محمود محمد قال محللون سياسيون وأمنيون صوماليون أن دعوة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى حركة الشباب في الصومال إلي مواصلة القتال هي محاولة لرفع معنويات المقاتلين المحبطين وغير الواثقين من مستقبل علاقتهم بتنظيم القاعدة. وأصدر الظواهري يوم الجمعة، 11 أيار/مايو، شريطاً مصوّراً دعا فيه الحركة المرتبطة بالقاعدة إلى تجاهل جهود السلام الدولية واستخدام أساليب حرب العصابات ضد القوات الإقليمية في الصومال. ويرى محللون أن توقيت الرسالة الذي يأتي بعد نشر وثائق وجدت في مخبأ بن لادن في باكستان يشير إلى أن الظواهري حاول صرف الأنظار عن الرسائل التي كتبها بن لادن والتي كشفت عن علاقات متوترة بين الزعيم السابق للتنظيم وحركة الشباب. من جهته، قال المحلل السياسي عثمان محمود "التوقيت واضح بجلاء، فالظواهري حاول صرف الانتباه عما كشفته تلك الرسائل من تفاصيل مثيرة وفضائح وعلاقات متوترة بين التنظيمين". وكان الزعيم السابق لتنظيم القاعدة قد دعا في رسالة مؤرخة في 7 آب/أغسطس 2010 زعيم حركة الشباب مختار أبو الزبير إلى تجنب الإعلان صراحة عن الارتباط بالتنظيم، محذراً أن الإعلان عن الارتباط بالقاعدة سيدفع التجار العرب إلى التردد في مساعدة الشعب الصومالي وسيؤدي إلى توتر العلاقة بين المسلحين والصوماليين. وقال عمر طاهر، مدير مركز الوسطية والحوار، ومقره في مقديشو، "من الواضح أن زعيم القاعدة أراد من هذا التسجيل الموّجه إلى حركة الشباب تبديد المخاوف وتخفيف التوتر والإحباط الذي أثارته وثائق بن لادن، كما أنه يسعى إلى التأكيد مجدداً على أن العلاقات بين تنظيم القاعدة والشباب جيدة". وأضاف ضاهر أن الظواهري يهدف من هذه الرسالة إلى "إعطاء الإلهام لعناصر حركة الشباب التي أصيبت مؤخراً بنوع من الشلل بسبب الحملات العسكرية ضدّها". وكان الظواهري قد حث في الشريط المصور حركة الشباب على مواصلة القتال وعدم الخوف من الغارات الجوية، حيث يسأل في الشريط "يا أسود الصومال ماذا أنتم فاعلون؟ هل تتخلون عن الفريضة العينية وتركنون إلى الذين ظلموا وتتخذونهم أولياء فيحل عليكم ما توعدكم به ربكم؟". وأضاف الظواهري "قاتلوهم بأساليب حرب العصابات لتبيدوهم وتدمروهم وتنسفوهم". محاولة لرفع المعنويات ويعتقد المحلل السياسي عبد الرحمن حسين أن الظواهري يدرك تماماً ضعف الموقف العسكري لحركة الشباب، ولذلك يحاول إعطاء دفعة معنوية لعناصرها. وقال حسين لموقع صباحي" إن هذا الفيديو الجديد الذي أطلقه الظواهري متوجهاً فيه إلى حركة الشباب لم يشكل أي مفاجأة. واللافت فيه هو أن زعيم القاعدة يحاول مجدداً إعطاء دفعة معنوية لمقاتلي الشباب، من أجل أن تستعيد الحركة أنفاسها الأخيرة مرة أخرى". وأضاف" تأتي هذه الرسالة من الظواهري في وقت تعاني فيه حركة الشباب من نكسات متتالية على الأرض وتراجع كبير في قدراتها العسكرية"، لافتاً إلى أن "دعوة الظواهري الشباب إلى اللجوء لتكتيك حرب العصابات، دليل على أنه يدرك الموقف العسكري للشباب والانتكاسة الكبيرة التي تعانيها الجماعة، ولذلك فإنه يحاول تشجيعها على تنشيط عملياتها الإرهابية، لأنه لا يريد أن تلفظ الحركة أنفاسها الأخيرة بعد وقت قصير من انضمامها للقاعدة". وهذه هي المرة الثانية التي يوجه فيها الظواهري رسالة مصورة إلى حركة الشباب منذ إعلانه رسمياً عن اندماج حركة الشباب مع تنظيم القاعدة في شباط/فبراير الماضي. الحكومة الصومالية ترد على رسالة الظواهري وفي أول رد على زعيم القاعدة أيمن الظاهري، قال رئيس جهاز المخابرات الصومالي أحمد معلم فقي إن "كلام الظواهري لا يعني لنا شيئاً. نعتبر هذه الرسالة التي وجهها الرجل لأتباعه في الصومال (حركة الشباب) مجرد محاولة جبانة من زعيم يائس". وأضاف فقي في تصريح ل"راديو مقديشو"، الإذاعة الرسمية للحكومة الاتحادية الانتقالية، "إن الشباب والقاعدة هما العدوان الوحيدان للشعب الصومالي". وتساءل فقي "ما الذي قدمته القاعدة والشباب للصوماليين سوى القتل والدمار وسفك دماء الأبرياء؟". وتابع قائلاً إن القوات المسلحة الصومالية بالتعاون مع الشعب الصومالي "مستعدة لمطاردة الشباب والقاعدة وطردهما من الصومال". وفي الوقت نفسه، دعا رئيس جهاز المخابرات الصومالي مقاتلي حركة الشباب إلى إلقاء السلاح والانضمام لعملية السلام، كما دعاهم إلى الاعتذار من الصوماليين الذين تضرروا من أفعالهم. وقال إن "ما يقوم به أتباع القاعدة في الصومال من أعمال منافية لمبادئ الإسلام والأخلاق مؤسف". محاولة لتخريب حياة الصوماليين من جهته، أشار المحلل الأمني والعقيد المتقاعد في الشرطة الصومالية، آدن عبدالله محمد، إلى أن زعيم القاعدة الظواهري يسعي إلى تخريب حياة الصوماليين الذين كانوا وما زالوا يعانون حالة من الفقر والحرب منذ 20 عاماً، وأنه يحث أتباعه على تقويض الجهود المحلية والإقليمية الرامية إلى إحلال السلام في الصومال. وقال "إن هذا التحريض الذي أطلقه الظواهري أمر مؤسف. إنه يريد أن يعيدنا مرة أخرى إلى الحروب والفوضى وعدم الاستقرار". وقال محمد لموقع صباحي" من الممكن أن يحاول المتطرفون تنفيذ اعتداءات إرهابية استجابة لدعوة الظواهري، لذلك يجب على الأجهزة الأمنية أن ترفع يقظتها". ودعا محمد الشعب الصومالي إلى التنديد بهذا التحريض الذي أطلقه زعيم القاعدة ورفضه. وقال "الصومال لا يحتاج إلى إراقة المزيد من دماء الأبرياء، كما أنه لا يحتاج إلى تحريض طرف على آخر، بل يحتاج إلى سلام واستقرار وإلى دعم الجهود الجارية لإرساء السلام في البلاد". واتهم محمد زعيم القاعدة بالتدخل في شؤون الصومال. وقال "ندعو زعيم القاعدة إلى التخلي عن شؤوننا. الصوماليون يعرفون مستقبلهم ومستقبل بلادهم، وليس من حق الظواهري التطاول علينا". شريط الظواهري لن يفيد حركة الشباب من جانبه، يرى الإعلامي والكاتب في شؤون الحركات الإسلامية، إبراهيم عبد الله أن الفيديو الذي أرسله زعيم القاعدة لن يغيّر في واقع الأمور شيئاً. وقال عبد الله لموقع صباحي "حركة الشباب تمر في مرحلة صعبة ووضع حرج لا تحسد عليه، وذلك بسبب الهزائم العسكرية التي تلحق بها يوما بعد آخر، حيث تعمل القوات المسلحة الصومالية وحلفاؤها من الأثيوبيين والكينيين وقوات الأميصوم على تضييق الخناق على الحركة ومن ثم القضاء عليها". وأضاف عبد الله "القاعدة لا تستطيع حالياً أن تمد يدها إلى حركة الشباب في الصومال، لأنها أصبحت عاجزة عن فعل شيء في كل من العراق وأفغانستان واليمن وباكستان، فضلاً عن الصومال البعيد عن مركز القاعدة". وتابع "لهذه الأسباب، فإن رسالة الظواهري للشباب هي للاستهلاك الإعلامي ليس إلا، والهدف منها صرف الانتباه والأنظار عما كشفت عنه وثائق بن لادن". نقلا عن موقع الشرفة