أ ش أ أودعت محكمة جنايات القاهرة اليوم (الأربعاء) حيثيات (أسباب) حكمها الصادر يوم 2 يونيو الجاري في قضية الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و 6 من كبار مساعديه من القيادات الشرطية السابقة. صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد رفعت بعضوية المستشارين محمد عاصم بسيوني وهاني برهام وحضور المحامين العام المستشارون مصطفى سليمان ومصطفى خاطر وأحمد حسن وعاشور فرج ووائل حسين. وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أنه قد ثبت لديها ثبوتا يقينيا من واقع تحقيقات النيابة العامة وأقوال الشهود الذين استمعت إليهم وهم المشير حسين طنطاوي -القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة- وعمر سليمان -نائب رئيس الجمهورية رئيس جهاز المخابرات سابقا- واللواءين منصور عيسوي ومحمود وجدي -وزيري الداخلية السابقين- أن مبارك والعادلي قد علما علم اليقين بالأحداث فأحجما عن اتيان أفعال إيجابية فى توقيتات مناسبة تقتضيها الحماية القانونية المتمثلة في امتناعهما عمدًا عن إصدار القرارات والأوامر والتعليمات والتوجيهات التي تحتمها عليه وظيفتهما والمنوط بهما الحفاظ على مصالح الوطن ورعاية المواطنين. وأكدت المحكمة أن هذا الإحجام والامتناع من مبارك والعادلي كان ابتغاء فرض سلطتهما واستمرارهما على غير إرادة من المواطنين المصريين مشددة على أنها (المحكمة) قد اطمأن وجدانها تمام الإطمئنان إلى أدلة الثبوت في الدعوى التي قدمتها النيابة العامة وبما لايدع مجالاً للشك أو الريبة ثبوتًا يقينيًا لايحوم حوله شائبة أو مطعن. وأشارت المحكمة إلى أنه من المنطق السوي المعتبر في حق ضمير المحكمة وثبات وجدانها؛ فإنها تؤكد من واقع ما جرى من تحقيقات ومادار بجلسات المحاكمة وشهادة من استمعت إليهم المحكمة -بما لايدع مجالا للشك أو الريبة- أن كلا من المتهمين الأول محمد حسني السيد مبارك، والخامس حبيب إبراهيم العادلي قد علم كل منهما بالأحداث فأحجم أولهما عمدًا بصفته رئيسا لجمهورية مصر عن إتيان أفعال ايجابية في توقيتات مناسبة تقتضيها الحماية القانونية المتمثلة في امتناعه عمدًا عن إصدار القرارات والأوامر والتعليمات والتوجيهات التي تحتمها عليه وظيفته والمنوط به الحفاظ على مصالح الوطن ورعاية المواطنين وحماية أرواحهم والذود عن الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة المملوكة للدولة وللأفراد طبقا للدستور والقانون رغم علمه يقينا بما وقع من أحداث وأفعال وتدخلات من جهات وعناصر إجرامية. وأكدت المحكمة أن ذلك الإحجام والامتناع عما يفرضه عليه الواجب القانوني للحماية القانونية للوطن والمواطنين؛ كان ابتغاء استمرار سلطاته والسيطرة لنفسه على مقاليد الحكم للوطن، الأمر الذي أدى إلى أن اندست عناصر إجرامية لم تتوصل إليها التحقيقات في موقع الأحداث، قامت بإطلاق مقذوفات نارية وخرطوش تجاه المتظاهرين السلميين، فأحدثت بالبعض منهم الإصابات التي أودت بحياتهم، وبالشروع في قتل البعض الآخر منهم بإصابتهم بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية، والتي تم تداركهم بالعلاج. وأضافت المحكمة أن المتهم الخامس -حبيب إبراهيم حبيب العادلى- امتنع عمدًا بصفته وزيرا للداخلية في التوقيتات المناسبة عن اتخاذ التدابير الاحترازية التي توجبها عليه وظيفته طبقا للقوانين واللوائح والقرارات لحماية الوطن من الداخل والأرواح والممتلكات العامة والخاصة طبقا للدستور والقوانين مع علمه تماما بما وقع من أحداث. وأوضحت أن ذلك الإحجام والامتناع كان ابتغاء فرض سلطاته واستمرار منصبه وحماية سلطات ومنصب الأول (مبارك) فمن ذلك الإحجام والامتناع فقد وقر في يقين المحكمة من خلال فحصها أوراق التداعي عن بصر وبصيرة أن المتهمين المذكورين قد اشتركا مع مجهولين بطريقة المساعدة في ارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه موضوع التحقيقات وما تضمنته تلك الجرائم من اقتران لجرائم قتل عمد أخرى وشروع فيه قاصدين من ذلك إزهاق روح وإصابة المجني عليهم الواردة أسمائهم بالتحقيقات فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية. وأكدت المحكمة إنه قد صح واستقام الاتهام المعزو إلى المتهمين المذكورين من واقع أدلة يقينيه صحيحة المأخذ، قوية البنيان سليمة المنبت جازمة لا هي واهنة ولاهي ضعيفة، قاطعة الدلالة ثبوتا واستنادا، ذلك جميعه أخذا من الثابت في أوراقها ومما حوته التحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة وما كشف عنه سائر الأوراق ومحتويات مستنداتها. ولفتت المحكمة أن تلك الأدلة يتقدمها ما أقر به كل من المتهمين محمد حسنى مبارك -رئيس الجمهورية السابق- وحبيب إبراهيم العادلى -وزير الداخلية الأسبق- بالتحقيقات من علمهما اليقيني بما دار من أحداث ووقائع قتل وإصابات لبعض المتظاهرين السلميين يوم 28 يناير من العام الماضي ومن واقع ماشهد به كل من اللواء عمر محمد سليمان -نائب رئيس الجمهورية السابق- والمشير محمد حسين طنطاوى -القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة- واللواء منصور عبدالكريم عيسوي -وزير الداخلية السابق- واللواء محمود وجدي -وزير الداخلية الأسبق- أمام هذه المحكمة بجلسات المحاكمة، ومن واقع الثابت بالتقارير الطبية المرفقة بالتحقيقات. وأشارت المحكمة إلى أن المتهم الأول محمد حسني مبارك أقر بالتحقيقات بأنه علم بأحداث التظاهرات التي اندلع يوم 25 يناير 2011 والتداعيات التي أحاطت بها وما كان من سقوط قتلى ومصابين من بين المتظاهرين يوم 28 يناير 2011 وذلك العلم من خلال ماوصل إليه من معلومات، أحاطه بها وزير الداخلية المتهم الثاني وشهادة الشهود. وأضافت أن المتهم الثاني حبيب إبراهيم حبيب العادلي أقر بالتحقيقات بعلمه اليقيني كوزير الداخلية بما رصدته أجهزة الشرطة المعنية من أحداث للتظاهر يوم 25 يناير 2011، وأنه حضر اجتماع يوم 20/1/2011 لتدارس الموقف ومواجهته وانه تابع بصفته الوظيفية كافة مجريات الاحداث ومااسفرت عنه من وقوع قتلى ومصابين بين صفوف المتظاهرين يوم 28/1/2011 بميدان التحرير بالقاهرة. وذكرت المحكمة أن اللواء عمر محمد سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق شهد أمامها بأنه وحال تقلده منصب رئيس جهاز المخابرات العامة رصد الجهاز أن مظاهرات سوف تحدث يوم 25 يناير 2011 فقام بعرض ذلك الأمر على رئيس الجمهورية السابق المتهم الأول فأشار بعقد اجتماع لبحث هذا الموقف وتم اجتماع يوم 2011/1/20 برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وحضره الوزراء المعنيين لدراسة كيفية التعامل مع هذا الحدث، وأنه من المعتاد أن من يترأس الاجتماع يخطر رئيس الجمهورية بما أسفر عنه. وأضاف سليمان -في شهادته أمام المحكمة- أن بعض العناصر الأجنبية والإجرامية قامت بتهريب الأسلحة وتواجدت بين المتظاهرين وتشابكت مع الآخرين، وأنه أبلغ رئيس الجمهورية السابق بتداعي تلك الأحداث. كما شهد المشير محمد حسين طنطاوي أمام المحكمة بأنه تم بينه وبين والمتهم الأول رئيس الجمهورية السابق عدة لقاءات لتدارس موقف التظاهرات وما نجم عنها من تداعيات وأنه اتصل بعلمه ما وقع يوم 28 يناير من سقوط قتلى ومصابين في صفوف المتظاهرين بميدان التحرير بالقاهرة ورجح أن تكون عناصر خارجة عن القانون قد تدخلت في الأحداث. وأضاف المشير أمام المحكمة أن من واجب رئيس الجمهورية أن يصدر أوامر أو تكليفات وفقا لسلطاته الدستورية والقانونية للمحافظة على أمن وسلامة الوطن وعلى وجه العموم فكل مسئول يعلم مهامه والمفروض أن يقوم بتنفيذها. واستطرد طنطاوي في شهادته من المفروض أن وزير الداخلية المتهم الثاني أبلغ الأول (مبارك) بما حدث من تداعيات وأنه من غير الممكن أن رئيس الجمهورية - المتهم الأول - لايعلم بما وقع من أحداث باعتبار أنه الموكل إليه شئون مصر والحفاظ على أمنها وسلامتها وسلامة شعبها. وذكرت المحكمة أن اللواء منصور عبدالكريم عيسوى -وزير الداخلية السابق- قد شهد أمامها بأن على رئيس الجمهورية - المتهم الأول - وفق سلطاته الدستورية والقانونية أن يحافظ على سلامة وأمن الوطن، ومن هذا المنطلق عليه أن يصدر ما يراه لازما من أوامر أو تكليفات من شأن ذلك. وأضاف عيسوي أمام المحكمة بأن كافة المعلومات عن الأحداث التي جرت فيما بين 25 يناير حتى 28 يناير 2011 تصب في النهاية لدى وزير الداخلية المتهم الثاني بصفته الوظيفية، وأوضح أن الواقع الفعلي للاحداث على الطبيعة كان يقتضي من ذلك المتهم - بصفته وزيرا للداخلية - أن يتخذ الإجراءات والقرارات مما يحول دون استمرار أو تفاقم الأحداث. وشهد اللواء محمود وجدي وزير الداخلية الأسبق أمام المحكمة أن الأحداث التي وقعت بميدان التحرير بالقاهرة من وقائع قتل وإصابة لبعض المتظاهرين السلميين المتواجدين بالميدان كانت نتيجة فوضى عارمة شاملة أحدثتها عناصر إجرامية عديدة ومتنوعة أدى تراخي اتخاذ القرار بنزول القوات المسلحة في التوقيت المناسب إلى وقوع المزيد من القتلى والمصابين في صفوف المتظاهرين السلميين آنذاك فضلا عن ذلك فإن المتهم الثاني وزير الداخلية الاسبق قد تقاعس عن إتخاذ الاجراءات الأمنية اللازمة التي تقتضيها ظروف الحالة للمحافظة على المتظاهرين السلميين المتواجدين بالميدان. وقالت المحكمة: "إن المتهم الاول وهو المسئول الاول بصفته رئيسا للجمهورية أدى اليمين القانونية الدستورية أمام الشعب بحماية الوطن والمواطنين لم يكلف خاطره ويبادر بالظهور فورا لحظة إندلاع التظاهرات يوم 25 يناير 2011 وقد علم بحدوثها قبل ذلك بأيام عدة ليتخذ من المبادرات والقرارات مايهدىء من روع الشباب الثائر المطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم". وأكدت المحكمة أن مبارك ترك المتظاهرين عامدا لتنهش العناصر الإجرامية المتواجدة بينهم أجسادهم فقتلت من قتل وأصابت من أصيب، فحقق بذلك ما أراد له من نتيجة إجرامية كما امتنع المتهم الثاني (حبيب العادلي) بصفته المسئول دستوريا وقانونيا عن حماية الأمن الداخلي للبلاد كوزير للداخلية وقد علم يقينا عن طريق أجهزته بالوزارة قبل يوم إندلاع التظاهرات أن يتخذ ما يراه مناسبا ولازما في استطاعته يوم 25 وحتى 28 يناير 2011 من قرارات واحتياطيات للحفاظ على أرواح المتظاهرين السلميين بميدان التحرير بالقاهرة فتركهم عمدا نهبا لافتراس العناصر الاجرامية لهم ليحقق مأربه قاصدا النتيجة الإجرامية بقتل البعض منهم وإصابة البعض الآخر. وأشارت المحكمة إلى أن كل هذه الأفعال الإجرامية من المتهمين مبارك والعادلي قد صدرت منهما ابتغاء تحقيق مآرب معينة للاحتفاظ بمنصبهما الرئاسي والوزاري فأحجما وإمتنعا عن الفعل الايجابى المفروض عليهما لأنهما أرادا ذلك وقد كانا في وسعهما أن يأتيا الأفعال الإيجابية لمنع حدوث النتيجة التي أرادها بامتناعهما، فتحقق بذلك في حقهما المسئولية الجنائية عن جرائم القتل العمد والإصابات موضوع التداعي الأحداث بقصد تحقيق نتيجة قتل وإصابة بعض المتظاهرين في ظروف جاشت بالاضطراب وجمع بينها الغضب. وأكدت المحكمة إنه قد استقر في يقينها عن جزم ويقين بما لا مراء فيه ولا شك وبما لا يخالجه ثمة عوار أو تذبذب يقينا ثابتا قويا لا ينال منه قول أو قائلة أن المتهمين الأول محمد حسني السيد مبارك -رئيس الجمهورية السابق- والثاني حبيب إبراهيم حبيب العادلي -وزير الداخلية الأسبق- قد ثبت في حقهما ما أسند إليهما من اتهام بالقتل العمد والشروع فيه وإصابة بعض المتظاهرين السلميين على النحو الوارد آنفا. وذكرت المحكمة أنها تثبتت من أن مبارك والعادلي قد اشتركا مع مجهولين بطريق المساعدة فى الشروع في قتل المجني عليه محمد عبد الحي حسين عمدًا، وآخرين من المتظاهرين السلميين بميدان التحرير بمدينة القاهرة والمدون أسماؤهم بالتحقيقات بأن امتنعا وأحجما عن إصدار القرارات واتخاذ التدابير اللازمة التي تحتمها عليهما وظيفتيهما سالفي البيان وفي التوقيات الواجبة لاتخاذها حفاظا على مصالح الوطن ورعاية المواطنين وحماية أرواحهم.