السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا محتارة ومتلخبطة؛ أنا متجوزة من فترة بسيطة حوالي شهور؛ حياتي كانت منغلقة قبل ما أتجوز، يا دوب على قدّ أصحابي وأهلي، عمري ما دخلت -ولله الحمد- في أي علاقات؛ وده بفضل التربية الدينية اللي نشأت عليها. والدتي ربّتني على مبدأ القناعة كنز لا يفنى، وقاموسنا مايعرفش كلمة اشمعنى، وأقدر أقول إني محبوبة جدا من كل اللي حواليّ بفضل الله.. طب المشكلة فين؟ المشكلة إني بعد ما اتجوزت حسيت إني دخلت عالم غريب جدا، وده لأن عيلة جوزي منفتحين حبتين ومشكلتي بالتحديد هي أخت جوزي؛ فهي عايشة الحياة بالطول والعرض وكل اللي في دماغها بتعمله وماحدش بيقول لها بم. حتى جوزي باحس إنه أوقات متشدد معايا وممكن يخنقني لكن معاها مايقدرش يتكلم؛ أنا بحبها وهي بتحبني لكن أسلوب حياتها موترني وخلّت الشيطان يسيطر عليّ ويحسسني إني كنت محبكة أوي وإني ماعرفتش أستمتع بحياتي. واللي مزعلني إني عمري ما كنت كده، وعمري ما بصيت لحد، وكمان الأول ضيقي مش كان بيبان بس بقيت مابحبش أجتمع معاها، حاسة إنها واخدة حقها بالطول والعرض، وبتمشي كلامها على كل اللي حواليها. لو عايزة تروح مكان مفيش استئذان، تحس كأنها بتدي أمر وأهلها لازم ينفذوا؛ هي مخطوبة من فترة وممشية خطيبها على كيفها؛ هي كانت تعرف ناس قبل خطيبها، ومن ضيقي الشيطان بيلعب في دماغي إني أبعت صورها دي لخطيبها عشان يعرف حقيقتها بس أرجع وأقول حرام أعمل كده. ساعدوني أخرجها من دماغي وأعيش حياتي من غير ما أحس بوجودها وآسفة إني طولت عليكم.. nemomy
قراءتي لرسالتك يا عزيزتي أعادت على ذاكرتي حادثة مرت علي منذ أكثر من 13 عاما مضت، حيث كان لي صديقة تعرفت عليها عندما انتقلت لمدرستي الجديدة في الصف الأول الثانوي.. حين كنت ملتزمة قولا لا فعلاً أعيش الحياة بطولها وعرضها، أستمتع بالحياة أو هكذا كنت أظن، لا أرتدي ما يمليه علي ديني... إلخ! حتى التقيتها.. هي فتاة تبدو عادية ولكن بها شيء يأسرك من النظرة الأولى؛ فهي مطمئنة أكثر منها هادئة.. وهو شعور لم أكن أعرفه قبلا.
تصادقنا وفي خلال ثلاث سنوات هي عمر المرحلة الثانوية كانت هذه الفتاة سببا من أهم أسباب تحولاتي الجذرية في الحياة.. وحتى لا أطيل عليك سأذكر لك لمحتين فقط من هذه القصة؛ الأولى: عندما كان معظم من حولي يتحسرون على حالهم، ويتمنون أن يعيشوا حياتي الحرة المليئة بالمباهج ومتع الحياة كما يظنون، كنت أنا على الجانب الآخر من الشطّ أنظر لهذه الفتاة وحياتها التي تبدو منغلقة، ولكنها في حقيقة الأمر منفتحة على عالم أروع وأكبر وأجمل من الزيف الذي كنت أعيشه.
الثاني: بعد أن انتهينا من المرحلة الثانوية انتقلنا للجامعة، وللعجب وعلى الرغم من اختلاف أقسامنا في الثانوية العامة بين الأدبي والعلمي، وعلى الرغم من أشياء أخرى كثيرة على رأسها المجموع، فإننا دخلنا جامعة واحدة وكلية واحدة بل وقسم واحد، والأكثر عجبا فقد جمعنا مدرج واحد على الرغم أيضا من اختلاف حروفنا الأبجدية تماما!
وبعد أن بدأنا المرحلة الجامعية انتظر بعض من زملائي ممن كانوا يعرفونني في المدرسة أن أعود لسابق عهدي من الحياة الحرة والانطلاق؛ لاعتقادهم أن التحول الذي أصابني هو أمر طارئ وليس أصيلا، ولم يتصور أحد لحظة واحدة أن صديقتي الملتزمة المطمئنة التي كنت أعتبرها نبراسا لكل من يريد أن يعرف طريق الله من الممكن أن تغيّر المسار.. نعم لقد انبهرَت بما رأته من حولها، وبدأت تشعر بأنها لم تستمتع بحياتها، وأنها كانت مدفونة... إلخ!
وفي رغبة مني لردّ الجميل ناقشتها وذكّرتها بأكثر الأشياء التي قالتها لي وعلمتني إياها، فكان ردها الصادم: "أنا عشت حياتي كلها وأنا مابعملش حاجة غير الصح.. نفسي بقى أجرّب الغلط وأعيش حياتي شوية.. اشمعنى أنا ما كل الناس عايشة حياتها"!!
نعم يا عزيزتي.. إنها ذات الفتنة التي تعيشينها الآن.. الفتنة التي تصيب عادة المتقين الملتزمين الذين عرفوا طريق الله وذاقوه وساروا فيه.. من غيرهم سيحاول معه الشيطان أن يزيّن في عينه ملذات الحياة التي هي في الحقيقة علقم الحياة.. من غيرهم؟
ما تشعرين به من حسرة وضيق كالنار التي -مع الأسف- ستلتهمك أنت أولا إذا لم تستعيدي نفسك وإيمانك.. وليبدأ هذا بتخيلك لهذا السيناريو.. ماذا لو كان بيننا رسولنا وحبيبنا محمد -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آل بيته الكرام الأطهار- هل كان سيحبّ ما تفكرين فيه الآن؟ هل كان سيرضى عن الحياة التي تعيشها أخت زوجك ويسعد لها، بما أنها مستمتعة بالحياة طولا وعرضا؟ هل كان سيوافقك على فكرة إرسال صور أخت زوجك وفضحها وكشف سترها حتى ولو كانت مخطئة؟؟
عزيزتي.. كل من يسير على طريق الله معرض للفتنة وللابتلاء، فهاتان هما العقبتان اللتان إذا تغلبنا عليهما ارتفعنا وارتقينا ونعمنا من القرب لله.. تماما كما علّمنا رسول الله في حديثه الشريف حين قال: "إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء، وهو أعلم به، كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار، فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز، فذلك الذي نجاه الله من السيئات، ومنهم من يخرج كالذهب الأسود فذلك الذي قد افتتن، ومنهم من يخرج كالذهب دون ذلك، فذلك الذي يشك بعض الشك".
فأيهم ستكونين يا عزيزتي.. عليك أن تختاري قبل أن يفوت الأوان.