسفر إلى العديد من بلدان العالم للتعرف على ثقافات وحضارت مختلفة، وأحلم أن أحقق شيئاً مختلفاً ومتميزاً في المجال المهني الذي اخترته، وأن أنهي دراستي بنجاح، كما أحلم أن أتقن الكتابة بالعربية؛ حتى تصل أفكاري لكل الناس. من هو "الموديل" الذي تتمنى إيثار أن تصبح مثله تماماً؟ لا يوجد شخص بعينه أتمنى أن أصبح مثله تماماً؛ فكل شخص يفيدني في نقطة ما ويلهمني بها، أمي مثلاً في صبرها، أبي الصعيدي الذي صنع نفسه بنفسه واستطاع تحقيق أحلامه، عمرو خالد في تغييره لمجتمعه؛ حتى عامل النظافة الذي يكنس الشارع أمام بيتي أتعلم منه الكثير.